الفصل 2

1.8K 36 1
                                    

-2-

اراضي كنساس الخضراء ترحب بها في موطنها الثاني الذي اشتاقت له كثيرا حيث تركت اجمل الذكريات في المنزل الصغير المليء بالحب و شقاوة الاطفال و رائحة النعناع الخاصة بجدتها..و حديقة جدها الخضراء .. و سيارته القديمة .. حجرتها , فساتينها ,البحيرة , الارجوحة... و كل ما يحمل اجمل معنى في حياتها ...ابتسمت لصورتها المنعكسة على زجاج الطائرة فهذا المكان الذي احتاجت لان تتواجد فيه فترمي بهمومها و تعبها في البحيرة الصغيرة و تريح جسدها و نفسيتها تحت اشعة الشمس الدافئة بعيدا عن مطر اكسفورد و شوارعها المبللة... ارخت رأسها على الكرسي بينما حطت الطائرة في مطار كنساس ...
كانت واقفة عند الباب الخارجي عندما رفعت يدها لتنظر و تلفتت تبحث عن شخص مؤلوف اتى ليصطحبها و نعم وجدته كانت ليلي تركض باتجهاها لتغبطها بقوة كادت تكسر ضلوعها بادلتها كايت العناق و البكاء فهي لم تراها منذ ثمان سنوات
- " اوه كايت عزيزتي .. اشقت لك بدرجة لا تتصورينها "
تكلمت كايت بصوت حزين و متألم
- " و انا كذلك يا ليلي اشتقت لك و لجدتي و سكوت و المنزل و الحديقة الصغيرة و البحيرة و كل قطعة هنا اشتقت لها "
ابتسمت ليلي و هي تمسح دموعها و كأنها طفلة صغيرة
- " حسنا هيا اذا فكل قطعة تنتظرك .. "
قادت السيارة الى (اوتاوا) التي تبعد ساعة عن المطار تقريبا لم تسكت ليلي طول الطريق كانت تحدثها عن حال جدتها و عن مرض جدها المفاجيء الذي قضى اسبوع في المستشفى و من بعدها لاقى حتفه دون سابق انذار ... كما سألت كايت عدة أسألة متعلقة بعملها و مديرها و اصدقائها .. و كايت كانت تجيبها و هي غير مصدقة بأنها مع قريبتها المفضلة ليلي التي لم تتغير منذ ثمان سنوات فهذه هي بشعرها الذهبي القصير و عيناها الواسعتان الزرقاوان و قامتها الطويلة الممتلئة بعض الشيء لكنه يضفي عليها شكلا انثويا .. و مازالت ترتدي الفساتين التي بلا اكمام و الضيقةعند الصدر و الواسعة عند منطقة الوركين انه جميل عليها و اصبح جزء من شخصيتها المرحة و العفوية .. ركنت السيارة في الكاراج الصغير و اسرعت كايت بالنزول من السيارة لتنظر حولها و ترى المنزل الابيض الذي قضت به أروع اللحظات و تركت به اجمل الذكريات البريئة قد اصبح رمادي متآكلة أطرافة تشققت زواياه كأنه مهجور ..التفتت ناحية الحديقة التي كانت خضراء و مثمرة قد تحولت الى ارض جدباء صفراء لا حياة فيها تحاكي ذلك المنزل الرمادي المخيف و سيارة جدها القديمة تكمل الصورة الكئيبة آلمها قلبها فما يحدث هنا شيء محزن شيء لم تعتاد على وجوده فهذا المكان قد حواه الحب و ملأ ارجائه الضحك و المرح دمعت عيناها لهول المنظر الذي رأته لكنها سرعان ما مسحت دموعها عندما رأت المراة العجوز الهزيلة تخرج لاستقبالها بالاحضان ركضت الى احضان جدتها و بكت على صدرها الحنون الذي لطالما نامت عليه و هي تستمع الى قصصها و اغانيها المؤثرة شمت بجدتها رائحة النعناع التي ذكرتها بايام جميلة اخذت كف جدتها و قبلته ثم قبلت رأسها الابيض تكلمت بتلعثم و هي تحضن جدتها بقوة
- " انا .. جدتي ..انا اسفة ... لقد اشتقت له كثيرا و.. كنت.. اتمنى ان اراه لكن..."
منعها بكاؤها من الكلام لكن جدتها بدت اقوى منها و رفعت رأس حفيدتها لتبتسم لها و تقول لها بعينيها ان جدها اشتاق لها ايضا ولا داعي للبكاء الان فما حدث اصبح من الماضي و ان جدها مازال معهم بروحه الطيبة , مسحت دموعها بيدها و طبعت قبلة على وجنتيها ثم جرتها بهدوء للداخل و اجلستها على الطاولة بالمطبخ هذا المطبخ الذي لم يتغير منذ سنوات بلونه الخشبي .. وضعت امامها بسكويت و قهوة ساخنة مما جعل كايت تقهقه
- " لقد تذكرتي بسكويتي المفضل .. كم احبك جدتي "
تكلمت ليلي بصوتها العالي تحاول ان تبعد الجو المشحون بالذكريات السالبة
- " بدات اشعر بالغيرة من كايت يا جدتي "
ضحكن لتعليقها الذي اتى بالوقت المناسب ليلطف الجو الحزين
بعدها جلست كايت تحدثهن عن عملها و روتينها اليومي و عن السيد كوبر كيف لا يقوم بشيء وحده و ما هي بالنسبة للشركة .. كانت تلتفت بين حين و اخرى الى جدتها و ترى وميض الاعجاب و الفخر بعينيها اللتان اخذ الدهر بريقهما و سحرهما ..

رواية رائعه بعنوان : أيهما أنت _ ماري بروك _ روايه ايهما انت كاملة لمارى بروكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن