ورغم كل شيء , مرت السهرة على خير , فنويل لم تتأخر في أن تستعيد ثقتها بنفسها ومع مرور الوقت كان مزاجها يتحسن , حتى أنها أبدت لطفها لديللي , ( بدون شك لأنني أعلنت بأنني أقترب من عملي ) , هذا ما قدّرته ديللي.
وبالمقابل فأن السيدة دوبريان تلقت الخبر بأنزعاج.
" ديللي عزيزتي , أسبوع واحد فقط , هذا قليل جدا , هل أنت متأكدة من أنك لا تستطيعين المكوث هنا لفترة أطول؟".
أما راوول فقد أحتفظ بصمته الى اللحظة التي طرقوا فيها موضوعا آخر.
وفي اليوم التالي كان الطقس باردا , لبست ديللي كنزة سميكة قبل أن تعود الى البرج , تنهدت بعمق وأنقضّت على كتلة الوثائق المرتبة على المكتب.
هل عليها أن ترتب هذه القصائد حسب تاريخها أم أسلوبها أم موضوعها ؟ ولم تتوصل الى قرار , وشعرت بخمول في تفكيرها , ربما لأن الأوراق الأخيرة كانت أقل أهمية , أو لأنها ستغادر هذا المكان عما قريب , ولن تعود اليه أبدا , لقد بدأت تحب المكان والسيدة المتسلطة التي تسكنه , ثم أن هذه هي المرة الأولى في حياتها تعرف طعم الحب ..... ولكن عليها ألا تفكر براوول.
منتديات ليلاس
وأجبرت نفسها أن تركز أهتمامها في العمل.... لكن الصفحة التي أمامها كانت عبارة عن طلاسم حقيقية , أنها واحدة من آخر قصائد رايس , مليئة بالتشطيبات والتعديلات ,ويبدو أنه كتبها تحت تأثير الهذيان , ولكن ربما تستطيع أن تجد أماكن الكلمات بسهولة لدى ضربها على الآلة الكاتبة.
وضعت ورقة بيضاء في آلتها وباشرت بنسخ الأبيات , ولم تشعر بمرور الوقت بعد أن أخذها العمل , سمعت أحدا يقرع الباب وتأكدت من أن أرنستين جاءت تذكّرها بموعد الطعام.
تنهدت ديللي بأرتباك وفتحت الباب , تجمدت ولم تعد تقوى على الحركة , أنه راوول مع أنه لم يعد الى البرج منذ ذلك اليوم البعيد جدا... ماذا يريد اليوم؟
" هل تسمحين لي بالدخول؟".
كان يلبس السروال المليء ببقع الألوان , وقميصا قطنيا أزرق اللون مفتوح الصدر , حاولت ديللي أن تتجنب نظراته لكي لا يكتشف أضطرابها.
" بالتأكيد".
وأبتعدت عن الباب لتفسح له مجالا للدخول , وحاذرت أن تغلق الباب وراءه.
" هل تقتربين من نهاية أتعابك؟".
أجابت ببساطة لكي لا تفتح مجالا للنقاش:
" نعم".
" حسنا".
ومد لها علبة كان قد أخفاها وراء ظهره.
" ما هذا؟".
" أقبليها كهدية عيد".
تمتمت وهي لا تقوى على القيام بأي حركة:
" لم يكن هذا ضروريا ".
" خذيها ( وألحّ ) أنت حملت الى والدتي الكثير من الراحة , وهذه طريقة لشكر بالنسبة لي".
" لا , لا أستطيع ".
" بلى تستطيعين".
بريق من المداعبة لمع في عينيه السوداوين وأضاف وهو يضع العلبة على الطاولة:
" أذا كنت لا تريدين أخذها من يدي , سأضعها على الطاولة هنا ثم أبتعد".
وتراجع بضع خطوات , كان الفضول أقوى من ديللي , أخذت العلبة وفتحتها , لم تصدق عينيها , أنه قميص الدانتيل الذي أعجبها في بوي , وصرخت من المفاجأة والفرح:
" لكن , راوول......".
وألتفتت نحوه بوجه مشع ولم تستطع أن تقاوم نظرته فخفضت عينيها .
" ألبسيه هذا المساء".
كان هذا شبه أمر.
" مستحيل".
" ولماذا؟".
بدا صوته مخمليا ناعما .
" لأنني لا أستطيع أن أقبله , خذه وقدمه .... الى شخص آخر".
ووضعته على االمكتب.
" أذا كنت تفكرين بنويل فهي غير محرومة من الهدايا , وهذا لا يليق بها , أنه مصنوع لشخص أكثر رشاقة".
( شكرا للمديح ) قالت في سرها , ثم دمدمت بصوت مرتجف لا يخلو من العداء:
" لا أريده".
" أذن خذيه لأنني أريده.".
وأخذ يلحّ.
" لا....... لا مجال للنقاش".
وأحست أنها وقعت في الفخ , أنها ترغب القميص , ولكن لماذا يفرضه عليها؟
" يللي ( قالها بصوت دافىء وحنون ) أنه ضروري جدا بالنسبة الي أن تقبليه مني ولا أستطيع أن أبيّن السبب".
" لا..... لا أريده".
تمتم وهو يدير ظهره:
" أرجوك".
" أقبلك , بما أنك تصر على هذه النقطة".
شعر بالراحة وألتفت اليها.
" عديني أن تلبسيه هذا المساء ".
" أعدك , ولكنني لا أفهم لماذا, هل هذا مهم؟".
" ستفهمين غدا".
أبتسم وبدا كأنه شخص أنساني لأول مرة , وخفق قلبها بشدة ولم تعد تعرف كيف تخفي أضطرابها , وكأنه أحس بذلك فجلس على الطاولة وعقد يديه خلف رأسه.
" حسبما أرى , يبدو أن كل شيء مرتب".
وأشار الى مجموعات المغلفات الكبيرة التي على المكتب.
" هذه القصائد يمكن نشرها بكل تأكيد , تعال وأقرأها عندما تريد بما أنك لا تريد أن يخرج شيء من هنا بدون رقابتك".
" لم يعد هذا ضروريا , غيّرت رأيي , وهذه؟".
سأل وهو يريها الأوراق المنتشرة أمامه.
أنت تقرأ
أنشودة البحيرة -آبرا تايلور
Romanceالملخص في البداية ظنت ديللي ايفريت بكل براءة أنها ستكون سعيدة بدورها الجديد في حياة شاعر مشهور تطارده المعجبات .قبلت أن تكون الملهمة التي يكتب لها قصائد الحب , والخطيبة التي تحميه من المتطفلين وترعاه في نوبات يأسه المتكررة , ولكن كل هذا تغير عندما م...