٢

5.5K 125 2
                                    


الفصل الثانى
تراجعت كارولين الى الوراء بينما اسدلت الستائر المخمليه الثقيله كانت دائما متحمسه عندما يأتى دورها لتعتلى خشبه المسرح وتمشى فوق الممر الخشبى الضيق بين الجمهور ولكنها الليله كانت على عكس ذلك فقد تنفست بارتياح عندما انتهى العرض
احست بأن شيئا ما قد حدث خطأ ربما قد تكون تبالغ بذلك لكنها وللمره الاولى منذ اشهر عديده احست فجأه بنعمه الجمهور وكأنها تدرى بكل همسه همسها او بكل نظره فضول اطلقها
- ايتها السيدات , ايتها السيدات ! يجب الا ندعى الجمهور ينتظر اكثر من ذلك
حولت كارولين نظرها نحو مصدر الصوت كان فابيانو واقف على بعد قليل منها وكان يرفع ذراعه وكأنه قائد فى معركه وهو يشير الى العارضات حتى يخلين خشبه المسرح . التقت عيناه بعينى كارولين ثم اومأ لها برأسه بأعتزاز
- اتسمعينى يا سنيوريتا ؟ اسرعى من فضلك
واشار الى قاعه الرقص
فكرت كارولين وكان آخر مكان تتمنى ان تذهب اليه وبالاخص الآن فقد مضى عليها وقت طويل منذ آخر مره واجهت بها الجمهور...
- انتبهن من فضلكن ايتها السيدات فلتحافظ كل منكن على ابتسامتها واطلالتها المحببه وسرن بخطوات ثابته بين الجمهور كى يراكن الجميع جيدا .. تذكرن ايضا الرأس عال والامعاء دائما مختفيه فى داخل الجسد والظهر منتصب كذلك الشعر والوجه كل ذلك على اتم ما فى الاناقه من معنى اتفقنا؟
... وكان كل ذلك مربكا للغايه مثل ان تكون مراقبه من الجميع وكأنما حريتها الشخصيه قد فقدت لقد حاربت ذلك الشعور الرهيب بقدر ما استطاعت الى ان توصلت الى القيام بشئ جديد لم تقم به قط فى حياتها واخذت تنظر الى تلك الوجوه بتعمد وخاصه الى آخر الغرفه المحتشده...
- انتِ سرحى شعرك ارجوك يا سنيوريتا ارجوك ذلك الثوب هناك! هل نحن فى جنازه ام فى حفله راقصه ؟ ابتسمى
...رأت رجلا يراقبها متأملا كانت عيناه تركزان على محياها الجميل بأعجاب
لم يكن هذا شئ جديد عليها فقد كان الرجال يلاحقونها بنظراتهم منذ سنوات منذ ان تخطت سن السادسه عشر وتحولت من فتاه ساذجه تنقصها الخبره الى امرأه ناضجه تفتن العقول
كان هناك عدا نظراته الملتهبه مزيجا من نوع آخر لا تدريه قد تكون نظرات غاضبه فكرت وكأنها تنبهت الى شئ ما غضب حاد وشديد كحد السيف وكأنها يتهما اتهاما مباشرا بالرغبه التى ارتسمت بكبرياء على محياه الجميل....
- طرحت عليك سؤالا يا سنيوريتا وارجو ان تمنحينى ردا عليه
تفاجأت كارولين فقد كان فابيانو واقفا امامها وهو يحدق بها كمدرس غير راضٍ عن تلميذه ، قهقهت احدى الفتيات مما جعل الدم يتصاعد الى وجنتى كارولين
فقالت بأرتباك :
- حسنا .. اننى ..اننى
همست تريش لها :
- احنى رأسك فقط وقولى نعم
فعلت كارولين بالذى اوصتها بها تريش فقطب المصمم جبينه لحظه ثم منحها ابتسامه تذمر
قال:تماما
وابتعد عنها فقفزت تريش لها وهى تنظر اليها بنظره محيره
همست لصديقتها :
- على ماذا وافقت الآن؟
- وافقت على التحذير التقليدى الذى يلقيه علينا دائما بأن نصفى ذهننا من كل شئ ونحفظ غيبيا العدد الكامل للاثواب اعتقد بأنه يخشى من عدم تمكنه من ابتزاز كل لير ايطالى من ذلك الحشد الكبير الا اذا وجهنا له كل الاسئله شخصيا
هزت كارولين رأسها موافقه:
- يبدو هذا جيدا وقد يكون الاستعراض فى قاعه الرقص جزءا لا يتجزأ من عملها وهى الان لا تريد ان تثرر بحماقه حول ما كانت ترتديه وهو ثوب ضيق اعد بطريقه غريبه وزين بالخرز الزجاجى المروس الذى يعطى لمعانا متعدد الالوان ولربما بلغت تكاليف هذا الثوب اكثر مما تكسبه فى سنه كامله
فتح باب قاعه الرقص وتعالت منها اصوات الضحكات والموسيقى مثل هبوب الرياح الخفيفه
قال فابيانو:
- جاهزات
وشعرت كارولين بأقل من لحظه بأنقباض هو اقرب الى خوف شديد ماذا لو كان الرجل لا يزال هناك؟ ماذا لو شعرت به يراقبها مره اخرى؟ ابعدت عنها الافكار المرعبه ماذا تريد بالفعل؟ فلديها مهمه وعليها ان تؤديها على احسن ما يرام ولن تدع ايطاليا واحدا يؤثر عليها او على عملها اخذت نفسا عميقا ثم ابتسمت ببرود وهى متوجهه الى داخل قاعه الرقص
كانت الغرفه واسعه جدا وسقفها العالى المزين بالرسوم المتنوعه يصل على سطح ارضها المرمريه تواكبها الاجيال جيلا بعد جيل لمحت الثريات الكريستاليه والجدران المطليه بالذهب المزخرف ومغطاه بالقماش الدمشقى الشفاف وشبيهه بالجدران التى شاهدتها فى لاسكالا. هل يا ترى المهندس الذى صمم القسم الداخلى من الاوبرا هو نفسه الذى صمم سالاديل آرت؟
انها لا تريد ان تكتشف ذلك الليله فكرت كارولين وهى تتنهد قليلا انها موجوده هنا من اجل العمل فقط ولتتخذ مكانها بين الجمع والناس الذين تجمعوا حول مائده الطعام الشهيه كان عليها ان تبتسم تماما مثل الموديل المصنوع من الشمع وتتوقف عندما يطلب منها ذلك ثم تمشى بخفه وتجيب الجواب نفسه عن السؤال الذى يطرح عليها بشأن الثوب الذى ترتديه فيما لو كان قد صنع على قياسات مختلفه والالوان منه وعن القماش وعن قيمته الماديه بالطبع
- آسفه لا استطيع مساعدتك
كررت ذلك وكأنها تنشد ترنيمه ما
- ارجو ان توجه اسئلتك بخصوص قياس الثوب هذا الى السيد فابيانو
تستطيع ان تردد هذا باللغه الانجليزيه والفرنسيه والايطاليه والاسبانيه وكذلك باللغه الالمانيه كما تستطيع تسهيل مهمتها باللغه اليابانيه، ربما تكرر ذلك ايضا حتى فى نومها انها تستطيع....
احست بيد مجهوله تمسك بذراعها
- ياله من لون رهيب
قالت السيده بانزعاج واضح ومنحتها كارولين ابتسامه غير محدده
- هل متوفر منه اللون الاحمر؟
ردت كارولين بأدب:
- آسفه لا استطيع مساعدتك ارجو ان توجهى الاسئله حول...
-وتلك الياقه العاليه
اشارت السيده بإصبعها الى صدر كارولين
- هل من الممكن ان تنخفض الى هنا؟
- آسفه لا استطيع مساعدتك ارجو..
قالت مغتاظه:
- بصراحه هؤلاء الفتيات يشبهن الببغاء الذى يردد كلاما لا معنى له
- ماذا الذى تتوقعينه اكثر من ذلك انهن فقط ليعرضن جمالهن وليس ليظهرن ذكائهن
اصطبغ خجلا وجه كارولين وهى تتحرك بعيدا عنهن وفكرت بالا تقوم بهذا العمل مره اخرى ولتذهب الوكاله الى الجحيم! انها على الاقل تستطيع ان تدير الرؤس على خشبه المسرح عندما تقوم بعرضها اما هنا وهى تتجول بين الحشد يعاملها الناس وكأنها...
- مرحبا يا عزيزتى كيف حالك هذه الليله؟
حجب طريقها رجل وفهمت من لهجته انه بريطانى من خلال لهجته الرفيعه المستوى التى تشدق بها ابتسمت له كارولين بأدب:
- على خير ما يرام شكرا لك اننى ارتدى ثوبا مقاسه اثنان وثمانون ان كان لديك اسئله....
- حسنا لدى بعض الاسئله
واتسم ابتسامه عريضه حتى ظهرت اسنانه الصفراء الكبيره
احاط به رجلان آخران يبتسمان نفس الابتسامه الغبيه سأل احدهما:
- ما اسمك ايتها الحبيبه
قالت كارولين برحابه صدر:
- آسفه لكننى...
- لا داعى لذلك يا عزيزتى كل الذى نريده هو ان نعرف اسمك فقط تستطيعين الافصاح عنه بالتأكيد
قالت بعذوبه:
- استطيع فعلا والان اعذرانى
ضحك الرجلان وهى تبتعد عنهما وكأنها تقوم بمناوره عسكريه وراسمه على محياها ابتسامه ثابته لا معنى لها ورأت بعضا من زميلاتها فى العمل يقفن قرب مائده الطعام يضحكن وهن يجلسن مع الرجال كما ان فابيانو لا يمانع ابدا فى ان تختلط الفتيات مع الضيوف
كانت الاوامر واضحه مبسطه عندما اعطيت ربما الامر كان سهلا لكنه مضى عليها وقتا طويلا لتدرك ذلك فكرت كارولين بحراره شديده
- حفله انس لتصريف مبيعاتنا
كان يقول رئيس مجلس اداره الازياء العالميه فى كل فرصه مناسبه
لكن كارولين لم توافق على هذا العمل حتى تكون مجرد بائعه كما انها لم تؤخرها هه الوظيفه من الاختلاط بالجميع على هذا النحو انها.....
امتدت ذراع رجل وطوقت رسغها قال بمرح بلكنته الامريكيه
- ها نحن الان! انك العارضه الاكثر اثاره بين كل العارضات تعالى يا عزيزتى ودعينى انظر اليك عن قرب
تصلبت ابتسامه كارولين على وجهها فالرجل الذى يمسك بها كان قصير القامه ممتلئ الجسم وتمايل قليلا وهو ينفخ فى وجهها رائحه كريهه فاحت من فمه
وتابع يقول:
- حتما انه شئ مميز اليس كذلك دعينى القى نظره على تلك الخيوط
كانت نظراته عليها هى وليس على ما كانت ترتديه
قالت كارولين وهى تتمسك بطول الاناه:
- قياس هذا الثوب اثنان وثمانون ارجو ان توجه اسئلتك الى ...
قال ضاحكا:
- انك امريكيه الست كذلك؟ كان على معرفه ذلك عزيزتى تتحرك فقط بهذه الطريقه الامريكيه الفريده بجمال ساقيها الطويلتين ومثلك تماما يالجمال شعرك الاشقر وعيناك الزرقاوان الواسعتان من اين حصلت على هاتين العينين اللتين تلائمان تماما الخرزات اللامعه فى ثوبك يا حبيبه؟
ابتسم واخذ يمرر اصبع يده بأنعطاف حول جسدها وفى كل الاتجاهات اجفلت وحاولت الافلات منه لكنه كان اسرع منها فأحاطها بذراعيه
- لا داعى لذلك عزيزتى ابقى جامده والا كيف لى ان احكم على ما اود شراءه؟
احست بالدماء تجرى سريعه فى عروقها ولكنها تمالكت نفسها كى لا يبدر منها رده فعل اخرى
- هذا امر سهل للغايه ما عليك سوى ان تسأل فابيانو عن هذا الثوب ورقم المقياس الذى ذكرته لك وحتما سوف يعطيك التفاصيل بشأنه
- لا.لا كل التفاصيل يا عزيزه مثلا اراهن انه لا يستطيع ان يقول اين تودين تناول العشاء معى
- شكرا لك فأنا لست جائعه
- بعض المشروبات ربما اراهن ان العمل كعارضه ازياء يجفف الحلق
- شكرا لك لكنى لا اشعر بالعطش ايضا
بقى على ابتسامته لكن كارولين لمحت غموضا مفاجئا فى عينيه الذابلتين
- والان يا عزيزتى الا تريدين ان تعاملى ادى بلطف اكثر لا اظن انك تدركين من اكون
فكرت بأنزعاج انك لست سوى حيوان بغيض لكنها تعرف جيدا كيف تتصرف مع اشخاص امثاله فهى لم تبتعد وهذا ما يجعله اكثر حماسا لملاحقتها ولكن بالمقابل انها تنظر تماما الى عيونهم وكأنها تقول لهم عن عدم رغبتها فى الانزلاق معهم فى الوحول القذره
قالت بهدوء:
- انك على حق لا اعرف من تكون والاهم من ذلك فأنا لا اهتم مطلقا
خفت ابتسامته قليلا وقال لها بغرور :
- اننى الشارى يا عزيزتى واحمل دفتر شيكات يفيض بثقله المصارف واستطيع ان اوقع لفابيانو على مبلغ كبير ان اعجبتنى نوعيه البضاعه
- قل كلامك هذا لفابيانو وليس لى اننى اعرض الثوب فقط وهو الذى يبيعه
ابتسم الرجل ابتسامه بشعه:
- ماذا هناك يا حبيبه؟ الا اننى فى غايه اللطف معك؟ اننى فى مركز يخولك التقدم كثيرا فى مهنتك اذا ...
- ربما اننى فى غايه اللطف معك الثوب هو فقط للبيع
نظر اليها الرجل القصير شذرا وكأن فى عينيه مكرا وخداعا:
- توقفى عند حدك يا عزيزه فلا اظن بأنك تقبلين ان يكتشف فابينو ان احدى فتياته فوتت عليه مبلغا كبيرا من المال
احست كارولين بوخز طفيف فى راحه يدها فصفعه قويه على وجهه الذى يسيل عرقا هى ما يستحقه هذا الرجل المتكور الثمين انها اطول قامه منه مع ذلك كان يزن اكثر منها بكثير انه بأختصار كره متراصه من اللحم والشحم كان آخر ما تود القيام به هو ان تثور غضبا منه امام العيان لأنه كان مقرفا ومذلا امام ذلك الحشد الكبير فقالت له وهى تتمالك اعصابها:
- اسمع اذا تركتنى ارحل بسلام سوف انسى ما حدث من الامر كله
-تنسين؟
جاء صوته اعلى بقليل من قبل فنظرت كارولين بحذر حولها ورأت شخصين ينظران الى ناحيتهما وكأنما يتوقعان شيئا من جراء ذلك قال منفعلا:
- فلتذهبى الى الجحيم انا الذى عليه ان ينسى انا الذى تعرضت الى الاهانه كل الوقت والذى....
- هل من مشكله هنا؟
جاء صوت عميق بارد وحاد يدل على لكنه ايطالى عرفت كارولين حالا صاحب الصوت مع انها لم تسمعه من قبل
دارت وهى ترتعش فى داخلها وكأنها تتوقع شيئا ما ونظرت الى عينى الرجل الذى طال تحديقه بها خلال عرض الازياء
كان طويل القامه وقريبا من طولها مع انتعال كعبها العالى ويرتدى ستره انيقه سوداء لكنها لم تخف من منكبيه العريضين من تحت ثيابه الانيقه كان شعره اشعث وداكن اللون وبشرته ملوحه من اشعه الشمس وكانت تقاطيع وجهه تنم عن الاصاله الرومانيه فى رجولته من انف ارستقراطى مستقيم فوق ثغر جميل وذقن عريض
كانت عيناه هى التى تفرض نفسها بنفسها انهما زرقاوان بعمق الياقوت الازرق تحيط بهما اهداب داكنه كثيفه عندما كانت كارولين تقوم بعرضها احست ببريقهما الملتهب ولكن الامريكى الذى يقف الى جانبها هو الذى يشعر بهذا اللهيب الان فكرت وهى ترتعد خوفا منه وهو يقف على مقربه منها بنظراته البارد المستهزئه
قال وهو ينجدها بلطف بالغ:
- ربما لم تفهم ما اردت قوله يا سينيور هل هناك اية امور مستعصيه بينكما؟
قال الرجل الامريكى بصوت قريب من العذوبه :
- لا،لا شئ مما تتحدث عنه كنت اتحدث والسيده بخصوص المكان المناسب لتناول العشاء لا اكثر
ثم نظر الى كارولين وهو يبتسم لها:
- اليس كذلك يا عزيزتى؟
نظر بعينيه الزرقاوان نحوها وكأنهما تسألانها عن صحه كلامه:
- هل ما يقوله صحيحا يا سينيوريتا؟
نظرت كارولين اليه وشعرت فجأه من انه يشبه الاسطوره الخرافيه والتى تحكى عن مسافر كان حائرا امام بابين واى منهما يفتح وهو مدرك تماما ان وراء احدهما يقع خلاصه ونجاته بينما الاخر يربض وراءه نمر مفترس
عاد ونادى عليها الرجل:
-سينيوريتا ان كنت بالفعل تنوين ان تمضى السهره مع هذا الرجل ما عليك سوى ان تشيرى بذلك
- سبق وقلت لك يا صديقى انها تريد ذلك فعلا
واصبح الرجل الامريكى مملا للغايه الان ويده تزحف فوق ذراع كارولين فما كان منها الا انها سحبت نفسها منه لتلتفت الى الرجل الذى جاء لمساعدتها
قالت بسرعه:
- لا.لا رغبه لى فى تناول العشاء مع هذا الشخص
قال الامريكى بتحدِ:
- ستفعلين اذا اردت الحفاظ على وظيفتك كلنا نعلم جميعا كيف تدور عجله عملك و....
- نعم نعلم جيدا
وعادت عينى الايطالى تركزان على وجه كارولين وفى لحظه رأت فيهما شيئا مميتا ابعد من ازدراء وعادت تفكر مجددا ما وراء احد البابين غير ذلك النمر المفترس
- لكن السيده سبق ووعدتنى بشرف رفقتها لى هذه الليله اليس كذلك يا سنيوريتا؟
فغرت فاها بدهشه
- انا..انا..
- لا داعى للخجل يا سنيوريتا فالعمل هو العمل لا زياده ولا نقصان فى ذلك على اى حال يفهم بالتأكيد - هذا الرجل المؤدب - بأن هذا التعهد المسبق سيأخذ مجراه الطبيعى رغم حاجاته لهذه الليله
توردت وجنتا كارولين لقد جاء ممتطيا فرسا ابيض مثل فرسان العصور السالفه لكنه الان بدأ يهينها على ايه حال فى استطاعته سحب اهاناته وعروضه وكذلك مساعدته ...
- كارولين
دارت حول نفسها انه ارتورو سيلفيو رئيس وكاله ميلانو لعرض الازياء وكان يمشى مسرعا نحوها والابتسامه تعلو وجهه
- ارى انك جلبت انتباه اثنين من اهم ضيوفنا فى هذه الليله فهذا السيد جيفيرسون . كيف تجرى امور مخازنك فى تكساس؟ وهذا الامير ساباتينى . وجودك هنا هذه الليله لشرف كبير لنا يا سيدى هل الاميره برفقتك؟
ابتسم الامير ابتسامه هادئه:
- فما الذى يدعونى الى المجئ اذا؟
لم تغب ابتسامه سيلفيو حين تابع :
- طبعا وارى انك التقيت بواحده من احب الفتيات على قلوبنا عزيزتى كارولين...
- عارضه ازياء
تكلمت كارولين من دون ان تفكر بمعنى قولها والتفت الرجال الثلاثه نحوها فتحولت عيناها الى نيكولو ساباتينى وللحظه وجيزه رأت فى عينيه شيئا ابعد من ان تكون نظره تعالٍ لمعت فى اعماق زرقتهما انها نظره لاهيه، نعم ، فكرت بعصبيه انها فعلا نظره لاهيه! ورفعت رأسها بتحدٍ قائله:
- افضل ان ينسب الى بعارضه ازياء يا سينيور
قال رئيس الوكاله :
- كم هذا مبهج يا كارولين انك تتمتعين بسحر وجمال ... وبروح مرحه كذلك
- الذى ينبغى عليك فعله هو ان تلقن اولئك الفتيات آداب واصول التصرف اكثر من اى شئ آخر
تكلم الاميركى وهو يقاطع كلام رئيس الوكاله
كانت علامه اللهو هذه المره واضحه فى عينى الامير .قال بأرتياح ظاهر
- انها نصيحه ممتازه خصوصا عندما تظهر من نموذج كهذا حسن اللياقه والتصرف
- اسمع ايها الامير..
- سمو الامير من فضلك..
رفع ساباتينى رأسه:
- اننى متأكد ايها السيدان ان بأمكانكما ان تجدان المتعه فى مكان آخر اما بالنسبه للسيده فقد سبق واوضحت ما تريده وهى وانا كنا على وشك ان نشرب شيئا معا
قال هذا ووجه نظره الى كارولين وهو يبتسم ابتسامه ناعمه ذات مغزى :
- اليس هذا صحيحا يا سينيوريتا؟
لا, فكرت كارولين هذا ليس صحيحا بالطبع لِمَ عليها ان تنطلق مع هذا الرجل ؟ فالاهانات التى وجهها اليها لا تقل سوءا عن ذلك الاميركى كان ينبغى عليهما ان يكونا اكثر لباقه وتهذيبا
- سينيوريتا؟
مد ساباتينى ذراعه لها
- الا تريدين بعضا من الشراب؟
ولم تتوان الابتسامه المهذبه من ان تقلص من حجم الانذار الذى ظهر فى عينيه تعالى معى هذا ما قاله أو عليك ان تتحملى عواقب الامور التى حتما لا ترغبينها
وارتجفت لمجرد الفكره من عواقب الامور ونتائجها السلبيه عليها وهى لا ترغب ابدا ان تساق الى السيد جيفيرسون ولا حتى سيلفيو السخيف اما بالنسبه للامير ساباتينى فنواياه لم تكن مشرفه ليست كما تخيل اليها عندما كان ينظر اليها كان فيها تعقيدا اكثر مما تتصوره
الرجال وخاصه هؤلاء الذين يتمتعون بالسلطه والمال غالبا ما كانوا يرون فى المرأه الخير او الشر وما من فكره عن الكيفيه التى يصنف بها الرجل الايطالى صاحب الدم الازرق المرأه الامريكيه الرشيقه القوام وصاحبه الشعر الاشقر الذهبى التى تعمل بعيدا عن ديارها والحمايه التى توفرها لها عائلتها
لكن هل هذا على شئ من الاهميه؟ الذى يلعب هذه اللعبه هو واحد من هؤلاء الارستقراطيين الذين لا يقيمون وزنا لشئ بينما تكون زوجته فى نفس الغرفه ولا بد ان ساباتينى يهئ الامور لوقت آخر والواضح انه رأى تصرفا غير مقبول من الاميركى وممانعه من كارولين فقرر ان يلعب لعبته القذره عندما ظهر فجأه ليقدم لها يد المساعده
- كارولين
ناداها سيلفيو وهو يرسم ابتسامه فوق شفتيه
- ان سعاده الامير فى انتظارك يا عزيزتى
رفعت كارولين رأسها بأنفه ورسمت ابتسامه مشعه كالتى ترسمها فوق خشبه المسرح ووافقت على اليد الممتده من الامير. قالت بأدب:
- شكرا لسعادتك وكما ارى ان فكره تناول الشراب معا لا بأس بها
ابتسم ابتسامه بارده ثم احنى رأسه بأدب الى السيدين ثم انسحب عنهما وتوجه مع كارولين الى قاعه الرقص كان الناس ينظرون اليهما وهما يمران بقربهم فذلك المشهد الكريه لم يغب على احد منهم وتعالت ضحكه احد النساء فتوردت كارولين واسرعت فى مشيتها لكن الرجل الذى كان معها لم يجاريها بذلك

روايات احلام/ عبير: الربيع في روماحيث تعيش القصص. اكتشف الآن