عاجلا أم آجلا كنت سأذهب، ولاكنى فقط أردت أن أصلح كل شيئ..أردت أن أذهب فى سلام ولا أخلف ورائى مايقيم حربا مدمره.
قدرى هو أن أذهب الآن حتى روحى لن أتركها هنا، لا أريد من أحدهم أن يشعر بطيفى حتى فى منامه، وليتولاهم ربى لما قد يحدث أو ربما لا.
أنا قد تلذذت بتلك الحياه حتى شبعت، وقعت فى الحب و وقعت فى أخطائى، ذهبت بسلام ملئ بالوجع و الخوف..ما زالت ( ليلى ) تنظر إلى ( ياسر ) و هى تستوعب مقولته " نعم إنه بداخلى." تلك الجمله التى خرجت منه استهزائا لم تكن لها كذلك، كان عقلها ينتظر سماع تلك الجمله منذ وقت طويل لكى تسكن بداخله ولا ترحل.
بعض ما لدينا فى الحياه يثير بداخلنا الشك أحيانا، تخبر نفسك بأن هذا خطئ و أنك على صواب ثم تظن أنك مخطئ، فى هذا الوقت ينتظر العقل سماع تلك الكلمه المؤيده لكل الشكوك.
ضحك ( ياسر ) ثم ظهر عليه الغضب و بصوت مرتفع أخذ يصيح
" أردتى سماع هذا أليس كذلك !!
أردتى أن أخبركى أننى سيئ و لست ملاككى المنتظر ولاكنى فقط شيطان أحمق يأخذكى لمنحدر الهلاك..أهذا ما تريدينه !! "أبتسمت ( ليلى ) وأخذت تضحك بصوت هادئ و هى تنظر إلى السماء مجددا، لم تجب على أيا من كلماته بل أكملت حديثها و أخذت تخبره مجددا
" أتعلم..لم أحبب القهوه يوما، كنت أراها من أعمده الإكتاب فلم أتذوقها، فى طفولتى أخبرتنى أمى أن القهوه للراشدين أما نحن فلا..فأدركت أننى كلما تقدمت عاما ىنيت عمودا للإكتئاب و كلما أبتعدت عن طفولتى نقصت سعادتى."صرخ ( ياسر )
" أجننتى يا ( ليلى ) !! أتلك إجاباتك السخيفه على ما قلت، أنتى لا تقولين غير الأشياء السخيفه و لا أدرى بماذا أصبحتى هكذا..
طنتى كالطفله المدلله حتى فى السابعه عشر من عمرك و الآن أرى عجوزا شمطاء تتصرف بحقاره."ضحكت ( ليلى ) مجددا و نظرت له بإبتسامه هادئه و قالت
" نعم عزيزى ف اليوم أنا فى الثامنه عشر، و قد أنشأت عمودا جديدا ألا و هو اللامبالاه أأعجبك ؟ "صمت ( ياسر ) ثم هدأ قليلا و بدأت ( ليلى ) تبكى، ذهب وجلس بجانبها مجددا و ضمها و قبل يديها و فى هدوء أخبرها
" ( ليلى ) أنا حقا آسف، عيد مولد سعيد
أنتى فقط تغيرتى كثيرا و لا أعلم ماذا حدث لك، أوشك الشتاء على أن ينتهى بكآبته و أنتى يزداد حزنك لا يذهب، ماذا حدث لحبنا الكبير..هل صار من الماضى أخبرينى."لم تتوقف ( ليلى ) عن البكاء و لاكنها لم تنظر إليه، فهى تعلم أنها إذا نظرت لن تتحدث بل ستنسى ماحدث و تقع فى حب هذا الثلاثينى كأنها المره الأولى، أغمضت عينيها فى هدوء و قالت
" الشتاء..آه
إن الشتاء يتلاشى فأزداد حزنا، مطر الشتاء هو ما كان يروى هذا الحب عزيزى، قلبى متنقل بين فصول السنه الأربعه يذهب مع آخر نسمه فى الشتاء، أنت لم تستطع أن تُسْكِن نسماته فى قلبى فيسكُن حبك بداخلى، أنت لم تستطع أن تسكُن بداخلى..لم تستطع."" إذا ماذا.."
" إذا ألقاك الشتاء المقبل عزيزى، أو ربما قد تأتينى نسمه تسكنى إلى الأبد."
ثم نامت من التعب و لم تشعر بشيئ.