الفصل السابع

4.9K 249 40
                                    


نهض الوليد في الصباح الباكر وتحديدا بعد بزوغ الفجر بقليل حيث بات تلك الليلة في غرفة من الغرف الموجودة في الطابق العلوي في الوكالة التجارية التي تملكها تلك الفتاة التي اصبحت زوجته ولو أن زواجه بها كان صوريا وعلى الورق فقط فقد خرج من هناك مع تباشير الصباح اﻻولى وكانت تلك الفتاة نائمة على سريرها الخشبي المزخرف المصنوع من الخشب المخرم ذو العواميد الأربعة والمظلل بستارة من المخمل اﻻزرق الفاتح الفاخر ذات الحوافي المشرشبة باللون الذهبي وخلفها توجد ستارة من القماش الشفاف ابيض اللون ، كانت كل ستارة مخملية مربوطة بأحد عواميد السرير بحبل مفتول بفتلة غليظة ذهبية اللون بينما تنسدل الستارة البيضاء الشفافة على السرير فتحجب النائمة على السرير من التطفل عليها أثناء النوم .
لقد أعتقدها نائمةو لكنها في الحقيقة لم يغمض لها جفن في الليلة الماضية ليست ﻷنها خائفة منه بل ﻷنها تخاف عليه من غدر صاحب الشرطة فبعد الطريقة التي تلقى بها خبر رجوع زوجها وخروجه بتلك الطريقة الغاضبة ظنت أنها تخلصت من صاحب الشرطة الى اﻷبد ولكن ما حدث بعد ذلك أثار دهشتها من تصميم الرجل على تحقيق مبتغاه فبعد خروج صاحب الشرطة أراد الحداد الشاب الخروج والذهاب فقد أكمل دوره وحان وقت ذهابه واعدا أياها بتطليقها قبل مغادرته المغرب ورجوعه الى دياره ، ﻻ تدري لماذا عندما سمعت عن الطﻻق غلفها شعور بالحزن لم تفهمه أﻻ انه لم يدم طويﻻ وحاولت هي عدم أظهاره أﻻ أنها توسلته لكي يبقى لبعض الوقت ويقبل ضيافتها له على العشاء .
تذكرت كيف تطلع أليها بعيونه السوداء اللتان تشبهان عيني النسر ظنت لبرهة أنه سوف يصر على المغادرة أﻻ أنها فرحت بقبوله دعوتها .
كانا جالسين على مائدة الطعام التي توسطها طبق كبير وعميق للفاكهة المكونة من التفاح والموز وبعض الصحون التي وضع فيه الطعام ، خطر في بال الوليد سؤال فتطلع الى الفتاة الجالسة قبالته والتي كانت منهمكة بمضغ اللقمة في فمها وتنحنح قائﻻ :
- عفوا هل استطيع أن أسألك عن شئ خطر في بالي اﻵن ؟
- تفضل سل عما بدا لك .
- وهل ستجيبين عنه بكل صدق ؟
- ذلك يعتمد على نوع السؤال الذي ستسأله ، مع ذلك نعم سأجيبك بكل صدق فأنت اﻵن في موقع ﻻ يسمح لي بالكذب عليك .
أبتسم لها مما جعلها تتعلق بتلك اﻻبتسامة الجميلة ؛ قال الوليد :
- قلت أنك من بغداد ؟
أجابته دون أن تتطلع أليه وهي تهز رأسها بالموافقة :
- نعم أنا من هناك ، لماذا تسأل ؟
أجابها وهو يضع كأس الماء الذي كان يشربه على المائدة :
- عندما كنت صغيرا كنت أقرأ كثيرا عن تلك المدينة وكنت أتمنى زيارتها أو مقابلة شخصا قام بزيارتها على اﻷقل فما بالك بشخص من أهلها .
- كنت تقرأ ..؟!! يبدو أنك كنت تقرأ كثيرا بالنسبة لحداد أغلب وقته امام النار يقوم بتذويب المعادن واعادة تشكيلها مرة أخرى ؟
تجاهل تكهمها وسألها مجددا :
- كيف حدث ذلك اﻷمر ؟ أعني سقوط الخﻻفة على يد المغول ؟
نظرت اليه وقالت وهي تهز كتفها بحركة عدم المعرفة :
- ﻻ أعرف ماذا حدث بالضبط فلقد ولدت بعد ذلك بسنوات كثيرة ولكني كنت أسمع أبي رحمه الله حينما يتحدث عن ذلك قائﻻ أن أهم أسباب سقوط العباسيين بيد المغول هو ذلك التمزق الذي أصاب المجتمع نتيجة لصراعات بين جماعتين من المسلمين فلم يستطع الخليفة السيطرة عليه ﻷنه كان غارقا في ملذاته فترك أمر الدولة ﻷناس كل همهم مأربهم الشخصية ﻻيخافون على مصير الدولة والناس مما سهل دخول المغول الى ديار المسلمين .

التاجرة البغدادية واﻻمير اﻻندلسيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن