الفصل الحادي والثلاثون

107K 3.3K 563
                                    

الفصل الحادي والثلاثون :

في منزل تقى عوض الله ،،،،

تجمــــد أوس في مكانه لثوانٍ وهو يحاول إستيعاب ما قالته تلك العجوز للتو ، وحدق بها بطريقة غريبة وكأنها قد قالت لغزاً غامضاً ..

في حين تراخى جســـد تقى بين يديه ، وكـــادت أن تفلت منه وتسقط على أرضية منزلها ، ولكنه أســرع بالإمســـاك بها من خصرها ، وأسند رأسها على صدره ، وبالذراع الأخــــر أحاطها ..

تسمرت فردوس في مكانها وهي ممسكة بالسكين في يدها – والتي تقطر منه بقع الدمــاء الصغيرة من نصله على رسغها والأرضية – ولم تتبدل ملامح وجهها .. لقد ظنت أنها ستشعر بالإرتياح إن لقنتها درساً قاسياً وإقتصت لتدنيسها شرف العائلة ، ولكن ما حدث كان العكس ، فقد أفاقت على بشاعة ما فعلت .. وأيقنت أنها أجرمت في حق إبنتها الوحيدة حينما طعنتها ببرود أم قاتلة دون أي شفقة أو رحمة ....

أخفض أوس بصره للأسفل ليرى بقعة الدمـــاء تخترق قميصها المنزلي من ظهرها وتتسع بالتدريج ، فشهق بصوت مكتوم ، ولم ينطقْ .. وشعر لوهلة أنه قد إنفصل تماماً عن الواقع الذي يعيش فيه ليعود بذاكرته إلى ذكريات ماضيه المريرة التي تطارده ......

.................................

◘◘◘◘ كان الصغير أوس يسمع همهمات بجانب أذنه وهو مغمض العينين ولا يستطيع تمييزها بوضوح .. وحاول جاهداً أن يفتح عينيه فلم يتمكن إلا من فتح واحدة فقط ولكن قليلاً .. آمــال رأسه للجانب فلمح تلك البقع الحمراء التي تلطخ ملابسه من زاوية عينه ، ورأى أشباح أشخاص يرتدون ملابساً ناصعة البياض يحاوطونه ، وحاول أن يتحدث لكن كان هناك قناعاً بلاستيكياً موضوعاً على فمه وأنفه يعوقه عن الحديث ، ولم تكن لديه القدرة الكافية لكي ينطق ، فحلقه كان يؤلمه بشدة ، لذا قرر أن يركز في الأصوات المبهمة من حوله ، فلم يستمع إلا لصوت تنفسه هو فقط ..

تمكن الصغير أوس من فتح عينيه الاثنين معاً ، فرأى مقدمة رأسوجه شخص ما يألفه تقترب منه ، ثم شعر بمسحه كفه على جبينه ، وركز في صوته فعرف أنه والده حينما نطق بـ :

-كان ممكن يضيع فيها ، إنت اتجننت يا بنى آدم

اقترب ذلك العامل منه ، ومــال عليه فبدى صوته قريباً من أذن أوس وهو يبرر موقفه بـ :

-يا باشا أنا كنت مفكر إنها بس اللي في المكتب !

-وطلعت مش فيه ، وكان إبني هايروح مني

قالها مهاب بحنق وهو يرمق العامل بنظراته النارية الحادة

ابتلع العامل ريقه ، وبنبرة شبه فاترة قال له :

-ربنا ستر ، المهم إن ابن سعادتك بخير

حدجه مهاب بنظرات مميتة قبل أن يجيبه بتهكم بـ ..:

✅ ذئاب لا تعرف الحب ©️ - الجزء الأول منال سالمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن