الفصل الثالث

142K 3.8K 1.1K
                                    


الفصل الثالث :

ركل ذلك الطفل الصغير – ذو السنوات الإحدى عشر - الكرة بقدمـــه لتهرب منه وتختبيء أسفل الفراش الموجود بغرفة والده ، فوثب عالياً في براءة ، ثم استدار برأسه ليبتسم إلى مربيته التي ترعـــاه أثناء غياب والديه ، ومن ثم ركض خلفها وهو يضحك في عفوية ..

دلف الطفل إلى داخل غرفة والده ، بينما بقيت المربية في الخــارج تتغنج بجسدها الرشيق أمام المرآة الموجودة بالرواق ..

انحنى ذلك الصغير بجسده الضئيل بجوار الفراش بعد أن أسند كفه على طرفه ، ثم جثى على ركبتيه و مـــال برأسه أكثر ليبحث عن مكان كرته ، وبالفعل وجدها قابعة أسفل الفراش ، لذا زحف بكامل جسده تحت الفراش ليمسك بها ..

ثم سمع هو صوت همهمات تأتي من الخـــارج ، وصوت صراخ مكتوم، فانتفض فزعاً ، وبلل ملابسه رغماً عنه ، وتملكته ارتجافة قوية .. وحـــاول ألا يتحرك من مكانه ...

بدأ الصوت يقترب تدريجياً منه ، وعينيه الصغيرة تتحركان وترمشان بسرعة رهيبة ...

لمح الصغير بطرف عينيه من أسفل تلك الملاءة التي تتدلى من الفراش أقداماً لرجلين ، وكذلك قدمي إمرأة معهما ولكنها على ما يبدو تحاول الابتعاد عنهما ..

كان صوت ذلك الرجل مألوفاً بالنسبة له ، وصــوت صراخ المرأة يعهده جيداً ..

استطاع هو أن يتعرف على الاثنين من صوتهما .. نعم .. إنها مربيته ، وأبيه .. ولكنه لم يألف صوت الرجل الأخـــر

لم يفهم هذا الصغير ما الذي يحدث مع المربية، ولكن يبدو أنها في خطــر محدق ، وعاجزة عن الهرب ، ووالده متورط في أذيتها ..

اهتز الفراش بعنف من أعلاه ، وسمع أصوات غريبة تأوهــات من الصراخ المكتوم ممزوجة بهمهمات خافتة للغاية ، ثم إزدادت الاهتزازات بشدة فإعتقد أن الفراش سيسقط فوق رأسه ، لذا صرخ الصغير بصوت مبحوح ، فتوقفت الاهتزازات فجـــأة ، ورأى تلك الأقدام الرجالية تقترب منه بهدوء مخيف ، ثم رأى رأس ذلك الغريب تنكشف من أسفل الملاءة المتدلية على الفراش ، وحدق بعينين متسعتين في رعب حقيقي في عينيه الشرستين التي لم ترمشا لثانية

خفق قلب الصغير بقوة ، وصـــرخ تلك المرة عالياً ، ولكنه لم يجرؤ على التحرك من مكانه ، وفجــــأة وجد أذرعاً تمتد إليه من الناحية الأخـــرى لتجذبه من أسفل الفراش وتحمله عالياً في الهواء من خصره ...

أغمـــض الصغير عينيه كي لا يرى نظرات الغريب المخيفة ، وظل يركل بقدميه في الهواء ، ويتلوى كالدودة الصغيرة ليتحرر من تلك الأذرع القابضة عليه ، ثم سمع صوت والده يهمس له في أذنه بـ ...

✅ ذئاب لا تعرف الحب ©️ - الجزء الأول منال سالمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن