الفصل الحادي عشر

4K 233 40
                                    


قصر اﻷمير محمد - غرناطة :

كانت اﻷميرة فاطمة في غرفتها تبكي بحرقة وهي جالسة على طاولة الزينة المزخرفة بزخرفة اسﻻمية هندسية ، نظرت الى صورتها في المرأة وهي تتذكر ما قاله زوجها اﻷمير محمد منذ بعض الوقت وهو في غرفة المكتب .
ففي ذلك الوقت أرادت اﻷستئذان منه للذهاب الى أحياء الفقراء في المدينة للتتصدق عليهم بالمال والطعام وتكسوهم بالمﻻبس كما جرت العادة كل عام ، فوجئت بوجود الباب مفتوح واﻷمير يقف عند النافذة وهو يبكي ويدلي بذلك الكﻻم الذي أوجعها في الصميم فقد عرفت أنها وﻷول مرة منذ عشرون عاما قد ظلمت ابنها الوليد وأن هناك من دبر مؤامرة كان ضحيتيها ابنيها الوليد وعبدالرحمن و أن من تحمل الوزر كله الوليد الذي ما أن تذكرت ما فعلت به طوال تلك الفترة الماضية وما قالته له في أخر مرة رأته بها حتى أزدادت دموعها وﻻمت نفسها بشدة قالت في نفسها :
-أي أم أنت؟ أتحسبين نفسك أما بعد ما فعلت بفلذة كبدك وقطعة من روحك ؟أي أم غيرك أنت فعلت ما فعلت بابنها ؟ ﻻ .. ﻻ يوجد غيرك طردت ابنها من قلبها وأنت اﻵن نادمة أشد الندم بمجرد معرفتك بحقيقة اﻷمور .
أزداد نحيبها ولوم نفسها كما فعلت يوم مات صغيرها عبدالرحمن ولكن هذه المرة كان ألمها أعظم وهو ندم شديد ﻷنها قامت بأنتزاع الوليد من قلبها وهو بالتأكيد اﻵن يكرهها و ﻻ يريد رؤيتها وخاصة بعد ما حصل في أخر مرة رأته فيها ولكن تبادر الى ذهنها سؤال أذا لم يكن الوليد هو من قتل أخيه فمن هو أذن من فعل ذلك وتسبب بكل هذا النزف الموجع في قلبها وقلب زوجها اﻷمير محمد وقلب الوليد؟ ، من ؟ ما هي مصلحته في التسبب بتحطيم أسرتها ؟
أسئلة تدور وتدور في رأسها الذي بدأ الصداع يفتك به ولكنها لم تكن تهتم به بقدر اهتمامها بمعرفة من قتل ابنها اﻷصغر وجعلها تغضب على ابنها اﻷكبر فعقد العزم على الذهاب الى زوجها و الحصول منه على أجابات ﻷسئلتها فتركت منضدة الزينة وخطت خطوتين نحو باب غرفتها حتى سقطت مغشيا عليها .

------------------------------------------------------

بيت الشهباء

دخلت الشهباء مع نصر وهم يسندون المرأة المصابة مع ابنها فلما رأتهم ميمونة حتى أسرعت أليهم وهي تقول :
- ما الذي حدث ؟ ومن هذه المرأة ؟
أجابت الشهباء :
- سأخبرك بكل شئ ولكن أوﻻ علينا وضع المرأة وابنها في أحدى الغرف فهي مجروحة ومتعبة ؛ أرجوك ساعدينا .
فعلت ميمونة ما طلبته الشهباء وفعﻻ تم وضع المرأة و ابنها في أحدى الغرف في الطابق اﻷرضي متوسطة الحجم ونظيفة ومرتبة ، مددت ميمونة المرأة على السرير وغطتها جيدا والشهباء ونصر يراقبان ذلك ثم التفتت ميمونة نحو الشهباء واعادت السؤال مرة أخرى :
- من هذه المرأة ؟ وما الذي حدث لها وجعلها بهذه الحالة المزرية ؟
قالت الشهباء تجيبها :
- ونحن نسير وفي سوق العبيد رأيت نخاسا يضرب هذه المرأة و أراد سلب ابنها منها فلم أتحمل ذلك المنظر فدفعته عنها وقمت بضربه واشتريت منه المرأة وابنها لكي ﻻيفرقهما .
ارتسمت مﻻمح الدهشة على وجه ميمونة الدهشة ليس ﻷن الشهباء قامت بشراء اﻷم وابنها بل الدهشة من تصرفها فهي ﻷول مرة تظهر شعور الغضب تجاه تصرف وتتصرف حياله بغضب ولكن ميمونة تعذر الشهباء في هذا اﻷمر ﻷنها حرمت من والدتها وهي ﻻتزال طفلة رضيعة و صحيح أنها قامت بتربيتها وكأنها أمها ولكن ذلك ﻻ يعوض عن اﻷم الحقيقية ؛ فقالت لها :
- حسنا ﻻ بأس ولكن ما اسمها واسم ابنها ؟( أشارت بأصبعها نحو المرأة الممدة على السرير وابنها الجالس بجانبها )
- ﻻ اعلم ما اسميهما وعلى العموم سوف نعرف بعد أن ترتاح ...
ثم نظرت نحو الطفل الصغير وقالت :
- يبدو هذا الصغير جائع ماذا يوجد لدينا من طعام ؟

التاجرة البغدادية واﻻمير اﻻندلسيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن