قد شفي وسيم أخيراً وبإمكانه الخروج إلى المنزل , لكن أين هو مجد منذ أن تلقى تلك المكالمة وغادر مسرعاً لم يأتي , هل رحل إلى الأبد؟؟ ,, تنهدت شآم وكانت هذه الأسألة تدور في رأسها ثم شعرت بذاك القلق الذي توطن قلبها مذ أن أختفى لتتشوش أفكارها فلم تعد تدري لمَ تسأل عنه وتهتم بأمره إلى هذا الحد ؟؟ , لتعود وتكابر على نفسها , لمَ أهتم فليصنع ما شاء فلا علاقة لي :) , لكنها تلك الليلة لم تستطع النوم ولا الرقود براحة , فرحتها بوصولهم إلى المنزل برفقة وسيم الذي لم يعد يشعر بالألم وأصبح على ما يرام لم تكن تعني شيئاً مقابل لقلقها , كانت فقط تنتظر طلوع الفجر لتذهب إلى الجامعة بغيه رؤيته هناك ,, وها هو الفجر قد بزغ ارتدت ألواناً مضحكة غير متناسقة حتى أنها لم تنتبه بدت كما المهرج التائه , شالها الوردي مع فستان أزرق وحذاءٍ بني ,, وقد أكتملت علبةُ الألوان بحقيبتها البنفسجية , وصلت أخيراً وبدأت تتلفت يميناً يساراً عساها تلمحه في مكانٍ ما , دخلت القاعة بعد أن فقدت الأمل وكانت الخيبة تظهر على وجهها وبدت حزينة لا تعي بما يجري حولها لقد ذهبت إلى عالم الأسألة وإشارات الإستفهام والتعجب ,, أين هو يا ترى؟؟ ثم لمَ لم يأتي اليوم ؟ وكيف لا يزور وسيم بعد أن تعافى؟ أمن الممكن أنه انزعج من كلامي القاسي معه ؟؟ ثم لم أنا مثل الضائعة والتي فقدت كنزاً لها ,, فقاطعتها سلمى : شآم !! شام! هيي شام مابك عزيزتي ؟؟ هل هناك ما يزعجك ؟ وكيف هو حال أخوكِ الآن ؟
*سلمى! لا لا شيئ أبداً , إن وسيم في المنزل الآن الحمد لله
_الحمد لله , لكنكِ لستِ على ما يرام ألا تعلمين أنني صديقتكِ المقربة وأعلم عندما تخفين عني شيئاً ما , تصبح ملامحك غريبة ويسيطر الأرتباك عليك
* أخاف أن تفهمي كلامي بشكل خاطئ , فأنا لست سيئة
_ما هذا الكلام ,, غبية! , أنا مثل أختك , أعرفكِ كما أعرف نفسي
*أنا قلقة على مجد
_شاااام!!! ومن يكون مجد يا فتاة؟؟؟!
*الذي نعرفه نفسه
_ مجد متولي ؟ الفتى المغرور الغليظ الطباع
*ليس غليظا ولا مغروراً , ثم إنني فقط أسأل لأنه , ممممم سأروي لك القصة كاملة ...........
_يبدو لي يا شام أنكما وقعتما في شباك الحب
*هراء
_هههههههه لنرى إذاً يا جولييت , إنه جميل سيقتلنكِ الفتيات لأنه معشوق أغلب الفتيات هنا هههههه
*وماذا يهمني , ثم لا تجعليني أندم أنني أخبرتكِ , كفي عن هذا
_حسناً شامي الغاضبة
*لنذهب الآن
سارتا حتى منتصف الطريق حيث وصلت سلمى ,, عانقتها شآم ثم أكملت سيرها , في هذه الأثناء كانت على الطريق العام للمدينة اشتباكات بين الجيش الحر وهم مجموعة من شباب البلد الذين عاهدوا أنفسهم على قمع الفساد والظلم الذي تمارسه السلطات ضد الشعب ,وجيش النظام وهو الجيش الذي يسعى لحماية رجل قام وعائلته منذ عشرات السنين إلى يومنا هذا بالعديد من المجاذر والانتهاكات ضد الأنسانية والرحمة , بدأت أصوات الرصاص تسمع صداها في الأجواء وشام بدت مسترخية بعض الشيئ فقد اعتادت على هذه الأصوات , لكنها كانت كلما تسمعها يعاد أمام ناظريها مشهد وسيم مستلقي على الأرض , لكنها تشجعت وتابعت سيرها , لم تكن شام تعلم أن في انتظارها رعبٌ لم تعش مثله في حياتها , بقي القليل لتصل لكنها توقفت وبدأت ترتجف حينما رأت رجلين يرتديان بزة عسكرية فسرعان ما علمت أنهما من الجيش الآخر وقد سمعت الكثير عن إجرامهم بحق النساء والأطفال , شعرت برغبة شديدة بالبكاء لكنها تمالكت نفسها وتفادت السقوط من الخوف , ليتجه أحدهما ناحيتها كان ك الكلاب المسعورة وقد تحدث بلهجة ساحلية فرغم أنها مقرفة بدت أكثر بشاعةً حين تلفظ بها : إلى أين يا حلوتي ؟ , لم تعلم كيف بدأت الركض وخلفها كانت تسمع وقع أقدام أحدٍ يجري خلفها , أسرعت بكل قوتها ودموعها تنهمر لتبدأ قوتها تتلاشى شيئاً فشيئاً , فجأة سمعت صوت إطلاق النار فسقطت على ركبتيها مغمضةً عيناها , ثم وقف أحدهم فوقها , لا تزال مصدومة تغمض عيناها بقوة , إلى أن سمعت ذلك الصوت الحنون كالكمان حين يحنو على مستمعيه , شآم !! قولي هل أذوكِ ؟ لم تجب فقط نظرت إليه كانت تحدق في عينيه كالمجنونة , تلك العينين اللتان تلئلئتا كالنجوم بلون العسل , ليكرر بصوتً مرتفع وغاضب , , هل أذوكي يا مصيبة؟؟
*لا , لقد ركضت
_الحمد لله , هيا تعالي خلفي
*أين؟
_هيا شام لا وقت لدينا سيلتمون علينا بعد ما سمعو صوت الرصاص هنا
تذكرت شام الرصاصة وذلك السقوط لتلتفت خلفها وترى أحدهم ملقاً على الأرض تخترق رصاصة أحشاءه
ثم نظرت إليه فرأت بندقية على كتفه , بدأت البكاء , سحبها مجد وركض بها مسرعاً , أحس بأنفاسها تكاد تنقطع فوقفا خلف جدارٍ قديم ,مابكِ شام ؟ لم تجب , ثم أضاف: هل خفتي من الرجل المقتول ؟
*لا
_لمَ إذاً ؟؟
*منك
_مني أنا , ولمَ تخافين مني ؟؟ هل آذيتكِ بشيء ؟؟
*أنت قاتل
نظر إليها مجد بنظرة طفلٍ بريئ يكاد يبكي من قسوة ما سمع , تماسك ثم قال:أقاتلٌ أنا لأنني دافعت عن الشآمين ؟؟
وكيف لي أن أسمح لقدسية وطني وطهارة فتاتي أن تدنسا ؟؟ هل إن قتلني وألحق الضرر بكما كنت لأصبح بنظركِ بطل يا شآم ؟؟
لقد أرشدتني كرامتي لشآم الأم وأرشدني قلبي لشآم الهوى , فإن كان دفاعي وحمايتي للشامين إجرام فأنا مجرمٌ وقاتل يا شآم .
نظرت شآم إليهِ بدا لها أجمل كان يلف على رأسه وشاحاً بدا كالأمراء في قصص الخيال , لم تتفوه بكلمة واحدة فقط بقيت تدقق في تفاصيل وجهه التي تتسم بالرجولة والشهامة
سألها مجد وقد التفت إلى الناحية الأخرى : شآم هل تعتبرينني الآن خطراً عليكِ ؟؟؟ أجيبي بصراحة وسأدعكِ تفعلي ما تشاءي حتى إن أردتِ المغادرة وحدكِ
*أنتَ مجد منقذي$$ فقط منقذي , النور الذي يسطع لي في ظلمتي , ينير قلبي بالدفئ والأمان
_ وماذا عن كوني قاتل ؟
*لقد قلتُ ما قلتْ لك , بعدَ الزعر الذي أصاب قلبي من مشهدِ الرجلِ المقتول , وأيضاً هذا الرجل أراد إيذائي لذلك كنت أركض وهو يتبعني
*اللعنة عليه , وأنتي ألا تكفين عن إقحام نفسكِ في المخاطر يا متهورة ؟ , ألا تعلمين حال البلاد اليوم ؟ كفي عن الخروج وحدكِ والذهاب وحدكِ
_حاضر أستاذي , ثم إنني بحثت عنك فلم أجدك اليوم , لأجدكَ هنا تقاتل
*أحقاً كنتِ تبحثين عني؟؟
الآن عليي مصارحتها بكل شيئ , فقد تماديتُ بتصرفاتي مع الفتاة حتى وإن كان من غير قصد فأنا لا أنكر أنني أشعر بشيئ تجاهها وكنت سعيداً غير آبه بمصيري وأنا أحملها ,, وأضعف عندما أسمع صوتها أو أجلس معها إن بقيت هكذا سأجن , ثم استجمع قواه واستدار إليها وقال بتوتر وبسرعة :
شآم!! أنا فتى مجنون , لا عقل لدي , مفتونٌ بعينيكِ , أسيرُ حبكِ منذ كنتُ في الإبتدائية , أنا عاشقٌ تائه بجنةِ ضحكاتكِ يا شآم , أتقبلينَ أن يكونَ معتوهٌ مثلي زوجاً لجلالتكِ ؟؟
أنت تقرأ
إلى مابعد النُزوح
Randomقصة تروي مأسآة تعيشها فتاة مراهقة حين تندلع الحرب في بلادها فترى المشاهد الوحشية العديمة الرحمة وتتعرض للتعنيف من كافة الجهات المتنازعة هناك أحداث القصة تسري في سوريا وهي قصة واقعية ليست من نسج الخيال تتدرج الحكاية الى أن تصل الفتا...