7-رحلة ممتعة ولكن............

5.2K 153 4
                                    


مدينة بوي تقع على سهل منخفض حيث يقوم رأس جبل بركاني هائل تكاد تنافسه الصخور في الزحف على السطوح الحمراء الداكنة , والجدران الرمادية الضائعة في الأخضرار.
ورغم أسفار ديللي الكثيرة , لم تكن قد شاهدت مشهدا خارقا للطبيعة كهذا فوقفت صامتة من شدة الأعجاب.
تمثال فخم لسيدة فرنسا على أكبر صخرة , وهي مخروطية الشكل تدعى صخرة كورنيل.
أخذ راوول دوره كمرشد بشكل جدي وبدأ يشرح لديللي تاريخ المنطقة , حدثها عن الهياكل الرومانية الشهيرة وعن المسلة الصخرية , كان الهواء ما يزال باردا نقيا , والضباب يغطي عمق الوادي وديللي تنحني خارج السيارة لترى بشكل أفضل.
كانا قد خرجا بعد تناول طعام الأفطار مباشرة , كان راوول في بداية الرحلة ثرثارا أكثر من المعتاد وقد بدا جذابا الى درجة كبيرة.
أشار الى الأماكن الجديرة بالأهتمام كما قص عليها حكايات الأماكن ثم أوقف سيارته لتمتع نظرها بجسر يصل بين جبلين وشرح لها بأن هذا مثال للفن الهندسي الذي كان سائدا في القرن التاسع عشر , عندما غزا الخط الحديدي هذه الأماكن البعيدة مغيّرا العادات والتقاليد في حياة الشعوب السالفة.
وعند وصولهما الى بوي تحدثا عن تنظيم برنامج ليومهما.
منتديات ليلاس
" سنزور الكاتدرائية بعد الظهر , هذا البناء المتأثر بالفن البيزنطي , الذي وسعوه في القرن الثاني عشر فبنوا جزءا منه في الفراغ".
ألقت ديللي نظرة على دليلها , لم يعد مشدودا ولا منغلقا على نفسه كما كان في مناسبات أخرى , أنه يرتدي بدلة من جلد الغزال مع كنزة من الصوف البني مما أظهر رشاقة قوامه , وبذل راوول جهده ليكون لطيفا , لم يتجابها ولا لمرة واحدة منذ أسبوع.
قال بأبتسامة عريضة:
" يجب تعميق مثل هذه الأفكار".
( يا لها من أسنان لامعة وجميلة) قالت لنفسها بشل لا أرادي , وبعد دقيقة صمت أجابت :
" هذا الطراز يجعلنا نعتقد أننا نعيش في عصر آخر".
" اليونان والرومان جاؤوا الى هنا , فالمدينة قديمة جدا ولا يمكن لأي شخص أن يعرف حقيقة أصولها".
أنعطف بالسيارة مبتعدا عن مجموعة أطفال يلعبون:
" أنه يوم السوق".
قالها وهو يحاول أن يحشر سيارته في مكان للوقوف.
" أن عربات الباعة ليست بعيدة من هنا أذا كان هذا يستهويك".
قاطعته بعيون لامعة:
" نعم ........ أذا سمحت".
مال بأتجاهها ليفتح لها الباب فأمسكت أنفاسها عندما أحتكت ذراعه بها , نزلت خارج السيارة ومشت بضع خطوات لتحرك قدميها , وكانت قد أرتدت ملابس مريحة وتركت شعرها يتساقط على كتفيها.
السوق عبارة عن موزاييك من الألوان , فعلى أطراف الساحة ركام من المجموعات الفنية وعربات النقل والفلاحين والمشترين , ثم صفوف البضائع المنشورة بالأحمر والأخضر والأصفر من الخضار , وفي مكان آخر معرض الأسماك , ومجموعة متنوعة من الأجبان والزبدة والعسل.
وفي أحدى زوايا السوق كان باعة الدانتيل , لم تسمح ديللي لنفسها أن تمس هذه التحف من المصنوعات اليدوية من شالات وقبعات ومخدات وأغطية طاولات.
وشرح لها راوول أن بوي كانت مثل بعض المقاطعات وعلى مدى قرون مركزا لصناعة الدانتيل اليدوي بالمخرز أو بالأبرة , فالنساء يقمن بالحياكة في القرى المعزولة بسبب الثلوج طيلة فصل الشتاء , وهذه المهنة في طريقها الى الزوال بعد دخول عصر النهضة.
أخذت ديللي بيدها قميصا من الدانتيل , كان كالتحفة في رقته ونعومته , حبكة الدانتيل ذات شكل عنكبوتي تحتها قماش من القطن الناعم , الرسم تقليدي ولكن التفصيلة حديثة ببساطتها , مع كمين طويلين ضيقين وفتحة صدر واسعة. تنهدت ديللي بحسرة وتساءلت أذا كانت تجرؤ أن ترتدي شيئا مثله في يوم ما.
" حان الوقت للتفكير بالحذاء , أعرف مخزنا لا يبعد كثيرا من هنا".
وقادها في شارع تجاري.
" عليّ أنا أيضا شراء بضعة حاجيات من السوق , لذا سأطلب منك أن نلتقي بعد ساعة ونصف في المقهى الكائن في جادة لويس".
" ألن تبقى معي؟".
وأحست بأنها كانت مضحكة بسؤالها هذا.
" بالتأكيد لا".
أجابها بنعومة ودلها على المقهى وأبتعد.
كانت الساعة قد تجاوزت الثانية عشرة ظهرا عندما وصلت ديللي الى المقهى تحمل شبكة فيها بعض المشتريات بالأضافة الى الأحذية , أشترت شامبوان وعلة شوكولا للسيدة دوبريان وثقّالة ورق لعملها , عثرت عليها في مخزن للأثريات.
كان راوول يتأرجح على كرسيه يقرأ الجريدة الأسبوعية , وبعد أن جلست ديللي طواها ووضعها على الطاولة الرخامية.
" هل أنهيت مهمتك؟".
" نعم , أكتشفت بعض المخازن , لكن الواجهة لا تعرض ما أهتم به وأفضّله".
حدّجها بنظرة سريعة قاسية.
" مع أنني كنت أعتقد أنها نوعا من الهوس بالنسبة للأنثى".
قالت ضاحكة:
" ينقصك الكثير لمعرفة النساء".
تمتم :
" هذا ما بدأت أتعلمه , باشري بمساعدتي وذلك بالأشارة الى ما تفضلينه".
وقادها الى مطعم صغير لا يمكن لسائح أن يكتشفه ,أختارت بعض الأصناف التي أشتهرت بها المنطقة , وأثناء الطعام تبادلا الحديث في مجموعة من المواضيع , وتلقت ديللي بسرور أختفاء عدوانية راوول حيث بدا محدثا جذابا.

أنشودة البحيرة -آبرا تايلورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن