الفصل اﻻول

15.2K 494 50
                                    

بغداد / ما بعد نهاية العصر العباسي عام 1290

في احد القصور المطلة على نهر دجلة كان هناك قصر يمتاز نوعا ما بأنه كبير يعود لاكبر تاجر في بغداد وهو شاهبندر التجار عزالدين التاجر المعروف فيها على انه اثرى تاجر وسعت تجارته اماكن بعيدة في الهند والصين وافريقيا جلس السيد عزالدين في احدى غرف قصره على سجادة الصﻻة يصلي وبعد ان اتم صﻻته اخذ يدعو الله ويبتهل اليه ان تكون وﻻدة زوجته سهلة واخذ يشكر الله على كل ما اعطاه من مال وحﻻل اﻻ ان ذلك كان ناقصا فلم يكن له اوﻻد من زوجته وابنة عمه التي احبها منذ مطلع شبابه وبادلته هي ذلك الحب بالحب  واكرم الله عليهما بأن تم زواجهما ولكن عندما تأخر ما يكمل سعادتهما بأن يفرحا باوﻻدهما عرض عليه بعض المقربين منه ان يتزوج مرة اخرى لعل الله يعطيه الذرية الصالحة و رفض التاجر عز الدين ذلك و عاوده المقربين منه مرة اخرى وعرضوا عليه ان يطلق زوجته ان كان يخاف على مشاعرها ويتزوج باخرى اﻻ انه أبى مرة اخرى بالتفريط بحب حياته وبعد يأس هؤﻻء من التفريق بينهما تركوه ولم يعودوا يتكلمون بهذا الموضوع معه مرة ثانية و ها قد مر 12 عاما منذ زواجهما لم يتخلى عز الدين عن ايمانه وصبره بان يمن الله عليه بابن او ابنة من صلبه و تكون اﻻم هي زوجته وحبيبته لبنى ابنة عمه وقد استجاب الله لدعائه وصﻻته وقيامه بان جاءت لبنى تخبره في احدى اﻻيام بانها تشعر بصداع يكاد يفتك برأسها وما هي اﻻ ثواني ووقعت مغشيا عليها حملها زوجها المحب الى الغرفة الخاصة بهما ومددها على السرير المرتفع وامر احدى الخادمات بان تأتيه بالداية التي تولد الصغار وفعﻻ حضرت الداية التي ما ان دخلت على زوجة التاجر وبعد مدة خرجت الداية حتى اعلنت الخبر السعيد وقالت
- هات البشرى يا ابا الشهاب
- ماذا هناك اجيبيني ما اللذي  حدث  لزوجتي
- اطمئن هي بخير ولكنها تعاني من اعراض الحمل ككل امرآة و.....
- حامل ؟زوجتي حامل ؟ هل ما تقولينه صحيح؟
- اجل يا سيدي لقد استجاب الله لك وعليك شكره وحمده على ما اعطاك
- الحمد لله ..الحمد لله
ثم خر راكعا في سجدة شكر لله فقد غمره الرب برحمته ومن عليه واعطاه فما قصر معه ومرت اﻻيام وحمل لبنى بدأ بالظهور وكان زوجها يطمئن عليها كل يوم ويهتم بها وكانت حين تسأل عما يحب ان تلد ذكرا ام انثى كان يجيبها قائﻻ بأبتسامة ﻻ تفارق شفتيه بأن ذلك ﻻيهم فكل شئ يأتي من الله راض به وقالت له وهي تستمع الى حديثه المطمئن لنفسها ماذا ان كانت انثى ما تحمل في احشاءها والكل يعلم ان الانثى ليست كما الذكر في حمل اسم ابيه الى اجيال واجيال قادمة ابتسم الزوج وقال لها ﻻيهم فغﻻوة البنت مثل غﻻوة الولد عنده وذكرها بالرسول الكريم فأنه كان يكنى بأسم ابنته لا بأسم ابنه معطيا مثالا لكل من اراد التفريق بين اوﻻده في محبتهم وتفضيل بعضهم عن الاخر فأطمئنت لبنى لكﻻمه ومرت شهور الحمل التسعة على يسر والزوجان يطيران من الفرح بالقادم الجديد وجاء يوم الوﻻدة بدأت الزوجة تشعر بالمخاض من ساعات الصباح اﻻولى فأرسل الزوج في طلب الداية للمساعدة في وﻻدة الطفل اﻻانها خرجت بعد قليل لتقول للرجل ان اﻻمر لم يحن بعد و ان الطلق توقف وهي ترتاح اﻵن وبعد مرور عدة ساعات اتى الزوجة الطلق مرة اخرى وللمرة الثانية يرسل الزوج في طلب الداية وكان اﻻمر مثل المرة السابقة اﻻ ان الزوج منع الداية من الخروج من منزله حتى وﻻدة زوجته وكان اﻻمر كذلك
ذهب النهار و أتى الليل والوﻻدة متعسرة فقام الرجل ودخل احدى غرف المنزل يصلي ويبتهل الى الله ان يمن عليه في ولادة زوجته المتعسرة واذا به يسمع صرخات الطفل فحمد الله كثير وشكره وسجد لله شكرا وحمدا ثم قام من على سجادة الصﻻة وذهب الى غرفته حيث مكان ولادة زوجته وتوقف عند الباب مناديا على الداية ليطمئن على سﻻمة زوجته وابنه ،خرجت المراة العجوز وقالت له ان زوجته انجبت طفلة جميلة مثل جمال القمرعند اكتماله فرح بذلك ولكنه سأل عن زوجته فتغير وجه المراة وقالت انها متعبة جدا فتركها ودلف الى الغرفة وتوجه نحو السرير المرتفع وجد زوجته نائمة عليه وتوجه لها ركع بالقرب منها سائﻻ عن حالها فتحت المراة عينيها بصعوبة وتنفسها يعلو ويهبط بسرعة كأنها تلتقط انفاسها اﻻخيرة واخبرته ان يسامحها ﻻنها لم تستطع انجاب ولد له بل كان المولود بنتا اخبرها ان ذلك ﻻيهم المهم عنده في المقام اﻻول هي صحة من سلبت قلبه وتربعت على عرشه منذ ان كانا يافعين اخبرته ان اجلها قد حان وانها تركت له جزء منها لتعينه على فراقها ثم لفظت الزوجة انفاسها الاخيرة وهي تتم بالشهادة وبعدها سكن الجسد ولم يعد يتنفس ذهل عز الدين فلم يتوقع ان تتركه حبيبته و زوجته و رفيقة دربه وتذهب عند بارئها بكاها كما لم يبكي انسان اخر على فقد محبوبه وامتنع عن اﻻكل والماء وحبس نفسه في قصره واحجم عن مقابلة الناس مدة من الزمن اﻻ ان هناك شئ اعاد له بعضا من رشده صراخ تلك الطفلة المتواصل يبدو انها جائعة وعندما خرج من صومعته سأل احدى الخادمات وكانت تدعى ميمونة عن سبب بكاء الطفلة اجابته المراة بسبب جوعها فهي لم ترضع منذ الصباح ﻻن المرضعات اللواتي اتين لأرضاعها عندما عرفن عن يتم الصغيرة و ان والدها نبذها بسبب موت امها عزفن عن المجيئ ﻻرضاعها تجهم عز الدين وسأل الخادمة
- وهل هناك مرضعة تعرفينها يمكن المجيئ اﻵن ﻻرضاعها في هذا الوقت المتاخر ؟
اجابت ميمونة
- في الحقيقة يا سيدي يوجد مرضعة و...
قاطعها
- يوجد؟ هاتيها حاﻻ وساعطيها المبلغ الذي تريد
- ﻻ داعي لذلك يا سيدي فانا استطيع ارضاعها مع ابنتي صفية
- آه أجل فانت لديك ابنة صغيرة تذكرت هذا فأنت زوجة حسن البستاني أليس كذلك ؟ولماذا لم تقومي بارضاعها قبل اﻵن؟
- نعم يا سيدي انا زوجة حسن البستاني وبالنسبة لأرضاع الصغيرة فهذا ﻻ يجوز دون علمك ولكنك كنت في حالة حزن شديد على سيدتي رحمها الله
تقبل الرجل عذرها و قال لها
- حسنا ، قومي بارضاعها
حملت ميمونة الطفلة من مهدها وقالت
- ولكن يا سيدي اﻷ تريد حمل ابنتك؟ انظر اليها سبحان الخالق انها كالبدر ليلة اكتماله حتى انك لم تكبر في اذنها .
نظر عزالدين الى ابنته ومد يده نحوها فأعطته ميمونة الطفلة فحملها و رق قلبه لها وتناول أذنها اليمين و كبر
-الله اكبر ..الله اكبر .. الله اكبر .
و تناول أذنها اليسار  ثم أذن اﻷذان
- اشهد ان ﻻ اله اﻻ الله واشهد ان محمد رسول الله حي على الصﻻة .. حي على الفﻻح .. ﻻ اله أﻻ الله .
ثم ناول الطفلة للخادمة ميمونة وهم بالمغادرة أﻻ ان استدراك ميمونة أوقفه
- ولكنك يا سيدي لم تسميها
التفت وقال
- اسميتها الشهباء لبنى
وخرج....

التاجرة البغدادية واﻻمير اﻻندلسيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن