قرعت شآم جرص منزلها , فتحت أم وسيم وبدت فوراً عليها علاماتُ الإستغراب , أسرعت شآم بالتكلم : إنه الأخ الذي أوصلني أراد مقابلتكِ وأبي , دخلت شآم ومجد فاستقبلهما وسيم بنظرات غضب ,كان ينظر لشآم نظرةً لم تراها من وسيم من قبل أبداً , حتى أنه لم يلقِ التحية على مجد , جلس مجد بمحاذاة وسيم وبدأ يشعر بشيئ من عدم الإرتياح لموقف وسيم منه, إلا أنه وسيم تلقى الصدمة حين أحضر الشاي للضيف ورأى والده قد اندمج مع الشاب الذي جعله يفور غضباً , فلم يتجرأ أحدٌ قبله أن يتحدث إلى شآم فكيف وأنه أوصلها وصاحبها كل الطريق , كان يعتبر شآم كنزه الدفين فلا يسمح لأحد بالعبث به , ولكن سرعان ما تبدل رأيه حين سمع من الشاب ما حصل مع شآم , وأنه كان من الممكن أن تتعرض شآم للأذى لولا أنه أوصلها وأعتنى بها , ليخجل ويبدأ بالتعبير عن امتنانه للشاب , لقد استمرت زيارة مجد لكثير من الوقت , أحبه وسيم ووالده فكانت أصوات ضحكاتهم تعلو لتسمعها شآم من غرفتها , شعرت بالراحة لقدرة مجد على شرح الموقف لأهلها , وأخيراً أحب الشابان تفكير أحدهما الآخر فسرعان ما أتفقا على الخروج في اليوم التالي معاً, غادر مجد , وبدأ وسيم بالاعتذار لشآم عن سوء فهمه لها , وجلسا يتبادلان الأحاديث والضحك إلا أن غلبهما النعاس , فذهب كل منهما إلى غرفته لينام, هي بضع ساعات حتى صعق المنزل بأصوات الرصاص تدوي في الخارج , استيقظت شآم وخرجت فوجدت جميع أهلها اجتمعو في الصالة, امسكت بذراع وسيم مذعورة , أراد أن يلقي نظرة من النافذة ليرى ماذا يحصل في الخارج منعته والدته واصفتاً أياه بالشاب الطفولي الساذج , أبو وسيم كان أيضاً يتآكل ليعلم ماذا يجري , ففتح التلفاز على محطةٍ إخبارية وقرأ خبراً يفيد بأن إشتباكات حصلت بين الشرطة ومتظاهرون , ثم فجأة يقرع الباب ليفتح وسيم والكل في ذعر , كان ذاك مجد طلب حمايته لأنه ملاحق بعد أن اشترك في المظاهرة التي خرجت بعد الفجر فلاحقته الشرطة ,ولم يجد أقرب من منزل شآم , كانت شآم تنصت له وتحدق إلى قدمه التي كانت الدماء تسيل منها, أخبرت والدها لكي لا تتكلم مع الشاب , فأمر والدها بإحضار علبة الإسعافات الأولية ليضمد له الجرح الذي أحدثه لقدمه حين كان مسرعاً وسقط على قضيب من الحديد كان ملتوي على الطريق , بعد ساعة تقريباً استأذن مجد ليعود , لكنهم منعوه, حتى يتأكدوا من خلو الشارع من الشرطة والمشاكل, جلست شام ملتصقة بذراع وسيم كلما طلب منها تركه ترفض , كان مجد يسترق النظر إليها ويشعر براحة عارمة كلما نظر إليها , ثم سألت: هل تؤلمك؟
_قليلاً
شآم :اسأله وسيم لم كان في المظاهرة؟
وسيم: بالفعل ماذا كنت تفعل هناك؟ ولم الشرطة تمنع هذه المظاهرات إن كانت سلمية ؟,فهي في نهاية الأمر مطالب شعب
مجد: النظام في بلدنا منذ أربعين سنة نظامٌ فاسد يمتص دم الشعب , فيحظر على المرء المطالبة بالحقوق , وكم من أشخاصٍ سجنوا دون أي مبرر , فقط بتهمة التكلم بالسوء على الرئيس ,نطالب بالأفراج عن هؤلاء وأن تصبح سوريا بلداً دمقراطياً ليس حكر لحاكم أو عائلة .
وسيم:لكن هل سيلقى ما تفعلونه فائدة ؟ أي هل سيستجيبون لمطالب الشعب ؟
مجد: عليهم هذا , أو نجبرهم فلن نتراجع وستستمر هتافاتنا إلى أن ننال ما نريد
كانت شام تنصت لمجد وهيي مندهشة منه , فتسأل نفسها كيف لهذا الشاب المغرور , الذي تتعارك عليه الفتيات وتراه الأجمل ,أن يكون وطنياً بهذا الشكل , ثم سألت مجد :هل النساء أيضاً تخرج في مظاهرات؟؟
يضحك الاثنان فتنزعج -_- وتخرج من الغرفة , تطلب منها والدتها تحضير الفطور , بينما كانت تحضره تسمع خطوات أقدام تتجه نحو المطبخ , فتحسبه أخاها فتختبئ كعادتها لتفزعه من خلف الباب , وماأن وصل تحاول أخافته ثم تحتضنه , كان مصدوماًُ ولا يدري ماذا يفعل , كانت أقصر قامةٍ منه , وهو طويل القامة , بينما احتضنته كانت تسمع نبضات قلبه تخفق بسرعة ,ثم نظرت إليه لتراه مجد ,فتصرخ مصدومة من هذا الموقف,ثم ترتجف مرددة: آسفة حسبتك أخي , وتكررها ,غافلتها دمعة سقطت أمامه , فقال: لا تجعلي عيناكِ الجميلتان تبكي وإن كانت تتجمل ببريق لمعان الدموع ,ثم إنك لم تكوني على علم أنني من خرجت , أردت إيجاد الحمام , فأضللت الطريق هلا أرشدتني رجاءً ؟؟ تصحبه شآم دون أن تنطق ,وتضع لهم الفطور على المائدة , ثم تسرع إلى غرفتها ,وتبدأ التفكير كيف دفعها غباءها لأن تضع نفسها في موقف كهذا, أما مجد فقد جلس ليتناول الطعام, وكان شارداً يعيد في ذاكرته تلك اللحظات ,عيناه فضحته فيساله وسيم: أعشقٌ هذا الذي يلمع في عينيك؟؟ يضحك مجد : لا الصدفة التي تشبه المعجزة التي تجعلك تشعر بسعادة كما لو كنت في الجنة, وسيم ضاحكاً: خطيرةٌ تلك الفتاة التي تجعل من الشاب شاعراً فجأة.
أنت تقرأ
إلى مابعد النُزوح
Randomقصة تروي مأسآة تعيشها فتاة مراهقة حين تندلع الحرب في بلادها فترى المشاهد الوحشية العديمة الرحمة وتتعرض للتعنيف من كافة الجهات المتنازعة هناك أحداث القصة تسري في سوريا وهي قصة واقعية ليست من نسج الخيال تتدرج الحكاية الى أن تصل الفتا...