الكل يتكلم عما يجري في سوريا في الآونة الأخيرة , الصحف والجرائد مواقع التواصل ,الأجتماعي نشرات الأخبار ,فوضى عارمة في البلاد ,اعتقالات في حق الشباب بنفس التهمة التخريب والشغب , فقط لأنهم أسمعوا صوتهم ,بدأ الخوف يجتاح القلوب والقلق يسيطر على الأجواء ,هنا علمت شآم لأول مرة بمصطلح ((المظاهرات)) فقد كانت تخرج كل يوم بشعاراتٍ جديدة , يردد فيها الشباب نريد إسقاط النظام , بدء الأمر في درعا براءة الأطفال دفعتهم إلى ترديد كلماتٍ سمعوها على التلفاز فقام هذا الطاغية السفاح باقتلاع أظافرهم , سمعت شآم أحد الشبان يتحدث ,ثم سارت لتتابع طريقها إلى الجامعة ,كانت تدرس في كلية الصيدلة في السنة الأولى عرفت بالفتاة العبقرية فقد كانت معدلاتها من أفضل الطلاب في الجامعة , كانت تحب ما تفعل فهذا حلم طفولتها ,وصلت للجامعة وعلى باب المدخل وقف شبان يتهامسون فيما بينهم وبينما مرت بجانبهم لتدخل المعبر سمعت عفوياً , اسقاط النظام ..
فكرت ملياً ما بهم الناس أصبح شغلهم الشاغل الحديث عن هذا الموضوع ,وبينما كانت تفكر شاردتاً في تلك الأمور يسكب محلول(برمنجات البوتسايوم )على طاولة المختبر وهي لا تلاحظ , فيلاحظ الأمر طالبٌ في دفعتها فيقترب منها ويقول أين ذهب عقل الفتاة العبقرية؟ أجل إنه العشق يا سادة , لتنزعج شآم وتقول:وما شأنك أيها الثرثار المغرور ثم إنني لا أؤمن بتراهات الحب تلك , فهي محط أساطير لا وجود لها , وكذبةٌ تخدع الفتيات بها أنفسهن ليقعن في قبضة الشباب الوحوش الذين تجردوا من الرحمة ,كانت تتكلم وهو يحدق في عينيها , ليقاطعها ويقول: بالمناسبة عيناكِ فاتنتان , فتترتبك شآم وتذهب دون أن تتفوه بحرفٍ واحد , شابٌ عديم التربية يرى نفسه ملكُ العالم كله إن كانت الفتيات تتدافع عليه كقطيع الغنم ,ثم إنه وقح, ليت وسيم أخي يسمعه ليشوه مظهره هذا , تفكر شام لتعود إلى الشرود , فيأنبها المحاضر , ليعود مجد ويقول لها : يا ذاتِ العينانِ الساحرتان هلا أعطيتني أنبوبة أختبار من على جانبكِ, فتعطيه غاضبة -_-
_أيمكنكَ أن تلتزم حدودكَ معي رجاءً؟؟
*لا ,, أنتِ من يجبُ أن يلتزم حدوده
_أنا ؟؟!!
*أجل! , فعيناكِ تتخطيانِ الحدود , أقترح عليكِ النقاب لترتاحي
_ وقح
* جميلة
تذهب شآم وملامحُ الغضب ترتسم على وجهها وتحدث نفسها,,,,تافه شابٌ عديم التربية ليتني أستطيع أن أضربه على فمه لكي تتساقط أسنانه الواحد تلو الآخر,, تنزع لباس المخبر لتعود إلى المنزل وفي طريقها تسمع أصواتاً قريبة , ومُسِناً يقول إنها مظاهرة خرجت للتو , ترتبك شآم وتخاف بعد ما سمعته عن الأمور التي تحدث في المظاهرات هذه , من عنف ومشاجرات ,ثم إنها فتاة تمشي وحيدة في الشارع وكانت أمها تحدثها عن الشبان الذين يملكون قلوباً مريضة قد يتعرضون لها ,فبدأت بالبكاء وهي تكمل سيرها فهذه الطريق الوحيدة التي توصل إلى منزلها الذي يقع في حارةٍ ضيقة وقديمة في أحدى أزقة دمشق القديمة ...
ثم ترى هذا الحشد الكبير من الناس يتجه نحوها ليكمل طريقه بالسير وترديد الشعارات
بدأت تبكي كالطفلة الصغيرة التي فقدت دميتها المحببة , ليراها هو والدموع تنهمر من عينيها كان في الصفوف الأولى من تلك المظاهرة , اختلف مظهره عن الجامعة فقد لف على رأسه وشاحاً بدا كما لو عدنا للبيئة الشامية القديمة ,أسرع نحوها قلقاً , سألها:
_ هل تعرض لكِ أحدهم ؟؟
*لا علاقة لك بهذا
قالتها والدموع تسيل وتسيل وقد اختلف صوتها بدا مرتجفاً خائفاً
_حسناً إذاً , سأذهب في هذه الحالة
يلتفت ليذهب , فتنفجر بالبكاء كأنها تقول لا تذهب , فيعود ويقول : حسناً لن أذهب
تسكت شآم وتتوقف عن البكاء فيضحك مجد ثم يخاطبها قائلاً :أسبق وأن قال لكِ أحدهم أن عيناكِ تصبحانِ أجمل حين تبكين ؟؟
تبقى شآم في حالة الصمت التي اتخذتها ,كان مجد يحاول جاهداً أن يدفعها للتكلم معه ولو كان كلامها كالمعتاد بغضب وغرور
إلا أنها كانت تفكر ماذا إن كان هذا الشاب سيخدعني ويقودني إلى مكانٍ غير منزلي ويخدرني كما قالت أمي ؟؟ أو أنه من تجار أعضاء البشر وأعجبته عيناي فقرر أقتلاعهما وأن يبيعهما بسعرٍِ بخس , يا ويلي ماذا أفعل؟؟ ولا أستطيع العودة لوحدي مع كل هذه الجموع, ساعدني يا رب , فيلتفت لها مجد : أنا جائع هل أنتِ جائعة ؟؟
* لست جائعة
_ بلا أنتِ جائعة لم نتناول شيئا منذ الصباح فقد كنا في الجامعة وأعلم أنكِ بقيت في الجامعة وقتاً إ ضافياً
* إذاً أيها الذكي لم َتسأل إن كنت تعلم كل هذا ؟؟
_ههههه , حسناً آسف ,ماذا تأكلين سموكِ؟
*قلت لا شيئ
_ اذاً ستأكلين على مزاجي , سنأكل من مكانٍ اعتدت الذهاب إليه يقدم طعاماً رائعاً, اتبعيني
*لا أريد
_إذاً ابقي هنا لأحضر الطعام
وعندما مشى تبعته شآم , فتظاهر بأنه لا يراها وضحك كثيراً دون أن يجعلها تشعر
الطريق بعيدة ,,,حين يسلك أحدهم هذه الطريق فيتحتم عليه أن يسلك ثلاث حاراتٍ ليصل إلى بيت شآم وهي لم تكن تفقه شيئاً عن هذه الطريق لذا بدت قلقة جداً , فقط تتبعه رغم الخوف الذي كان يتملكها .
أنت تقرأ
إلى مابعد النُزوح
Aléatoireقصة تروي مأسآة تعيشها فتاة مراهقة حين تندلع الحرب في بلادها فترى المشاهد الوحشية العديمة الرحمة وتتعرض للتعنيف من كافة الجهات المتنازعة هناك أحداث القصة تسري في سوريا وهي قصة واقعية ليست من نسج الخيال تتدرج الحكاية الى أن تصل الفتا...