قال اسامة بعد صمت وتامل.....
مرت بنا كلمة لم تساليني عنها ,فقد ذكرت لك (علم النجاة) اثناء حديثي ولتبيان علم النجاة ,اروي لك هذه القصة....
ركب مجموعة من شباب الجامعة في قارب للنزهة ,وكعادة الشباب العابث ,يستخف بمن يلقاه من بسطاء الناس. فقال احدهم للرجل الذي يقود القارب ,هل درست علم الطب ؟ قال الرجل: لا! فضحكوا ملء اشداقهم , ثم قال الاخر :هل تعرف علم الالكترون والكومبيوتر؟ فاستغرب الرجل , واجابهم بالنفي فسخروا منه اكثر , ثم قال الثالث: هل تعرف وزن الكرة الارضية وبعدها الشمس,وطول قطرها؟! فبهت الرجل من كثرة الاسئلة,وبدت حيرته امامهم وحرجه . فازدادو ضحكا وهرجا ومداعبة لبعضهم, فاختل توازن القارب وانكفأ بهم ورآهم الرجل يغطسون في الماء,ويحاولون التعلق ببعضهم للنجاة ,فسالهم بسخرية وتشف: هل تعرفون علم النجاة ؟ علم السباحة, قالوا...لا! قال لهم :اغرقوا كما يحلو لكم. فلم يعد ينفعكم علم بعد ان جهلتم علم النجاة!!.
شدت هذه الحكاية نورا اليه وهي تتابع احداثها قال اسامة:
علم النجاة ,هو الاسلام,ولا ينفع علم بلا اسلام لان فيه فهم الحياة وسلامتها وسعادتها ,فبالاسلام يعد الانسان حق الله عليه,فلا يضيعه,ويعرف لكل ذي حق حقه فيؤديه, ويعرف واجبه فلا يكسل عنه.
قالت نور:ألا اثقل عليك اذا قلت لك...علمني يا اخي كيف اشكر الله سبحانه وتعالى ,الذي هيأ لي فرصة تعلم ماكنت اجهله من الاسلام.
اعلمي يا نور ,بان الشكر لله هو عمل في واقع الحياة ,قبل ان يكون ترديد الشكر باللسان ,لقوله سبحانه :
(...اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور) والشكر المطلوب هو العمل بالاسلام عقيدة ومنهج حياة من اليقضة الى ساعة النوم ,ومن الوعي الاول للفتى والفتاة الى ان يلقى الله,
وهذا مصداق الوصية الالهية للمسلمين جميعا في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم,عندما اوصاه الله سبحانه وتعالى بقوله : (...فاستقم كما امرت ومن تاب معك...)
قالت نور:
لااكتمك يااخي ,باني كنت اضن ان الدين للعجائز, وان كتب له ان يتخطاهن, فللرجال ,وما كنت اعلم ان الاسلام اهتم بالمراة وان خالق الارض والسماء ,جل في علاه, انزل في حقوقها وواجباتها,ولباسها,وخطبتها,وزواجها,قرآنا!
فتبسم اسامة,ثم قال :يا اختاه, ان خطاب القران كله موجه للمراة كما هو موجه للرجل, فقوله سبحانه (ياايها الناس) و (ياايها الذين امنوا) ,انما المقصود به الرجال والنساء, وسمى الله سبحانه, سورة طويلة من سور القرآن بسورة النساء.
وذكر الله تعالى النساء في 59 اية.
وذكر كلمة المراة 26 اية.
وذكر كلمة المؤمنة 6 مرات والمؤمنات 22 مرة.
وذكر كلمة انثى 18 مرة ,واناثا 6 مرات.
وذكر القران الكريم السيدة مريم ,سيدة نساء العالمين 34 مرة وقد اثنى القران الكريم على المسلمات ,ووصفهن باجمل الصفات في قوله تعالى:
(ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات ,والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة ,واجرا عظيما)
قالت نور:
والله,لقد بدات اخجل من جهلي ,كل هذا الاهتمام بالمراة في القران ,وانا لا ادري!.
قال اسامة:
لاتتريب عليك,يااختاه, فنحن جيل مظلوم,تعاون على تجهيلنا بالاسلام ,الاعداء بمكرهم,والاهل بغفلتهم,ووسائل التعليم بتخلفها, وسائل الاعلام بانشغالها بما لايفيدنا في ديننا.
ثم اردف قائلا:
أترين تلك البيوت المتناثرة ,في الافق البعيد...؟
قالت:نعم ,قال: انها قريتي ,وفيها امي وابي ,وبيتنا الصغير.
وبعد قلبل سنصل ان شاء الله تعالى, وسأتركك في وداعة الرحمن...
وهذه اخر وصية لك :
اوصيك بعلم النجاة (الاسلام) .فتعلميه وعلميه لمن تلاقين من البنات...
ولا تنسي ان الحجاب يعني الانتماء للاسلام.
وكل اخ مفارق اخوه لعمر ابيك حتى الفرقدان , واشار الى السائق مناديا بان يتوقف ,فتوقف ,وسلم على نور وعلى بقية الركاب, ونزل من الحافلة ثم انصرف ,وهي ترقبه,والدموع تترقرق في عينيها, حتى اختفى عن الانظار...
ان لحظات الفراق قاسية على النفس ومرة في حياة الانسان.
وهي اشد مرارة في حياة المراة. وقد فارقت نور شابا تقيا جمعها القدر معه في رحلة قصيرة مرت كالحلم الذي يحفل باحداث جسام في رقدة المنام. لكنها تركت في نفسها ابلغ الاثر ,وفتحت امامها نافذة البصيرة ,لترى واقع الامة المعذبة,وتتلمس بيقين, عمق التردي الذي تعيش فيه اعداد كبيرة من النساء المسلمات.
واستطاع اسامة ان ينقلها الى عالمه الموضاء ,وان يزيح الغشاوة عن عينيها...
ولم يمهلها اللقاء السريع والفراق المبكر, من اعادة النظر في سلوكيات مضت لاترضي الله. فاغمضت عينيها وانصرفت تفكر بعمق وتستعيد المحاورة الجريئة الصريحة, واخذت على نفسها , عهد الله وميثاقه ,ان تكون فتاة الاسلام في السر والعلانية في البيت والشارع والجامعة, قدوتها الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهج حياتها القرآن الكريم, لاتلتفت الى فلانة_المتهتكة او الى ممثلات نزعن حياءهن بثمن بخس, دراهم معدودة او شهرة كاذبة.
ودعت الله سبحانه ان يحفظ اسامة ,وامثاله,عماد الامة وجيلها المرتجى وشبابها الواعي, لتنشط امة طال سباتها وان لها ان تاخذ دورها في توجيه الحياة وقيادة الحضارة تحت راية لا اله الا الله محمد رسول الله.تم والحمد لله
أنت تقرأ
(رحلة النور)
Spiritualبسم الله الرحمن الرحيم هذه صفحة من الحياة, وحوار من وسط الزحام , نقلته من حافلة على الطريق , ملئت بشرا. فيهم شاب نشأ في طاعة الله , يريد الخير لامته نساء و رجالا. انها حقيقة: لا دور للخيال فيها , وهي احداث وقعت , ونفوس جمعها القدر, فانصتت لنداء الاي...