1- البكاء على الأطلال

6.9K 89 3
                                    



راقبت تيريزا ستانتون القطار وهو يختفي في غابة كثيفة الأشجار , وكأن الطبيعة أبتلعته كلقمة صغيرة, حاولت الحد من توتر أعصابها المتزايد بطريقة مرعبة نتيجة أسباب متعددة , أقلها الحرارة الخانقة والرطوبة القاتلة , حولت نظرها وأهتمامها الى المحطة الغارقة في بحر من الغبار , وغابت في جو عزلتها وأنفرادها , ثم أخرجت فجأة رسالة من حقيبة يدها , وراحت تقرأ بسرعة لعلها تجد فيها أشياء جديدة .

تنهدت بأرتياح ... فهذا هو اليوم المحدد , والمكان المطلوب, والوقت الصحيح, ولكن , أين هما دان وماري؟ تمنت تيريزا من صميم قلبها ألا يكون تأخيرهما بسبب عطل في سيارتهما , أو أي مشكلة أخرى واجهتهما في طريقهما اليها, وقرأت ما كتبته لها ماري رورك للمرة العاشرة:

" عزيزتي تيريزا , دان وأنا مسروران جدا لقبولك دعوتنا , في أي حال , لم نرك منذ فترة طويلة جدا ... على الرغم من وعودك المتكررة , نحن في غاية الشوق اليك , ويبدو أن أستقالتك وحدها هي التي حملتك أخيرا على قبول دعوتنا المزمنة , لماذا أستقلت من عملك في وظيفتك, وكيف واجه الطبيب ديريك نبأ تخليك عن عملك في مأوى العجزة ... والذي يفتخر كثيرا بأردارته ؟ هل أسمع أجراس عرس تقرع من بعيد؟ تجاهلي سخافتي هذه, أيتها الحبيبة , فأنا أهذي , أكاد أجن بسبب موت قطتي , ولكن حضورك سيطرد الحزن العميق من قلبي ويبعد الجنون عن عقلي , ستحبين ملاكنا الصغير جانيس تيريزا رورك , لا لأننا أخترنا لها الأسم الثاني تيمنا بك... بل لأنها جميلة وطيبة , أما دان , فهو لا يزال كما هو... يقتلني بأسلوبه الغزلي الرهيب , أتطلع قدما لوصولك , كي تساعديني على الحد من تصرفاته المزعجة هذه , أسمعك تضحكين ! طبعا , أنا أمزح.

لن أطيل الكلام , سنكون بأنتظارك , أيتها العزيزة الغالية , في محطة جونتا... في العاشرة والنصف من صباح الجمعة , هذا هو الموعد الرسمي لوصول القطار , مع أنه لا يصل أبدا في الوقت المحدد له , أرجو ألا تصاب هذه التي تسمى سيارتنا بأي عطل مفاجىء كعادتها , لا , لا تخافي , سننتظرك في المحطة , حتى ولو أضطررت لدفع هذه العربة القديمة بيدي ... أعني بيد دان , الى اللقاء يا حبيبتي, التوقيع : ماري".




طوت تيريزا الرسالة مبتسمة بمرح وسرور , مع أنها قرأتها مرات عديدة قبل ذلك , تمتعت بأسلوب ماري العفوي وغير المعقد , وتمنت لو أن بأمكانها أيجاد أسلوب مماثل لأبلاغها ودان عن فسخ خطوبتها , حركت شعرها الأشقر العسلي بشيء من العصبية , وهي تشعر بغيوم الأفكار المعذبة والمريرة تخيم على قلبها وعقلها المرهقين , فجأة لمحت رجى عجوزا يقترب منها , هرعت نحوه بتلهف , ظنا منها أنه آت من قبل دان وماري , تأملها ترسكوت بضع لحظات , ثم هز رأسه وقال:

ابتسامة وحيدةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن