5 " إستفزاز "

551 53 12
                                    

       
        
      
تتابعت الأيام بمتعة على ريتا فقد كان يتصرَّف نيار كصديقٍ حقيقي و كأنه يحاول فعلاً إثبات جدارته باستحقاقه لِلَقب صديقٍ لها
     
    
كلّ صباحٍ يُلقِي عليها التحية ، يبتسم لها كلما نظرت إليه ، يجلس معها وقت الراحة و عندما تكون وحدها ، يساعدها في حمل الأشياء الثقيلة و إعداد البحوث ،

و إذا تأخَّرت عن الحافلة فإنه يحجز لها مقعداً بجوار النافذة ، يتحدَّث معها بشتى الأمور و يفيدها بالمعلومات التي تحتاجها

كان مثالاً للصديق الحقيقي فتصرُّفاته لم تكُن مُتَعمَّدة بل يقوم بها بعفوية ، كما حصل أن مرَّت بجانبه فتظاهرت بإسقاط قطعةِ منديلٍ من يدها بِقَصْد

إنتبهت زميلتها فتعجَّبت من تصرُّفها الغريب عليها ،
فالمعلوم عن ريتا هو تحفُّظها من تلك التصرُّفات السيئة ، لكنّ زميلتها لم تهتم و تجاهلت الأمر

إلا نيار كان ردُّ فعله مختلفاً ، حينما لاحظها أتى نحوها و عاتبها على ما بدَرَ منها ، و أمَرَها بالتقاط المنديل من الأرض ، وهي انصاعت له مع محاولتها لإخفاء ابتسامتها المُنْتَصِرة

بات يُوَجِّهها عن أفعالها الخاطئة و ينصحها باستمرار ، لكنه كان يستغرب كيف أنها حادة الذكاء و أخطاؤها كثيرة لا تُحْصَى ، مع ذلك .. فاﻹجابة لدى ريتا فقط :)
     
      
      
       
       
دوى صراخها في المنزل بعدما تفقَّدت الساعة

- أخيراً استيقظت، غريبٌ أنها أصبحت كسولة !
تمتمت والدتها أثناء خروجها من المطبخ
    
    
- لماذا لم توقظوني ، لقد تأخرت.

سمعت صوت بوق الحافلة ، فتحت الباب بصدمة
و شاهدتها ترحل مُبتَعِدة عن الحي
    
صاحت برعب : لا ، ذهبت الحافلة يا إلـهي ماذا
سأفعل ، يجب أن أذهب للمدرسة لا يمكنني البقاء.

- كُفِّي عن الصراخ ، أطربتِ الجيران بصوتِك
    
وجَّهت له النظرات الحاقدة : إخرس أنت

- تناولي الفطور ثم سيَقُلُّكِ أخيكِ بسيارته

تضجَّرت بحنق : لا أريد ، سوف أتأخّر اﻵن

- إنتظري خمسة عشر دقيقة ثم سنخرج معاً
- يا لك من أكول ، سأركب السيارة ، هيا أسرع
      
     
خرجت بعجلة و انتظرت طويلاً حتى يأتي أخاها

" ذاك الأحمق ، أعلم أنه يتعمَّد تأخيري ، ما كان يجب أن أعتمد عليه ، لكن لا خيار لدَيْ
    
   
وأخيراً بعد صراعٍ طويل ظهر من باب المنزل يتمشَّى على مَهْل ، و في يده مشروب ، حتى ابتسامته بدا فيها استمتاعه بشيءٍ ما.

قاد سيارته بهدوء و هي على أعصابها تحاول التماسك.

- أيمكنك اﻹسراع ؟ سأتأخَّر هكذا
- على رِسْلِك ، في التأنَّي السلامة
- وَجِّه لنفسك هذا الكلام
    
   
بدأت عيناها تتنقَّلان بين الساعة تارةً و الطريق أيضاً

عاصفة من المشاعر الثلجيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن