الفصل 6

1K 26 0
                                    


-6-

حطت الطائرة بمطار اكسفورد بصباح اليوم الثاني اخذت سيارة اجرة متجهه الى منزلها في قلب اكسفورد الى المكان الصاخب بدوي السيارات و اصوات الشاحنات و ارتفاع البنيان و زحمة الناس و رائحة الحافلات و الغاز .. و الشوارع المبتلة المليئة بالبرك الصغيرة بفعل الامطار.. صراخ الاطفال و الصبيان .. و كل ما هو مزعج .. اذن رجعت للازعاج و الم الرأس و الاستيقاظ باكرا و صوت ( كوبر) و فضول (جورج) و المشاريع .. العملاء .. الزبائن .. الموظفين .. الملابس الرسمية .. قهوة الصباح .. التوتر .. العصبية .... الحياة الواقعية الروتينية (باختصار)

القت بنفسها على فراشها في منزلها هذا هو اكثر شيء اشتاقت له تلحفت بالغطاء لتنام براحة فقدتها منذ ايام فغطت بسبات عميق حتى المساء عندها فزت من سباتها الهانيء اغتسلت و رتبت اغراضها و ملابسها في الخزائن قامت بتنظيف المنزل الذي اكتسحه الغبار ثم بدلت ملابسها و خرجت من المنزل نظرت الى الساعة المعلقة على حائط المطبخ الساعة تشير الى الثانية عشرة مساء لكن بأكسفورد تبدو و كانها الثامنة قادت سيارتها حتى الجمعية في اخر الشارع.. ملأت العربة بكل حاجيات المنزل من طعام و ادوات تنظيف الى اغراض شخصية , ثم توقفت عند ركن الصحف و المجلات لفت نظرها في اول صفحة من جريدة اليوم كلمة بالخط الاسود العريض
( شكاوي .. رشاوي .. في مؤسسة كوبر للهندسة المعمارية ) قرات الجملة مرة و مرتين و كأنها لم تستوعب ما قرات .. تمتمت لنفسها
- " ماذا حدث بغيابي ؟ "
اخذت الجريدة بيدها ثم اتجهت الى البائع دفعت ثمن المشتريات و حملتهم الى دولاب سيارتها بعدها انطلقت الى المنزل و بالطريق كانت تفكر بذلك العنوان الذي اقلقها بقدر ما ازعجها اسرعت بادخال الاغراض الى المنزل ثم اخذت الجريدة و بدات تتصفحها قرأت المقالة التي تحدثت عن (اهمال الموظيفين في اداء الاعمال و تسيب بالعمل و قبول البعض رشاوي مما جعل المدير العام السيد مارتن كوبر طرد مجموعة كبيرة من الموظفين )
ثم نزلت الى اخر الصفحة لقرأ ( خسارة المؤسسة العديد من الاموال قد تؤدي الى افلاسها و خروجها عن العمل بسبب الشكاوي الموجه اليها و التي لم يستطع كبار المسؤولين حلها مما قد يؤدي بالمستقبل القريب الى اغلاق الموسسة التي بقيت الاولى و الرائدة في مجال المشاريع الهندسية طيلة الخمسين عام بفضل مؤسسها الاول السيد كارلتون كوبر ....)
شعرت بالضيق فمن اين تأتي المصائب .. ما الذي يحدث ..
تقلبت بفراشها فلم تستطع النوم كعادتها استيقظت و ارتدت بذلة رسمية مكونة من جاكيت رمادي و تنورة رمادية بينهما قميص ابيض له شريط من الستان على الخصر كا رفعت شعرها الاحمر و ارتدت قرطين فضيين و لم تضع أي شيء من مساحيق التجميل حملت اوراقها بين يديها و خرجت من الباب ليبدأ الرويتن الذي اعتادت عليه طيلة الخمسة سنوات توقفت عند مقهى لتاخذ ثلاثة فناجين لها و ل ان و للسيد كوبر .. ثم انطلقت الى العمل و وصلت مع فتح الابواب .. ابتسم لها رجل الامن
- " انسة فورمر .. اهلا بعودتك "
- " شكرا لك "
دخلت الردهة بهيبتها المعتادة فالتفتت عيون الموظفين عليها و اقتربوا منها مشكلين حلقة حولها
- " كايت مرحبا "
- " اهلا بعودتك "
- " اشتقنا لك ..."
دخل السيد كوبر ليرى تجمع الموظفين عند المدخل الرئيسي للمؤسسة فاقترب ليحاول الوصول الى المنتصف حيث تقف كايت مبتسمة ترحب و تشكر الموظفين لحسن استقبالهم لها كانت تضحك عندما التفتت لتلتقي عيناها به عندها اسرعت لتضمه
- " سيد كوبر .."
حركة لا شعورية منها ..ربت على كتفها و بالكاد ابتسم فالتعب مرتسم على ملامح وجهه الهادئة و كان كبر عشر سنوات
- " و اخيرا يا كايت "
مدت القهوة التي بيدها له
- " انها لك "
- " احبها منك انت فقط "
ضحكت و تبعته الى مكتبه بهدوء مشت بالقرب منه حتى فتح الباب و اغلقه جلست امامه تنظر الى الشحوب الذي اعتلى محياه تحدث بصوت طغى عليه الحزن
- " لقد تأخرت بالرجوع يا كايت .. افتقدتك كثيرا .. اعلمت بما حدث ؟"
اومات برأسها و بادلته نظرة الحزن
- " لقد قرات ذلك بالامس لكني لا اصدق ما كتب .. اخبرني انت ما الذي حدث ؟"
- " بماذا ابدأ يا كايت .. من اول يوم لرحيلك بدأت المشاكل .. ان هذه المؤسسة تعتمد عليك بشكل كبير ليتني لم ادعك تغيبين "
شعرت بأن الذنب بكل ما حدث ذنبها فانزلت رأسها
- " اعذرني يا سيد كوبر .. هل من اصلاح ؟"
- " لا اعتقد .. فالوقت متأخر جدا للاصلاح و الشركة على وجه الافلاس و الاقفال "
- " ماذا عن مشروع السيد ماكموهن ؟ انه سيدر اموال علينا و قد ننقذ بذلك الشركة من الافلاس و نعود الى انجاز المشاريع الكبيرة التي قد تساعد على رفع الاسهم لا تتيأس يا سيد كوبر فكل شيء على ما يرام"
برقت عيناه بمجرد ذكر اسم السيد ماكموهن و كلامها الذي يبعث فيه حب المثابرة و العمل
- " هذا اذا لا يزال عرضه قائم.. بينما المشاريع الكبيرة قد لا تاتي الينا بسبب سمعة الشركة "
- " لا يستطيع ان يلغي العقد المختوم سيد كوبر .. كما انني انهيت المشروع .. و بالنسمة لسمعة الشركة فمن قال لك بأنها هبطت .. "
رأت شبح ابتسامة تظهر بين الحزن الباد على عينيه عندما مدت يدها عبر الطاولة تسمله المشروع بكافة الاوراق و المستندات
- "اخبري الجميع بأن سيكون هناك اجتماع لكافة العاملين و الموظفين ..."
ابتسمت بسعادة فقد عاد الى وجهه البريق و هذا هو السيد كوبر الذي اعتادت ان تعمل معه طيلة السنوات الفائتة .. اردف قائلا بحنين
- ا هلا بعودتك كايت "
ابتسمت له ثم وقفت لتخرج من المكتب لتخبر السكرتيرة بأن سيعقد اجتماع لكافة العاملين بعد ساعتين ( اجتماع طاريء )
عندها دخلت مكتب ان التي وقفت غير مصدقة عينيها صرخت و قفزت و هي تحتضن كايت
- " يا الهي .. لا اصدق .. كم اشتقت لك يا عزيزتي "
جلست كايت امامها و دون ان تتوقف عن الابتسامة و الضعط على يد ( ان )
- " اخبريني كيف كانت رحلتك ؟ "
- " رائعة "
- " اهذا كل شيء ؟ اخبريني بالتفاصيل "
- " للاسف ليس لدي الوقت لذلك الان لكني اوعدك بأن اخبرك بكل شيء اليوم على وجبة العشاء في منزلي "
- " حسنا حسنا .."
- " اراك بالاجتماع .. الان سيبدأ العمل الحقيقي المتعب فهل انت مستعدة "
- " دائما "
ضحكت و هي تخرج من باب مكتب (ان ) و بالطريق رأت جورج يتكلم بحدة مع احدى الموظفات و يلقي بالاوراق بوجهها عبست و اقتربت منه
- " ماذا يجري هنا ؟"
التفتت جورج اليها فتبدلت ملامح وجهه المتجهمة لتكسوها ملامح التعجب و الاعجاب و الاشتياق لكايت
- " كايت .. يا لها من مفاجأة سارة ؟ متى وصلت ؟"
ارخت اعاصبها قليلا و اصطنعت ابتسامة صغيرة
- " بالامس .."
- " مرحبا بك .. افتقدناك "
اقترب منها ليحضنها ترددت لكنها رضخت للواقع و بادلته عناق صغير
- " شكرا لك .."
ثم التفتت لتلك الموظفة التي كان جورج يصرخ بوجهها ان تتبعها الى الداخل
- " اراك جورج بالاجتماع "
- " لك ما شئت "
ظل واقف ينظر اليها حتى دخلت المكتب و اغلقت الباب و قبل ان تتبعها الموظفة جذبها من ذراعها و نظر اليها بنظرة تهديد
- " لن تخبريها بشيء و الا ..."
عندها ترك يدها بعنف و ابتعد دخلت الموظفة مكتب كايت و اغلقت الباب ابتسمت لها و اشارت لها بالجلوس
- " انت موظفة جديدة اليس كذلك ؟"
- " نعم "
- " ماذا كان يريد جورج منك ؟ "
- " لا شيء سيدتي "
- " كايت .ناديني بكايت.."
- " حسنا .. كايت"
- اانت متأكدة بانه لا يريد شيئ ؟"
- " لقد طبعت اوراق خاظئة فثار علي هذا كل ما في الامر .. ارجو المعذرة "
- " لا بأس .. هناك مشاكل تحدث بالمؤسسة و اود ان اطلع على كل شيء "
- " صحيح .."
- " لك ان تذهبي "
عندها خرجت الموظفة و اغلقت الباب لتدع كايت تبدأ بالعمل جمعت كل المشاريع التي قامت بها المؤسسة خلال ثلاثة اشهر لتعيد دراستها و التدقيق عليها و اكتشفت العديد من الاخطاء من موظفين طردوا من قبل السيد كوبر كما قامت بالعديد من الاتصالات قبل الاجتماع الذي سيعقد خلال دقائق فاسرعت بجمع كل ما لديها لمناقشته بجلسة تعيد تنظيم اهداف المؤسسة لتعود كما كانت بسابق عهدها ...
دخلت غرفة الاجتماعات الكبيرة جلست بجانب السيد كوبر الذي افتتح الاجتماع بكلمة صغيرة ثم التفت الى كايت مبتسما
- " و نرحب بعودة ساعدي الايمن و مستشارتي و صاحبة القرار السديد كايت فورمر .. و نخبرها باننا افتقدناها كثيرا لذلك لم نحسن العمل من دونها و نعدها بان كل شيء سيعود كما السابق بل افضل "
شعرت بالسرور عندما صفق العاملين كلهم ووقفوا وقفة احترام و تقدير لكايت احست بان الامور بدات بالتحسن عندما رات نفسية الموظفين و معنوياتهم ترتفع آملين بشيء ينقذ مستقبلهم و مستقبل المؤسسة و هذا ما جعلها تنسى اوتاوا و اليكس و تمضي بحياتها
وقفت و شكرت الجميع و بدات بعرض المشاريع السابقة و كيفية تحسينيها و محاولة عمل اسواق خيرية لانقاذ صندوق الشركة و هذه فكرة جديدة اخذتها من اهالي اوتاوا لكن تطورها بطريقة عمل المؤسسات أي بإقامة معارض لمشاريع قامت الشركة باستحادثها و اعمال اخرى للشركة قد تعيد سمعتها و ترجعها الى السوق و بعدها نقوم ببناء المشاريع الجديدة و نعيد المؤسسة كما كانت..
بعد فترة من الحديث و المناقاسات التي طالت الى فترة متأخرة جدا من اليوم خلت قاعة الاجتماع و بقيت هي و السيد كوبر يناقشون باقي الاشياء المفترضة حتى ذهب الجميع الى منازلهم و بقيت هي معلقة مع السيد كوبر احست باعياء و تعب و انها تريد ان تنهي كل شيء لترتاح و بالفعل تركها تذهب لتلحق على وجبة العشاء التي وعدت ان بها .. نظرت الى هاتفها النقال لتجد مكالمات فائتة من ان و بعض الرسائل القصير التي كتبت باحداها
( أمازال العشاء قائما ؟ )
فأسرعت بالاتصال عليها قبل ان تغير الاخرى رأيها
- " الو آن "
- " و اخيرا يا كايت اجبت "
- " اسفة فأنت تعرفين السيد كوبر .. خاصة و ان الاعمال ..."
قاطعتها الاخرى ملحة بسؤالها
- " نعم نعم اعرف ... ماذا أ هناك عشاء ام ماذا ؟"
ضحكت فهي تبدو جائعة جدا
- " نعم هيا تعالي الي منزلي فلقد اشتقت اليك و الى احاديثك "
- " حسنا انا بمسافة الطريق "

رواية رائعه بعنوان : أيهما أنت _ ماري بروك _ روايه ايهما انت كاملة لمارى بروكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن