الفصل السادس
خيم صمت مطبق فى الغرفه بعد كلمات نيكولو الاخيره كانت كارولين تحدق فى وجهه تنتظر منه ان يبتسم او ليعطى اشاره ما بأن ما قاله مجرد مزحه وبأنها لم تفهمها لكنه فقط تابع النظر اليها وكان يبدو على وجهه البروده وكأنه لم يقدم لها شئ سوى الشراب
تقلصت عضلات وجهها وكأن الامر يتطلب دقه فى المعالجه والبحث لكنه سبب لها من ناحيه ما بعض الراحه النفسيه لانها ادركت اخيرا اى نوع من الرجال قد كان منذ البدايه فهو انسان شديد الذكاء ومميز عن غيره تحايل عليها بمرض جدته عوضا على ان يغالى فى وعوده لها لكن الحقيقه بانت الان جليه وواضحه وكلامه بعدم رغبته بها كان مجرد هراء وادعى بمرض جدته كى لا يخدش او يجرح كبرياءه
مشت كارولين الى طاوله خشبيه مزخرفه لتضع كأسها فوقها وهى تحاول ان تحافظ على اعصابها ورباطه جأشها
- ارجوك ان تمنح جدتك اعتذارى البالغ لها
قالت بصوت قوى وثابت ولم ينم ابدا عن غضبها الشديد:
- قل لها اننى آسفه لاننى غادرت بصوره مفاجئه او اننى استدعيت من اجل شئ ما...قل لها اى شئ لعين ترغب فى قوله
ثم بدأ صوتها يعلو بعض الشئ
- قل لها اى شئ عدا الحقيقه العاريه لانها سيده جليله ولا يمكن ان....
- الى اين تظنين نفسك ذاهبه يا كارولين؟
- اننى عائده الى ميلانو لاننى اعرف هناك على الاقل بماذا ومع من اتعامل
ومشت نحو الباب
- كارولين انك تتصرفين بسخافه
- الى اللقاء يا سمو الامير وكما قلت لك فى مكتب سيلفيو ان هذا قد لا يكون ممتعا لانه....
- غبيه
وسمعت خطواته تلحق بها وكانت قد وصلت الى الباب وبدأت تحاول فتحه لكن يد نيكولو امسكت بيدها وادارها نحوه واغلق الباب بعنف وقال وهو يشدها نحوه:
- ايجب ان تتصرفى دائما بهذا الغباء؟
- افتح هذا الباب!
- سأفعل لكن عندما يروق لى هذا
- افتح الباب او ساعدنى اذا وسوف...
- اقول لك انك تتصرفين بغباء شديد ويتوسع خيالك وتصورك بشكل اضافى عن المفروض
حملقت فى وجهه:
- هذا ما يبعث فعلا على الضحك انت الذى يشغلك التصور والخيال وليس انا فكيف صور لك خيالك باننى...بانى قد...؟
ابتسم عنما بدأت تتلكأ فى كلامها وقال:
- نعم؟
وحرر يدها لكنه اسند الباب بقوامه الرشيق وطوى ذراعيه فوق صدره:
- لا تقولى ان الكلمات تعثرت منك واختفت يا عزيزتى فذلك سيخيب آمالى
- الكلام الذى اختفى منى هو كلام بذئ قد يلطخك كما تلطخ الجدران النظيفه البقع السوداء ولا تنادنى بتلك الصفه لاننى لست عزيزتك او اى كلمه اخرى تعنى شيئا سخيفا
تنهد نيكولو وهو يقول:
- سوف تشعرين بالغباء الشديد عندما تأخذ الامور مجراها الطبيعى يا كارولين
- آه لا لن اشعر بشئ! فإن كنت تظن انك قد تقول شئ يغير ما فى رأيى حول..حول...
قال وهو يبتسم لها:
- ها قد عدت تتعثرين فى كلامك دعينى اساعدك فى هذه الحال
- تستطيع مساعدتى بالفعل عندما تبتعد عن الباب
- ما الذى تعتقدين اننى قدمته يا عزيزتى؟ الفرصه السانحه لتقضى ليلتك معى؟
واتسعت ابتسامته اكثر:
- ولماذا احضرتك من البعيد هل من اجل قضاء ليله ممتعه؟ انك فعلا جذابه يا كارولين لكن هناك العديد من الفنادق فى ميلانو كانت قد انهت قصدى معك... فيما لو كان فعلا هذا قصدى
كانت فى ابتسامه كارولين عنفا:
- لكن قصدك كان فى انك تريدنى لاكثر من ليله
اومأ برأسه قائلا:
-رغبت بأن الازمك الى ما لا نهايه
قالت ساخره :
- انها الحقيقه بعينها وما الذى سأفقده؟ بأن يكون لى غرفه خاصه بى؟ وسياره تحت امرتى وخدمتى؟ وبطاقه ماليه تؤمن نفقاتى؟
قطب نيكولو حاجبيه:
- لم افكر قط بتلك البطاقه ومع انك ذكرتها سأرى متى يمكن تأمينها ربما انت فى حاجه الى شراء بعض لالملابس كى تملأى بها خزانتك
هزت رأسها بعصبيه:
- اكره ان اجرح كبريائك يا نيكولو ومحاولاتك هذه لا اساس لها من الصحه
- ماذا؟
- آه هيا لاتظن بانك اول رجل ان يدعونى دعوه كريمه كهذه؟ كونى لى يا عزيزتى وسوف احقق كل رغباتك
قالت ذلك بقساوه وهى تتعمد السخريه
قال وعلى شفتيه ابتسامه متواضعه:
- سأحاول
- انك تضيع وقتك سأرافق ثعبان لئيم بدلا منك
ضحك نيكولو ليقول:
- كارولين الا ترى انه عليك ان تسمعى عرضى قبل ان تصدرى حكما كهذا؟
- قلت لك ان هذا لا يهمنى حاول مع وكاله اخرى حاول مع فتاه اخرى حاول...
اخذت تلهث عندما اقترب منها وحاولت ان تشد من عزيمتها
قال وفى لحظه تلاشت ابتسامته:
- اهدأى توقفى عن ذلك التصرف الاحمق يا كارولين فلا رغبه لى بأن اكون حبيبك
- طبعا وللهرره اجنحه
عبس وجه نيكولو
- هناك عرض اريد ان اعرضه عليك عرض جدى لك
- يالى من فتاه محظوظه! اتريدنى ان تتخذنى عشيقتك؟ حسنا اخبرك ان ذلك لن يتم ابدا كانت هذه الرحله مضيعه للوقت وتكبدا للجهد وقد اظهرت لى كل لعبه من الاعيب الرجل الثرى..لسيارته وطائرته وقصره الشاهق لكن شيئا من ذلك لم يؤثر بى
وابعدت شعرها عن وجهها لتظهر ملامحه
- اقرأ شفتى يا نيكولو انا لا اريد مرافقتك اتفهم ذلك جيداً؟
- انه نبأ سار لان الذى اطلبه منك قد اصبح ثمنا لرفقه الاميره فقط
فغرت كارولين فاها مندهشه:
- ماذا؟
- اتذكرين الاميره ام ماذا؟ ام انك اجهضت السبب الجوهرى من عقلك والدافع الاساسى لوجودك فى ذلك المكان
احت بأن الدم يغلى فى عروقها الى ان طاف على وجهها:
- اترغب فى ان تقول لى ما الذى تخطط له؟
اسقط نيكولو يده على كتفيها وقال :
- سأقول لك بما انك الان مستعده كى تسمعى ما هى الاسباب
وتوقف وكأنه يستجمع افكاره
- يبدو ان زيارتك لجدتى اتت بنتيجه مهمه
- هذا ما تقوله
- هذا كل ما تحتاج اليه كما اتمناه انا لها لذا اطلب منك البقاء فى روما الى ان تشفى تماما
حدقت كارولين فى وجهه وكأنها لا تصدقه
- انت..انت جاد فيما تقول؟
مشى بعيدا عنها الى طاوله مصنوعه من خشب الكرز فى زاويه الغرفه قال وهو يجلس على كرسى من وراء الطاوله:
- بالتأكيد
قالت وهى تتحرك ببطء نحوه:
- لكننى لست ممرضه
- لديها ممرضه وهى تحظى بأفضل عنايه صحيه
واخذ نفسا عميقا ثم زفر كمن يتنهد بعمق
- الذى تحتاجه ليس وصفه دواء لقد قلت لك اننى لمست ما فعلت زيارتك بها من تحسن ملحوظ لانك تذكريها بأحداهن
- آريانا
اومأت كارولين برأسها
- اعرف واتمنى لو اننى استطيع مساعدتها لكن ان اصبح رفيقه دائمه لها فهذا غير وارد على الاطلاق
- لماذا؟
- لماذا؟ ماذا تعنى بقولك لماذا؟ الم يطرأ على تفكيرك بأنه لدى حياه اود ان اديرها بنفسى؟
قال بحده:
- لكن جدتى مريضه جدا
- اعرف ولكنى فى غايه الاسف لذلك لكن..
- اتفضلين العوده الى لادوس فيتا عوضا عن ان تبقى هنا وتساعديها كى تشفى بسرعه؟
- لايستحق سؤالك هذا جوابا عليه لكننى سأمنحك واحدا وذلك مع احترامى الكبير لجدتك وهو انه على ان اعود الى عملى سريعا
- عملك؟
قام بإيمائه بيده وكأنه يصرفها عنه مما جعلها تشتعل غضبا وصفقت بيدها وهى تميل نحوه
- هذا صحيح انه عملى ومسؤولياتى هل لانك متقوقع فى طبقه مميزه من الناس وتحيط نفسك بألقاب حميده لا تستطيع ان تتخيل عالما فيه امرأه عمليه ولها ارتباطاتها؟
لوى بفمه غير مكترث:
- انك على خطأ فى هذا العالم يجب عليك فيه ان تتوسلى كى تحصلى على قوت يومك وهذا ما دفعك لترى سيلفيو اليس كذلك؟ كى تعجليه بدفع ما لكِ من مال مع الوكاله؟
تراجعت قليلا الى الوراء:
- كيف تعرف ذلك؟
هز بكتفيه دون اى اكتراث ثم دفع بكرسيه الى الوراء ووقف على قدميه
- فقد كنت فى وقت ما فى الوكاله قبل وصولك يا كارولين وسمعت عامله الاستعلامات تعانى من اتصالات عديده معظمها من عارضات مثلك تطلب بماله
وقطب بحاجبيه بعمق اكبر:
- لماذا تواصلين العمل مع مؤسسه كهذه؟
تنهدت كارولين وقالت:
- وهل لدى خيار آخر؟ فهناك عقد عمل بينى وبينهم وعلى ايه حال فأنا فى حاجه الى ان استمر فى حياتى يجب ان اعمل او..
- او انك تريدين الاسراع الى رجل ما؟ لا اقصد باولو انما اى شخص آخر؟
تفاجأت من النظره التى اطلت من عينيه وتغييره المفاجئ لدفه الحديث ها هو من جديد يعود الى مناقبيته الاخلاقيه معها مجددا وقد ملت ذلك كله منه
من كان نيكولو ساباتينى على ايه حال من كان ليله البارحه او فى صباح اليوم الباكر لم يعد هذا يهم فهو ليس اكثر من انانى محب للذات فقد كانت جذله وهى تراقبه يحفر حفره ليقع فيها والان فهى تبغى ان تدفعه الى تلك الحفره اكثر من اى شئ آخر
لقد حان الوقت كى تمرغ انفه الرومانى بالوحول
وانتصبت كارولين فى وقفتها بتحدٍ
- اعرف ان الذى تقوله سيكون مخيبا لآمالك كثيرا لكن ما من رجل ينتظرنى فى ميلانو
- اصحيح ما تقولينه؟
- لا ليس هناك من احد
- ربما اذن هذا ما يدعوك الى للاسراع فى ان تعودى الى ميلانو
ثم ابتسم بمكر:
- كى تبحثى عن المرشح التالى اقصد ان كنت بين عديد من العشاق..
- الا تفهم ما اقوله؟ فلا رجلا فى حياتى وذلك لاننى لا ارغب فى احد ففى حياتى مشاغل كثيره وشكرا لك
وابتسم لها ابتسامه ثابته ليقول:
- فهمت
- اشك فى كونك فهمت لانك تشبه اى رجل صادفته فى حياتى وانك تفكر بأن امرأه مثلى لن تشعر بأنها كامله بدون رجل لكن امرأه حكيمه تعتقد كما قلت لك مره على مسمعك المرأه فى حاجه الى الرجل كما حاجه السمكه الى الدراجه الهوائيه
ومدت يدها بعنف وهى تشير بأصبع نحوه:
- حسنا دعنى اقول لك شيئا ايها الامير ساباتينى اى رجل سيكون شديد الغباء عندما يعتقد بأن العارضه تقوم بأى شئ غير مهمتها الاساسيه...
توقفت فى منتصف جملتها لاستغراقه فى الضحك
- ما الذى يضحك فى ذلك؟
- كان سيلفيو على حق فإنك لا تستمتعين فعلا بعملك كعارضه ازياء
كان الان دور كارولين فى ان تنطلق ضاحكه
- هذا تصريح السنه والذى ينقصه الوضيح والادراك
- اذا لماذا تقومين به؟
- لقد سبق وقلت لك السبب وذلك لكى ادفع فواتيرى لكنك لا تعرف ولا تفهم شيئا فى تلك الامور اليس كذلك؟
تحولت نظراتها نحو وجهه ورأت فيهما تلك النظرات الفضوليه التى عادت تومض فى عينيه مره اخرى وكان يراقبها برغبه تثير اعصابها
وتحولت بعيدا عنه كيف اصبحت تفقد اعصابها على هذا النحو؟فهذا لم تفعله من قبل وقد كانت تحافظ دائما على هدوء اعصابها وكان ذلك احد الاشياء التى تملكها وتفتخر وتعتز بها
- تابعى كلامك هيا انا مصغ
اخذت كارولين نفسا عميقا وابتسمت ابتسامه مهذبه فوق وجهها لتواجهه تماما
- اسمع يسعدنى جدا اعتقادك بأن وجودى يساعد جدتك
ورقت ابتسامتها اكثر
- احبها كثيرا لكننى لا استطيع البقاء يا نيكولو حتى لو كنت ارغب فى ذلك
- وهل ترغبين فى ذلك اعنى لو كان ذلك ممكنا
اترغب فى ان تبقى فى ذلك المنزل الرائع؟اترغب فى ان تقضى ايامها قد تعلق قلبها بها؟ اتفضل هذا عن التمايل فوق المسرح الضيق كعارضه ازياء؟
تنهدت كارولين بعمق وما الذى تخشاه من ان تعترف بذلك؟ وقد شبهت بقاءها فى هذا المكان كمن يطير بأجنحه الى القمر
- بالتأكيد ان كان ذلك ممكنا لكن ذلك صعب تحقيقه
- وما السبب؟
- لقد فت الوقت علينا جميعا فأننى مرتبطه بعقد مع الوكاله حتى اننى مدينه لهم بكميه من المال من اجل الشقه التى استأجرتها وللاعتمادات الماليه التى يسلفونها لى..
- لقد قال سيلفيو ان ما كسبته من فابينو ليله البارحه قد دفع بالكامل
ضحكت عاليا:
- هذا ما اوهمك به ولو سألته لكان جوابه...
- سيكون الجواب نفسه
وقست تعابير وجه نيكولو
- والا وكما شرحت له عليه ان يجيب على السؤال مره تلو الاخرى لكن هذه المره الى وكلائى
- شكرا لك على ذلك
ثم جلست فى كرسى وخلعت من رجلها فرده حذاء واخذت تحف اصابع قدمها فوق ارض الغرفه المرمرى
- وربما الان استطيع ان افكر فى الانطلاق بعد سته اشهر من انتهاء عقد العمل
نظر نيكولو اليها بصمت ثم مضى الى حيث ترك كأسه واخذه بيده وقال:
- ماذا تقولى اذا قلت لك اننى استطيع ان انهى عقد عملك فى لمحه واحده؟
وابتسمت لتقول له:
- اقول انه من المؤكد انك كنت تلهو تحت الشمس القويه
رشف قليلا من كأسه:
![](https://img.wattpad.com/cover/66639422-288-k3148f3.jpg)
أنت تقرأ
روايات احلام/ عبير: الربيع في روما
Romanceكانت كارولين عارضه ازياء ، لكنها كانت تكره مهنتها هذه . وتكره ايضا الحفلات غير الصادقه والمرائيه , وكذلك تكره تلك العيون النهمه. إلى ان التقت عيناها بعينين هزتا مشاعرها . انها عينا نيكولو ساباتينى الذى بدأ يتولى توجيه حياتها وكأنها ملك من ممتلكاته ا...