4 " ترنُّم "

564 55 9
                                    




سار في الطريق الذي مرَّت به ، يبحث عنها لِيُعْطي لها بقيّة الأوراق

يتلفَّتُ في أرجاء الفناء علّهُ يراها

ندَبَ حظّهُ و خجلهُ الذي أخَّرهُ عن اللحاق بها

" لو أنني تعجَّلتُ لكنتُ وجدتها ، كيف سأعطيها هذه الأوراق ؟ حتى أنني لم أسألها عن نشاطها الذي هِيَ مشتركة فيه "


تهلَّلت عيناهُ حالَمَا رءآها، كانت تخرج من إحدى المراكز التعليمية ، وقفت بجانب الباب مُطَأْطِئة رأسها للأسفل

إستغرب فِعْلَها لكن لم تلبث مكانها بل خَطَت مُبتَعِدة

كاد ينطق مُنَادياً باسمها ، لكنه تراجع متردِّداً

رمَقَ يده مطوّلاً يسترجع الموقف المُحْرِج الذي حصل

تردَّد أكثر و فكَّر ألّا يتبعها ، قطب حاجبيه بضيق
و أخذ نَفَساً عميقاً

بعدها بسرعة ركض خلفها ، نزل السلالم و لمَحَها
تخرج من البوابةِ الكبيرة المؤدّية للساحةِ الخارجية.

نظر حولهُ في الفناء و كان خالٍ تماماً و هادئ بشكلٍ يوحي بالريبة و يبعث على القشعريرة


مشى للخارج للبحث عنها فرأى جسداً مستلقياً
على مقعد ، كانت هِيَ !


إقترب قليلاً و هو يشدُّ على الأوراق في كفَّيْه
أراد الحديث لكنّ صوتها المفاجئ ألجمه


بصوتٍ رخيم كانت تترنَّم ، نبرتها هادئة يشوبها حزنٌ خفي ، عيناها مُتَعلِّقتان بالسماء ، لكنّ نظراتها بعيدة كلَّ البُعْد عن واقعها الذي تعيشه في لحظاتها الباردة تلك


بات خلفها تماماً يستمع لحن صوتها
إلى أن سكتت و أصدرت زفرةً عميقة

شعرت بحركة خلفها فالتفتت ببرود ، لكنها صُدِمَت بمجرد أن وقعت عيناها عليه

إرتبكت عندما شاهدته واقفاً بالقُرْبِ منها ، علمت أنه سمع صوت ألحانها من تعابير وجهه


" ما هذا الحظ ؟ .. متأكِّدة سمعني ماذا أفعل اﻵن ..
يا إلهي "

إعتدلت بجلستها و تعمَّدت تجاهله ، رغم نبضات قلبها المتسارعة


- عذراً منكِ، نسيتِ هذه الأوراق

إبتسمت على كلامه و بدا عليها اللا مبالاة
مدَّ لها الأوراق فأخذتها منه ببرود كعادتها

- لم يكُن عليك إعادتها

- صوتكِ جميل


لم ترد عليه ، ببساطة لم تمتلك الكلمات المناسبة لتقولها

- لا أعتقد أن حصة الأنشطة انتهت ، لماذا خرجتِ إلى هنا ؟


إبتسمت بسخرية : بصراحة .. طُرِدْت

قَلِقَ نيار : لماذا ؟


- لأنني تأخرت ، مشرفتي صاحبةُ النشاط متسلِّطة
و نظامية جداً ، ولا تقبل النقاش بأمورٍ تافهة كما هِيَ تُسَمِّيها


- بعدما حملتِ تلك الأوراق الكثيرة تجازيكِ بالطرد !

عاصفة من المشاعر الثلجيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن