أي الشامين أختار ؟؟

23 1 0
                                    

جلس وسيم بعد أن خرج الجميع  يتأملها تلك الفتاة التي حينما عاد للحياة كانت أول شيء يراه, يرتبك ولكنه أخيراً يسأل : هل أستطيع أن أسألكِ سؤالاً متطفلاً بعض الشيء ؟؟

_أجل سيد وسيم , يمكنك أن تسأل ما شئت , هل تريد ممرضاً ليعتني بك عوضاً عني , هذا حقك لن يزعجني.

* لا لا لا , أنني مرتاح جداً هكذا , أريد ان أسأل عن اسمك ,, يقولها وقد خفض ناظريه إلى الأرض

_إنه مكتوب على هذه البطاقة المعلقة على عنقي , اسمي ((بلسم ))

*اسم على مسمى , أنتي فعلا كالبلسم , حتى عملك  هذا ينطبق عليكِ 

_تجيب بصوتٍ خجول ومرتجف  : هذا من لطفك سيدي , اعذرني الآن ; اطلبني إن احتجت لشيء 

* أجل! سأطلبك قريباً , قريباً جداً 

تخرج بلسم وقد اختلطت تعابيرُوجهها فقد شحب لونها وباتت كالتائهة لا تعلم بأي اتجاهٍ تخرج , تنظر لها شآم فتقول بخبث لمساعدة وسيم بإقناع والدته بعد أن لاحظت أعجابه بالفتاة: يالها من فتاةٍ جميلة ورقيقة , لقد أهتمت بوسيم جيداً , محظوظ الرجل الذي سيتزوجها فهي ناعمة كزهرة البنفسج ومجدة وذات قلب ذهبي ,, تلتفت أم وسيم قليلاً ثم تتبع الممرضة , تضحك شآم بشدة , فينظر لها مجد ويضيع في تفاصيل ضحكتها , لتنتبه  له ثم تستدير متجهة إلى غرفة وسيم , يسمع بعد لحظات وسيم يناديه فيذهب إليه  , فيقول : مجد لقد غرقت يا مجد , أرى أطفالي مع بلسم يلعبون حولنا 

مجد: أنتظر من هي بلسم؟ وهل أنت متزوج لترى أطفالك , أفقدت عقلك يا رجل هههههههه

وسيم:أنها الممرضة يا ذكي , أخبرتني أن اسمها بلسم , وأطفالي أقصد في المستقبل لأنها ستكون زوجتي 

مجد:وما يدريك أيها العاشق المجنون لعلها مرتبطة أو ما شابه ؟؟

وسيم: أجل أصبحت مرتبطة , إنها ملكي أنا 

مجد: مجنون هههههههه , يبدو أنك لا تزال تحت تأثير مخدر العملية 

تنظر لهما شآم لتبدأ الضحك بعد كلام مجد دون توقف , فيتذكر الاثنان أنها معهما في الغرفة , فيوبخها وسيم لأن ضحكها يخجله , بينما عاد مجد مجدداً ليتيه في تلك الضحكة , شعر وكأن العالم بأثره يضحك , ثم يقول من غير تفكير : (( يتيه العاشق في تفاصيل أنثاه ,يخفق القلب طرباً فينسى الدم مجراه, أضعت صمودي  يا حوا فما عدت أراه ))

تنظر له شآم مطيلةًَ النظر , فيبدأ وسيم بمحو علامات الأستفهام والتعجب التي تعلو رأسه ويبدأ بالقهقهة : هاهاهاها هل قلت للحظات أنني أنا المجنون؟ يا سيد نزار , يضحك مجد ويخفض رأسه على غير عادته فقد شعر بشآم تنظر له , لا يستطيع مواجهتها حينما تكون بكامل أنوثتها , لا يقوى على النظر لعينيها تقابل عيونه , لذلك يأتي عندما يراها غاضبة لأنها تكون خبأت القليل من جاذبية الرقة لديها , يسأل نفسه: لابد أنها شعرت أنها المقصودة لأنها المرة الأولى التي تنظر لي هكذا متجاهلةً وجود وسيم أيضاً, وكيف لا تشعر وهي من عشاق الشعر وكتابه , أذكر كيف كانت المديرة في  الثانوية تعلق قصائدها على حائط المدرسة فأكتبها في مدونتي اليومية , إنها رقيقة بكلماتها كَ نسمةِ الرياحيين , طليقة اللسان , وأميرةً على بحور الشعر بالأوزان الأنثوية المتوازنة والمترنمة بموسيقى خفيفة تروي الأذنان .

وسيم : بالمناسبة مجد ما الذي حصل البارحة ؟؟ شعرت بأن النزاع بات أعنف يقتل دون تمييز 

مجد: أجل فقط استشهد البارحة صبي في السابعة من العمر برصاصة اخترقت رأسه بينما كان يهرب إلى المنزل , وامرأة حامل في شهر ولادتها , لقد تلقيت مكالمة من صديقي أعلمني بذلك , والآن يعيش الشارع حالةً من الاستياء لما حصل , ويتوعد شباب الثورة بالأنتقام 

*إذأ فهي الحال تسوء شيئا فشيئا 

_أجل! مع الأسف 

*أنت ممن قاموا بالمظاهرات في بدايتها أليس كذلك؟

_أجل لقد كان كل شيئاً سلمياً دون إراقة الدماء إلى أن بدأ النظام الطاغية بممارسة العنف ضدنا , فلم يستطع الشباب رؤية الاعتقالات تحدث كل يوم فقط بتهمة التظاهر السلمي , فقد فقدت كثيرا من الأسر معيلها إثر ذلك 

*قولوا لبلسم أن تتزوجني , قبل أن تسوء الأحوال أكثر 

_أحمق ههههههه , هذا هو همك الوحيد في الحياة

تدخل بلسم مع أم وسيم وكان رجل مع امرأته  ومعهم أبو وسيم , ثم يدخل الجميع كانوا الثلاثة مستغربين لا يفهموا ماذا يحدث 

أبو وسيم : إن هذان الشخصان المحترمان هما أبو بلسم وأم بلسم ,يلقي الجميع التحية عليهما , ثم تقول أم بلسم : ليحميهم الله,, لديكِ ثلاثةُ أطفالٍ كما القمر المنور وهذه الفتاة الرقيقة ليحميها الله

شآم : شكراً يا خالة على جمالِ كلماتكِ تلك 

يقف مجد مستغرباً كيف أنه لا أحد منهم وضح لعائلة بلسم أنه ليس إبنهم , ثم وقفت أم وسيم بجانب مجد وبدأت تطبطب على كتفه وتقول:إن هذا الأمير هو أغلى أبنائي 

نظر لها مجد نظرة اليتيم البريئ وبدأ يبكي أمام الجميع , ليركض ويخرج من الغرفة , لم يتمالك نفسه لقد شعر بالفرح ومعه تذكر والدته التي كانت تتباهى به أمام الناس , تبعه أبو وسيم 

لحظة صمتٍ عمت غرفة وسيم , كانت شام تعلم لم فعل هذا , كانت تريد اللحاق به, شيء داخلها يدفعها لذلك , لكنها ثبتت ولم تذهب لأجل الناس الذين جلسوا ينتظروا باستغراب . 

أبو وسيم :مابك يا بني 

احتضنه مجد قائلاً , أعد هذا يا أبي قل لي بني مجدداً ومجدداً 

أبو وسيم: يا بني ,  أحكي لأباك ما سبب دموع الرجال المتناثرة بألم تلك؟

مجد:أنا والداي متوفيان منذ أن كنت صغيراً , وعندما قالت الخالة فاطمة ذلك الكلام لي شعرت بالأمان والفرح الذي فقدته منذ سنين , وتذكرت أمي وكلامها 

أبو سيم : هيا يا عزيزي , لا اعتراض على قضاء الله , ادعو لهما بالرحمة والغفران , أنا أيضاً يتيم الوالدين ,كان عمري حين فقدتهما بحادث سيارة خمس سنوات , إنه شعور مؤلم أعلم , لكن لا تنكسر للحزن فهذه هي الحياة أناس يولدون واناس ينتهي عمرهم , ((ولكل ٌ أجل هو ملاقيه )) 

يحتضن مجد أبو وسيم  بقوة أكبر ويقول : أشعر بحضنك دافئا يشبه حضن والدي , هل تسمح لي أن أناديك والدي؟

أبو وسيم :شرفٌ لي يا بني ان أكون أباً لشابٍ طبع على جبينه المجد وخلقت الرجولة له مثلك , فأنت من الذين يطالبون بحقنا بالعيش بكرامة دون الخضوع لأي أحد, هيا الآن يا مجد فأمك تحضر لنا مفاجأة ووسيم يحترق شوقاً ليعلم ما الموضوع ,لنذهب إليهم .


إلى مابعد النُزوححيث تعيش القصص. اكتشف الآن