الفصل الثاني عشرو الأخير
توجهت كارولين بتثاقل الى بيتها من مركز عملها، بعد ظهر يوم حار من أيام الصيف وبعد مضي عدة اسابيع على مغادرتها ايطاليا وفتحت صندوق البريد الخاص بها لتجد مغلفاً ابيض طويل يحمل اسم مدرسة دافيس لتصميم الأزياء ضمته إلى صدرها و أغمضت عينيها.
وصعدت سلالم إلى شقتها في الطابق الخامس وهي احدى شقق بروكلين الشاهقة التي أستأجرتها لفترة الصيف وهي تقول:" فليكن هذا قبولاً!".
سوف تبدأ بالبحث من جديد،ان لم يكن طلبها مقبولاً.
دخلت شقتها ووضعت المغلف على طاولة وتحررت من حذائها وكذلك خلعت عنها ثوبها القطني الذي احست أنه التصق بجسمها من شدة الحر وتوجهت إلى غرفتها لترتدي قميصاً قطنياً واسعاً و سروالاً قصيراً.
ومشت حافية القدمين إلى المطبخ الصغير وتناولت زجاجة مرطبات من الثلاجة وأخيراً تناولت المغلف من على الطاولة حيث تركته و حملته إلى النافذة الوحيدة التي قد يدخل منها نسمات عليلة باردة آتية من مكان مامن النهر الذي يبعد عنها قليلاً.وفكرت ماذا لو أن دافيس رفض طلبها أيضاً؟ لكن شيئاً في نفسها يقول لها انها لن تكون نهاية العالم لو فعل هذا، فهي ليست مفلسة وتعمل في محل ميسي لبيع مستحضرات التجميل في الجانب الآخر من جسر بروكلين في مانهاتن، وقد كان اوفر لها ان تعيش في منطقة قديمة من ان تعيش في وسط المدينةرفضت ، انها لم تتمتع بما كسبته بمرافقتها لآنا ساباتيني وكانت قد رفضت ان تتقاضى قرشاً واحداً من نيكولو الذي كان بارداً و قاسي القلب
تذكرت ما قاله لها وهو يقدم إليها الشيك المصرفي:
- لقد تم الاتفاق بيننا.
وماكان منها أخيراً إلى أن داست على كرامتها واقرت لنفسها بأنه كان على حق.
المال الذي دفعه لها لا يزال في المصرف ولم تلمس منه قرشاً واحداً، وقد ابقته كقسط تعليم لها في احد المعاهد.
كان يدهشها كيف انها صدقت نفسها بأنها احبته، وكيف خدعت بمظهره المتغطرس والأناني وكانها صفات ايجابية ، وكيف انها ضيعت وقتها في البكاء على اطلاله.كان الذي ادركته اخيراً أن كل الذي تحتاجه هو ان تلهي نفسها وروحها بشيء حماسي ومنافس وكان من البديهي ان يكون ذلك الشيء مهنة جديدة، ولكن للمعاهد رأي آخر في ذلك.
قال المسؤول عن طلبات الانتساب:
- نأسف فقد حجزت كل الأماكن.
بعد ذلك، وفي يوم من ايام الأسبوع، وبينما كانت تمشي بتثاقل تتفرج على معرض ماتيس في متحف للفنون الحديثة، لمحت كارولين فتاة كانت تعرفها عندما كانت تعمل سابقاً في حفل الأزياء ، فأسرعت إليها واخبرتها وهما يتناولان الشاي المثلج بمحاولاتها اليائسة في ان تنتسب إلى معهد لتصميم الأزياء.
- لقد سمعت بأن ذلك قد يكون صعباً ، ماذا عن د. س. د؟ هل قرعت بابهم؟
- لم اسمع مرة بـ د. س. د. فماهي؟
- انه مكان صغيرا جداً ولديهم برامج للمبتدئة التي ترغب في التمرين والامتهان ، ثم يدفعون لك راتباً محترماً ويلزمك لدور الأزياء مثل جيفشي أو كالفين كلاين.
تنهت كارولين :
- سوف أجرب حظي.
- نعم، وكذلك بالنسبة لي، وقد سمعنا منهم الكثير، بأن لهم شهرة تسطع اضواؤها على تجاربهم السابقة ، وليس كما هي العادة في حقل كهذا ، كما انني درست العديد من هذه الدروس عدا التي قمت بها أنت مثل عرض الأزياء وفي مهمات ماوراء البحار، وفي الرسوم التخطيطية، مثل الأثواب التي تصنيعينها بنفسك احياناً.
وضعت زجاجة المرطبات جانباً بعد أن عادت بأفكارها إلى المغلف الذي بين يديها، وفضته لتقرأ ماجاء فيه.
- عزيزتي الآنسة بيشوب فبعد أن راجعنا اوراقك المعتمدة ولائحة طلبك، يسعدنا أن نقدم لك...
لم توافق عليها آل د.س. د فقط، لكنهم يريدون ان يرسلوها إلى باريس وإلى دار شانيل للأزياء لتدرس المهنة على أيديهم.
قرأت كارولين ما تبقى من الرسالة وهي في ابتهاج شديد:
- فإن وافقت على هذه الشروط، نرجو منك أن توقعي على اللوائح المصحوبة مع هذه الرسالة كي نؤمن لك جواز سفر عاجل ، وكي نتصل بذلك المكتب في أسرع وقت ممكن.
وأخيراً بدأت الحياة تبتسم لها فجأة ، شرحت لها السيدة التي قابلتها في الى د.س.د بأنها فتاة محظوظة جداً، فقد كانوا على وشك ان يرفضوا طلبها لأن الإفتتاح لذلك الموسم كان قد انتهى وامتلأت الأماكن.
-لكن ، هناك شاب رفض طلبه، لأن اوراقه وعلاماته ناقصة ولم تكتمل.
- يالسوء طالعه.
أومأت السيدة برأسها :
-نعم ، فذلك الشاب هو ابن اخ لأحد مدرائنا لكنني أراهن من انه سينال مركزاً للصيف ان استطاع ان ينظم اوراقه.
- اتعنين بأنني قد اصرف من هذه المهنة؟
- آه, لا, لاشيء كهذا فعندما توقعين العقد، نرتبط بك، وبالتالي أنت ترتبطين بنا.
اسرعت كارولين توقع امضاءها على لائحة الطلب ، ما من شيء يوقفها عن عزمها، فهي في طريقها إلى باريس الآن، وإلى حياة جديدة...
هذا مافكرت فيه على الأقل، إلى ان جاء اليوم السابق لموعد سفرها، عندما اتصل بها أحد ممثلي ال د.س.د ليقول لها انه هناك تغيير في البرنامج.
- آسف لذلك، ياآنسة بيشوب ، أخشى بأننا سنعينك في مهمة أخرى.
شحب وجه كارولين:
- ألن أذهب إلى باريس؟
- لا، لكنك ستذهبين إلى مكان آخر ، وأرى انه سيرضيك، بالنسبة لما قرأناه في الوثاق التي قدمتها لنا سابقاً.
انها حتماً ميلانو ، فكرت فيه على الأقل، إلى أن جاء بيصيرتها التي حاولن دوماً تجنبها.
لم تكن ميلانو، بل كانت روما.
لم يكن لها أي مجال لرفض ذلك، فقد وقعت العقد ومع ذلك، لماذا عليها أن تضرب عرض الحائط بتعاليم الاسابيع الست التي اخذتها على يد خبير في عالم تصميم الأزياء لأنها ونيكولو ساباتيني ستجمعهما مدينة واحدة؟ فربما تضم أربعة ملايين نسمة، انه من المستحيل ان تلقاه في منعطف ما وتواجهه وجهاً لوجه، وحتى لوحدث ذلك، فماذا سيحصل؟ فعندما كانت صغيرة جداً،وليس بعد فترة طويلة من موت والديهاكانت تحلم بأحلام رهيبة.
أنت تقرأ
روايات احلام/ عبير: الربيع في روما
Romanceكانت كارولين عارضه ازياء ، لكنها كانت تكره مهنتها هذه . وتكره ايضا الحفلات غير الصادقه والمرائيه , وكذلك تكره تلك العيون النهمه. إلى ان التقت عيناها بعينين هزتا مشاعرها . انها عينا نيكولو ساباتينى الذى بدأ يتولى توجيه حياتها وكأنها ملك من ممتلكاته ا...