الجدران تتقارب , تغيّر أشكالها , ثم تتلاشى بعيدا , وأخيرا يعم الظلام , وبعد وقت طويل نقطة ضوء ثم أأثنتان ثم عدد لا يحصى من الأسهم النارية ملأت المساحات وبهرت العيون.
وفي لحظات أخرى أرتسمت وجوه على السقف , وجه أرنستين القلق من شيء كالمعتاد , وجه السيدة دوبريان الشاحب كالموت , وجه رجل قد يكون عمها ولكنه ليس هو , أنه على الأغلب وجه راوول , حاد أو مخيف أو وقح أو مبتسم أو حزين.
وأخيرا لم يعد يسيطر ألا الليل , عميقا , أسمّ , وأزليا .
وعندما أستيقظت ديللي كانت الغرفة تسبح في أشعة الشمس .
قال صوت لطيف جدا:
" آنستي؟".
منتديات ليلاس
أدارت رأسها الذي يقرع كالطبل وتعرفت الى أرنستين , أرادت أن تكلمها , لكن عضلات وجهها كانت شبه متلاشية , فرفعت أرنستين لها رأسها وقربت كأسا من شفتيها الناشفتين , شربت بضع نقاط من الماء وأحست بالتحسن وأستطاعت أن تبتسم , ولكن الجهد كان كبيرا فأغمضت عينيها ونامت مجددا.
حلمت أن راوول يلمس وجهها بنعومة , ورغبت أن تلمسه لكن أعضاءها رفضت الأستجابة.
وأحست بحرارة أنفاسه على وجهها , ثم تلاشى الحلم , وعندما فتحت عينيها شاهدت أرنستين تمسح عرقها بمنشفة رطبة ومعطرة , ثم أعطتها بضع ملاعق من الشراب الساخن.
" الآنسة أفضل اليوم كما أرى".
بما أن أرنستين ترى ذلك فقد يكون صحيحا , مع أنها تشعر بأرهاق شديد.
" أريد أيضا قليلا من الحساء".
" لا يا آنستي , في هذا بعض الخطر , الحرارة لم تهبط ألا البارحة , والآنسة كانت مريضة جدا , وكادت تموت من البرد".
سألت وهي تتلفظ بصعوبة:
" كم من الوقت.....".
" الآنسة تهذي خلال أربعة أيام , والسيدة كانت قلقة جدا , ولكن الطبيب أكد لها البارحة بأن الوضع لم يعد خطرا ".
" وراوول؟".
" السيد راوول هو الذي وجدك بعد بحث يومين , الكل بحث عنك في شيزديو , يجب ألا تتعبي نفسك الآ ولا تفكري بشيء , نامي وعندما تصحين سأعطيك حساء".
كانت ديللي قد نامت قبل أن تنهي أرنستين كلامها , ثم أستفاقت بعد عدة ساعات من نوم عميق لم تزعجه الكوابيس , وكانت أرنستين تجلس بقربها أمام الطاولة.
" أرنستين عليك أن تكوني قرب السيدة دوبريان".
" لا يا آنسة , السيدة أمرتني أن أظل بقربك حتى تتماثلي للشفاء".
" ومن يعتني بها؟".
" لا تقلقي , هيلويس لطيفة جدا وتتدبر الأمر ,وبما أن مرحلة الخطورة قد أنتهت فسأعود الى جانب السيدة هذا المساء , والآن عليك أن تأكلي بشكل جيد لكي تستردي قواك".
وبعد قليل جاءتها ماري آنج بطبق من الحساء وآخر من الفاكهة المطبوخة , ويبدو أنها كانت قلقة بشأن صحتها كأرنستين .
بذلت مجهودا كبيرا لتأكل وقالت في نفسها ( الكل أهتم بي حتى السيدة دوبريان بعد كل ما حصل , ألا الشخص الوحيد الذي كنت بحاجة لرؤيته , أين هو الآن ؟ هل هو هنا؟ أم في باريس؟).
كان يلزمها يومان لكي تستعيد شيئا من الحيوية , ولكي تبقى صاحية لمدة ساعتين متتابعتين , أرنستين تعتني بها بشكل دائم , كذلك هيلويس كما تعرفت الى الطبيب شارل طبيب سان جوست الذي أعتنى بها وعاملها على أنها أنسانة ودودة وقريبة من القلب.
أتت السيدة العجوز لزيارتها , وكانت متعبة وبقيت معها فترة قصيرة , راوول ما زال غائبا , هل أتى لرؤيتها وهي في حالة الهذيان أم أنها تخيلت ذلك؟ ومن المؤكد أنه سافر الى باريس بعد أن وجدها , وبعد الوقت الذي أضاعه في البحث عنها أثناء أفتتاح معرضه.
في اليوم التالي نهضت من السرير ولكن ساقيها لم تقويا على حملها لفترة طويلة , فعادت مسرعة الى السرير , وبعد يومين أحست بالتحسن , ثم عاد الطبيب لزيارتها وأطمأن من نتائج الفحص.
" أنك قوية , وهذا من حسن الحظ , يا حبذا لو كانت السيدة دوبريان كذلك".
قالت وهي تتألم من أن تكون هي المسؤولة :
" يبدو لي أنها مريضة جدا".
تمتم :
" أنه مرض النفس , هذا التشخيص ينطبق عليك كذلك ".
أكدت بصوت مليء بالثقة:
" أشعر بأنني شفيت تماما , نزلت البارحة الى العشاء وأمضيت الصباح وأنا أتنزه في الشمس".
أكد لها الطبيب:
" أنت لم تستعيدي صحتك تماما , أعتقد أن في داخلك شيئا ما".
قالت كاذبة وهي ترغم نفسها على الأبتسام:
" لا , كنت أتمنى فقط أن ألتقي عمي وعمتي , فأنا لم أرهما منذ فترة طويلة".
" ستتحقق أمنيتك قريبا وأعتقد أنك خلال يومين أو ثلاثة يمكنك أن تتحملي أعباء السفر , وسأشرح هذا للسيدة دوبريان , لكن عليك أن تمنعي نفسك من الأنفعال الداخلي فهناك بعض الأمراض يعجز عن معالجتها أمهر الأطباء".
أنت تقرأ
أنشودة البحيرة -آبرا تايلور
Lãng mạnالملخص في البداية ظنت ديللي ايفريت بكل براءة أنها ستكون سعيدة بدورها الجديد في حياة شاعر مشهور تطارده المعجبات .قبلت أن تكون الملهمة التي يكتب لها قصائد الحب , والخطيبة التي تحميه من المتطفلين وترعاه في نوبات يأسه المتكررة , ولكن كل هذا تغير عندما م...