-٨-

136 14 1
                                    

قال اسامة:
ان الثوب الذي لايصف مفاتن الفتاة ,ولايظهر تقاطيع جسدها, يعتبر بحق, لباس التقوى, قال سبحانه :
(يابني آدم قد انزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير...)
والتقوى هنا ,محور حياة الانسان المسلم,وهي بمفهومها الواسع تنفيذ الامر الالهي ,واجتناب كل ما نهى الله عنه.
واذا خطونا بتقوى الله اخرى ,استشعرنا مراقبة الله سبحانه وتعالى لنا,وحضوره معنا في كل لحظة, وصف تعالى حضوره معنا بقوله:
(...وهو معكم اين ما كنتم والله بما تعملون بصير)
ليفكر كل مسلم ان الله سبحانه الذي خلقه من نطفة ,ورعاه جنينا وهيأ له حنان الابوين وعطفهما يرعيانه باعينهما,وهو سبحانه معه في كل لحظة, كيف يجد الانسان الضعيف الجرأة على معصية الله؟

نفذت كلمات اسامة،الى سويداء قلبها،فاستشعرت ضعفها امام الخالق سبحانه،وادركت بيقين،الى طاقة لها بعتابه او غضبه فظلا عن عقابه.
واخذت نور تلملم ثوبها القصير،فلا يكاد يغطيها،وتتمنى لو حجبها كرسيها عن اعين الآخرين،وخلال لحظات..امتلأت مقلتها بدموعها الساخنة تنهمر رغما عنها. انها يقظة الايمان،ونور الوجدان،وفيض الرحمن،انار بصيرتها، فأدركت بعدها عن رضى الله سبحانه وتعالى ذي الجلال والكمال.
ان نورا رغم جهلها بالاسلام،خلوقة ومؤدبة لا تعصي لوالدها امرا..فكيف تعصي امر الله؟انها مسألة لا تخطر لها على بال،وقد غمرها الاسى على سنين من عمرها مضت في معصية الله سبحانه،فاستمرت بالبكاء،وعلا صوتها،فاختلط بغمغمة الحافلة وازيزها.
رأى اسامة حالها،فرق لها،فسكت هينهة ريثما تهدأ وفرح بهذه اليقظة الروحية،وهذا النور الذي ملأ نفسها.وامتلا قلب اسامة حبورا وسعادة،بفتاة جديدة تدخل رحاب الايمان،وتتمرد على كل نوازع الغواية التي يزينها الشيطان وفرح لها لانها دخلت بيت الايمان.بنظافة الوجدان،حيث غسلته بدموع الندم،وفرح لها،لانها تناولت سلم السعادة،حيث لا حسرة ولا ندم،لانها ارتقت منزلة العبودية وموالاة رب العالمين.
وبعد ان اطمأنت نور،اذهب الله عنها الهم والحزن،وقال لها ابشري يا اختاه..فانت بين يدي رب كريم،يفرح بتوبة عبده،ويعطي على القليل الكثير،ويجزل العطاء،فيبدل سيئات احبابه حسنات،انه كرم،لم نرى في دنيا البشر،ولم نسمع عنه في حياة الكرماء.اسمعي قوله سبحانه وتعالى (....الى من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما).
كانت هذه الاية بلسما شافيا لقلب نور،فاستبشرت وبدت عليها علامات الرضى،والاستئناس برحمة الله الواسعة وعفوه الغامر،وايقنت ان التعامل الالهي سمح محبب .وهو سبحانه تعالى يريد الخير لعباده ويحببه لهم ويكرمهم عليه.
وترقرت عيناها بدموع الفرح بعفو الله ورحمته،فادرك اسامة ان اللحظة المناسبة ليكمل حديثه عن الحجاب،فقال:
*علمت يا اختاه،سعة الرحمة الالهية بالانسان،فهو سبحانه ارحم من الام بطفلها لذا كانت شريعته رحمة لخلقه.فعندما شرع الله سبحانه للمسلمة ان تستر جسمها كله،لم يرد مضايقتها،او تشديد عليها،لذا قال سبحانه وتعالى)....يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر....)
*فلباس التقوى(الحجاب) هو تشريف للمسلمة لتعرف به انها من اهل الايمان،فلا يجسر على ايذائها او التعرض لها احد.
اما التي قصرت ثوبها،وعرضت مفاتنها مجانا!!فقد مهدت الطريق على نفسها،بل كأنها تدعوهم اليها.
اما ما ينتاب بعض الفتيات من الشعور بالذات،والسرور عند كل معاكسة.او الظن بانها مرغوبة مطلوبة،فهو اذلال لها والاعتداء على حريتها،اذ ان المرغوبة تخطب،ولا ترمى بوخز الكلمات.
صدقت نور كلام اسامة،واضافت قائلة:ان المعاكسة اهانة حقيقية،لكن بعض الفتيات يفرحن بها،انك تصحح كثيرا من المفاهيم،وتضع الحق في نصابه بذكاء وفطنة يا اخي.
شعر اسامة ان زميلة نور،تدنو منهما لسماع ما يقولانه فهي لم تطق صبرا اكثر من هذا،وخلال دنوها داعبت خصلة من شعرها اذن اسامة،فالتفت اليها،وقال لها:خيرا...ما الخبر؟اعندك كوب آخر لتسكبيه؟...وضحكوا جميعا..ثم قال اسامة:اني مدرك شعورك،ولكن،اصبري،فستوافيك نور بالتفاصيل.واؤكد لك،انه ليس مما يدور في ذهنك شئ..
تابع اسامة حديثه عن الحجاب مع نور فقال:
*صان الاسلام المجتمع من الانحدار والتردي الخلقي،والجريمة بنظام سد كل الطرق المؤدية الى الانحراف،او الاقترب منه.
والحقيقة العلمية تقول:ان جسد المرأة العارية يثير الرجل!اذا كان التعري محرما الا امام الزوج،وبعض انحسار الثوب قد يكون امام المحارم كالاب والابن والاخ،اما ان تكشف صدرها ونحرها امام الغرباء فهذا اعتاء على جموع الشباب او عموم الرجال، انها تثيرهم،وتداعب غرائزهم.مما يؤدي الى صرف اهتمامهم الى تلك الغرائز،والتعلق بهوى فلانه..او الركض وراء كل مبتذلة،حتى يقودهم التردي الى احضان الغاوية ومراتع الحرام،فليس من حق المراة ان تعتدي على رجال المجتمع جميعا فتوهن عزمهم،وتصرف اهتمامهم عن كل عمل نافع،كما قيل
وانك أم لاهل العقول واخت الرجال ليوث العرين
وليست التقدم صبغ الشفاه وكشف الصدور وكشف الوتين

*وقد يكون التبرج مدعاة زعزعة الاستقرار الاسري،اذ تنجذب بعض النساء الى كلمات الغزل الرخيص والاطراء الكاذب لجمالها (لعريها) فتميل الى الخروج من البيت،والتجول في شوارع المدينة،فتهمل بيتها واطفالها،وقد تتعلق باوهام الشباب الكاذبة ،وخداعهم فتخسر زوجها وبيتها.

(رحلة النور)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن