-٧-

161 16 2
                                    

زدادت نور اعجابا بما سمعت ,وحفزت كلمات اسامة مشاعر جديدة,وتطلعات كانت غائبة عن احلام نور الساذجة البسيطة,والتي لاتتعدى احلام كل فتاة لاتحفل بما يجري حولها خارج امنياتها وحاجاتها, وشعرت نور شعورا جديدا, بأن شيئا مفقودا غاليا ,اعاده اسامة اليها ,بسلوكه قبل كلامه,هو الشعور بالمسؤلية,والدور الفعال في الحياة.
واخذ التفكير بواقع الفتاة الجامعية ,وكيف انها تعيش في معزل عما يدور حولها, وكيف ان الامة اصيبة بأيام نحسات,وليال سوداء كالحة, ,وفي الوقت نفسه لم تؤثر كل هذه النوازل في تصرفات الفتاة الجامعية ولم تقدها للتفكير أبعد من جسدها, انه شيء مخجل في حق فتاة الجامعة الا تفكر الا بصر مفاتنها, وتنسيق ثيابها وخطف الانظار اليها وربما امضت كل يوم ساعة او اكثر من عمرها لابداء زينتها ومداعبة احلام الشباب حولها.
وتذكرت نور بحسرة كيف اصطحبتها زميلتها الى السوق لشراء صبغ طلاء لأظافرها والطائرات الامريكية تهاجم المعمل والجسور ومصادر الطاقة...وهي لاتبالي بمن يطمر تحت الانقاض من البشر في حرب الخليج ...
رأى اسامة ان الله تعالى قد شرح صدر نور للاسلام فقال لها:
يااختاه:
ان الحجاب المراة المسلمة وستر جسمها اثارا كبيرة على النفس والمجتمع وسأشرح لك بعضا منها.
ان الثوب الواسع السميك الذي لايصف ولا يشف ,هو تلبية وتنفيذ لما اراده الله سبحانه ,فكلما لبسته المسلمة شعرت انها تعبد الله وتطيعه ,لان الله سبحانه يقول:
(...ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها...) وهي الوجه والكفين والثوب المناسب,وقد يجول في خاطرك سؤال :كيف يكون حجاب المراة المسلمة عبادة,وهي لم تفعل شيئا؟
الحقيقة انها فعلت الكثير بلبسها الزي الاسلامي ,فهذا الكثير ,هو التنفيذ الفوري للامر الالهي,كما وصى بذلك القرآن الكريم.
(خذوا ماآتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون) فلو لم تمتثل لاوامر الله ,فانها آثمة,وسيحاسبها الله ,لذا كان ارتداؤها الحجاب طاعة وعبادة.
وفي الثوب الذي تلبسه المراة المسلمة ,فيغطي جسمها كله تنصرف عن التفكير في نفسها ومعايب جسمها او راي الاخرين بها,وما يتبع ذلك من انشغال مع كل نظرة, الى التفكير بما ينفعها, اقتربت زميلة نور فاسرت اليها بكلمات ,ارادت ان تعتذر من اسامة,بعد ما ان لملمت شجاعتها,فقالت لها نور: اتركي الموضوع ,فقد اعتذرت له عنك. وسكت اسامة,بانتظار ان تتما حديثهما ,وبقي صامتا , لانه راى نور شاردة وفي انشغال عنه,بأفكارها, وكانت تتذكر نصيحة امها ,عندما التحقت بالجامعة , وعلى عتبة الباب ,في اول يوم من ايام الدراسة ,قالت لها :
احذري من كل شاب يقدم لك خدمة ,فانه لا يبتغي بها وجه الله!. واحذري من مصادقة كل فتاة تلبس في كل يوم ثوبا جديدا,جريئة في تعاملها مع الشباب.
ايقنت نور ,بانه لابد ان يكون في نصيحة امها استثناء لهذا النوع من الشباب المسلم ثقافة وسلوكا,واسامة واحد منهم.
والتفتت نور الى اسامة معتذرة وطلبت منه ان يواصل حديثه عن الحجاب ,فقال اسامة.
ان الثوب الساتر غير المثير للاخرين والخالي من الزخرفة والنقوش والفتحات التي تكشف من مفاتن جسمها ,يؤهل الفتاة للتعامل بشكل كفوء, كامراة تأخذ وتعطي ,بلا استغلال لانوثتها,ولامتاجرة بها وبذا تكون محترمة اكثر رقيا...
وهذه المنزلة اهلها الاسلام فجعل المسلمة تتجاوز في تعاملعا ,سحر الجسد العاري,والكلمة الرقيقة,والنبرة الخاضعة. وقد رسم القرآن الكريم للمسلمة, حدود التعامل مع الغرباء باطار انساني سام يعتمد الكفاءة بدل الانوثة المبذولة في غير موضعها فأوصى المسلمات بقوله: (يانساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا).
سمعت نور قوله سبحانه(فيطمع الذي في قلبه مرض) فقالت ارجو ان تشرح لي معنى قوله سبحانه(فيطمع الذي في قلبه مرض) .
فقال يااختاه:
ان كلام الله سبحانه دقيق المعاني يسبر خفايا النفوس ويطلع على النوايا. فقوله سبحانه(فيطمع الذي في قلبه مرض)
أي ينصرف تفكير المخاطبين من الرجال قبل النساء اللواتي يتكلمن برقة وانوثة ودلال, الى ذات المخاطبة ,فيكشف حاجتها وضعفها وهيامها بالرجل المخاطب, اذ ان تكسرها في الحركات وغنجها في الحديث ينم عن ضعفها ومعاناتها ,فيطمع المخاطب اما باستغلالها ماديا في التعامل والاستخفاف بها.
أما ان تتكلم برزانة وتتحرك بسلامة قصد ,فانها توحي للذين تتعامل معهم بأنها قوية وليست ضعيفة قابلة للاستغلال ,وليست ولهانة او عندها استعداد للتعاطف الملتوي العابث.
قالت نور رحم الله امي اذ كانت تعلمني كيف اقول _لا_عشر مرات قبل ان اقول نعم لمن يحدثني. وما كنت احمل كلامها محمل الجد. انها كانت تقصد ما تفضلت بشرحه. ان لك يااخي علما واسعا بنفسية المرأة ,قال اسامة لست على شيء مما تقولين ولكن العلم الدقيق تعلمناه في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم.
بودي الا اقاطعك يااسامة ولكن ورود الخواطر على فكري يربط هذا الحاضر بالماضي الذي كنت لا اعطيه حقه.

(رحلة النور)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن