لم يكن يمكنني توقع ما هو أسوأ ففقدي لحبيبتي التي ظللت أعشقها منذ نعومة أظافري ، وظللت أحلم بلحظة تلاقينا سنوات طويلة لتكون مفاجأة اللقاء صفعة تفقدها الوعي هو اسوأ شيء يتوقعه عاقل .
لكم وعدتها عندما كانت تأتي فرصة للتواصل أو الإتصال بها وأنا في أمريكا أنني سأفجأها مفاجأة مبهرة .
هي منبهرة الآن كالجميع بجنوني، منبهرة لدرجة الإغماء ، ولكنني محطم وفاقد للصواب، ويكاد يقتلني عشقي وهيامي بها ، وأرجو ألا أفقدها للأبد مازلت ارجو وإن كانت الأمور تمضي هوجاء وعكس ذلك.
لم يكن رستم خصماً طيباً، فنهض جراء اللكمة القوية التي وجهتها له ، وردها بلكمات أقوى تجاهي ، فإنقلبت غرفة التحقيق لحلبة مصارعة، واشتباك، بينما جميع الحضور يحاولون الفصل بيننا .
انتهت هذه الجولة بأسرع مما اتخيل وبأسوأ مما كنت اتوقع، صفعة على وجه أروى ولكمة تحت عين رستم ولكمات في اماكن متفرقة من جسدي وروحي ، وآلام لا تتوقف في قلبي وضميري.
لم اكن متغطرساً فيما قمت به بالفعل بل كنت محارباً عنديداً أساء في إعداد خطة معركته الحربية ومع ذلك لا يريد ان يخسرها ، في وقت لا يمكن أن تأتي فيه الإساءة إلا بالسوء والهلاك.
انفض الجميع من حولي حتى فريق المحامين تركوني وحدي في غرفة التحقيق فريسة لرستم وفريق الشرطة الذي يعمل تحت أمره.
لم يكن رستم نبيلا ابدا بعد هذه الضربة الموجعة، وطلب في الحال فتح محضر جديد بتهمة جديدة، يكون هو خصمي المباشر، وأعوانه في سراي الشرطة هم الشهود، بل وأعواني من المحاميين أيضا.
لم تهدأ ثورتي رغم ذلك إلا داخل غرفة معتمة من جديد، فكانت فرصة طيبة لمراجعة نفسي ومحاسبتها.
كنت على يقين أنني أخطأت خطايا فادحة في رستم أيضاً، وكنت أظن أنه أكثر الشباب نبلا رغم أنه يبدو دخيلا، إلى أن صك الباب بصوته المزعج.
كان عجيبا أن أرى امرأة تدخل السجن في غرفة انفرادية مع شاب ثائر ومتهور، ولكن الاعجب أن تتوهج الغرفة الانفرادية المعتمة بالاضواء المتوهجة.
من أنت ولماذا زجوا بك هنا.. ؟؟ قلتها مرات متعاقبة باضطراب وتوجس.
قالت المرأة التي يبدو على وجهها ومظهرها البهاء والثراء والطيبة" اهدأ يا ولدي وتحلى بالصبر"
كنت بالفعل أحتاج أن أتحلى بالصبر، ولكن أي صبر بعد أن جن جنوني على مدار الوقت وتهورت لمرات عدة.
ظننت أنها مستشارة نفسية، أو خبيرة أمراض عصبية جاءت تتحقق من سلامة عقلي، ولكن كانت المفاجأة أكبر من كل ظنوني، وأعظم من أن تدور في خيالي.
من المهم أن تتكشف الحقائق أمامي بشكل تام لاتأكد من أنني على صواب، ولكن السيء جدا هو إنكشافها بشكل تدريجي يفقدني الصواب والقدرة على معرفة الصواب من الخطأ.
والدة رستم، وزوجة حكمدار العاصمة، هكذا عرفتني بنفسها.
كانت المرأة طيبة عذبة اللسان، وكانت كلما تحدثت إليّ سبقت كلامها بكلمة يا ولدي.
أخبرتني بطفولة رستم ولدها الوحيد المتعثرة المضطربة وكم تعبت في تربيته، وأخبرتني أيضاً عما يعانيه من مشكلات هي أقرب للنفسية واحجامه عن الزواج، أو حتى مجرد الاعجاب بإحدى الفتيات وأن ذلك أكبر سر من أسرار قلقها عليه قبل أن تظهر أروى قبل أسابيع قليلة في حياته.
قالت لي أنه لم يتواصل مع أروى مطلقا وإن كان يرصدها ويجمع الكثير من المعلومات عنها في الفترة الاخيرة، قالت لي أن سلوكه نحو أروى هو انجاز عظيم بكل المقاييس رغم أن أروى نفسها لا تعلم شيئاً ولم تلحظ وجوده حولها بالمرة.
سألتني بإسم الإنسانية أن أفسح لولدها الطريق رأفة به وبقلبها الذي يكاد أن ينفطر عليه.
وقالت لي أن فرصتي أكبر في الإقتران بفتيات كثر، في تركيا أو في أمريكا أو في أي مكان بالعالم، وذكرتني بوسامتي وثرائي وبعائلتي الكبيرة.
قلت لها أن ذلك لن يحدث لأنني لن أتخلى عن أروى، مهما كانت التحديات، وأخبرتها بأن ما بيني وبينها سيكون على أفضل ما يرام، وأخبرتها بأن عليها وولدها ألا يلعبوا دوراً دنيئاً مثل الذي يقومون به.
لا أذكر يوماً أنني كنت فجاً في التعامل مع النساء، ولا أذكر أنني قد أسأت في يوم ما لأمرأة مسنة، حاولت أن أتمالك من اعصابي التي وصلت لأعلى ما يمكن أن أتخيله من استثارة.
لم تيأس المرأة ولم تتوقف عن الكلام في محاولة لإقناعي بالتنازل عن أروى لولدها الذي يعاني، وواصلت حديثها البغيض وأنا في ضجر عظيم واصرار أعظم على ألا امنحها بصيص من نور أو أمل، هي لا تعرف أنني منذ كنت طفلاً وأنا على يقين أن الشمس والنور لا يقتربان من الأرض إلا إذا استيقظت أروى وأنني لا يمكن أن أتنازل لأحد عن تلك الشمس.
ربما أدرك ولدها مثلي وأدركت هي أيضاً تلك الحقيقة، ومن أجلها ظهروا في حياتي بمثل هذه الصورة.
لن أتنازل عن خطيبتي لولدك الأبله أيتها الحمقاء قلتها بصوت صاخب، اغربي عن وجهي واعلموا جميعاً أنني لأروى وأروى لي، ولن تنفعكم كل محاولاتكم الرخيصة.
كنت أتوقع رد فعل قاطع وتهديدات أعظم، ولكن على العكس من ذلك فقد طفرت دموع المرأة بغزارة، وأخفت خلفها الكثير الكثير من الألم.
وعلى أثر صوتي المرتفع صك الباب ودخل أحد الضباط ليطالع الأمر، فقلت له هذا المكان وهذا الموقف لا يليقان بسيدة من سيدات المجتمع.
والدور الذي تقومون به في مجمله لا يليق بشرطة دولة كبيرة ولها مكانتها مثل تركيا، لا أعرف كيف تحولت من ثائر أهوج، لحكيم بارع.
اقترب الضابط من المرأة وأمرها أن تنصرف.
كانت هناك نظرات استجداء لم تتوقف تملأ عيون المرأة، ولكن هذا موطن لا ينفع فيه التوسل ولا الاستجداء، أروى ولا شيء بعدها، ولكن هل تستجيب، هل تعود وتسامح وتصفح.
لا أتخيل أن ينازعني فيها أحد، ورغم أن رستم وأمه لم يلعبا دور عظيم في استمالة قلبه، ورغم الخطر الكبير فلن أمنح خيالي فرصة للتخيل.
عادت الغرفة الضيقة تعتم من جديد، ولكن ضيقها بالتأكيد وعتمتها أقل كثيراً من العتمة والضيق الذي أصبح يشعر به رستم وأمه، كنت أشعر مع ذلك بأن الصبح قريب جداً بعد أن وضحت الصورة كاملة، وعرفت بالتحديد وعن قرب من الذي يمكنه أن يلعب دور غريمي وهو بالتأكيد أمر لم يكن في الحسبان، أن يكون بمثل هذه القوة وهذه المكانة، وهذا الضعف أيضاً.
أنت تقرأ
وجه أروى (Wattys2016)
Romanceعاد من السفر فرشحوا له زوجة ودارت الأحداث حتى وصلت ل .... تابعوها ...