4

55 12 5
                                    

جلست امام البحر ناشدة الغوث منه ، تلفظ همومها وكل ما يعكر صفو نفسها وتنفثه بعيدا مع الهواء الذي تتنفسه ،

كانت المياء تعبث بقدميها الحافيتين ، وبعض الرمال المبللة التصقت بها ،

حدقت في قرص الشمس قبل مغيبه وهي تحكي قصتها لآخر خيوط اشعته التي لا زلت تتشبث بالسماء ،

اخرجت تنهيدة طويلة ثم حشرت رأسها بين ركبتيها واغمضت عينيها طالبة بعض الراحة ،

الا ان صوت هاتفها وهو يرن قطع سكينتها ، كانت هذه المرة البليون التي تسمع رناته هذا اليوم وتتجاهلها ،

ملت من ذلك فاخرجت هاتفها من الحقيبة ، نظرت له نظرة ميتة وحدقت بالاسم الذي ظل يتصل عليها طول اليوم ، إيما .

ضغطت على القبول ووضعت الهاتف على اذنها فسمعت صوت صراخ ممزوج ببكاء وآهات ،

نحيب خالطه تأنيب والكثير من الانين ، وفي الواقع هي لم تع شيئا ، حتى سمعت صوت أخيها يتحدث :


- آنجل ، اين انت الان ، صديقتك منهارة هنا !

حدقت بالفراغ لثوان ثم تنهدت واغلقت الخط ، اخرجت بطارية الهاتف ورمتها بعيدا ثم اتبعتها الهاتف وعادت لغرس وجهها بين ركبتيها ،

علمت انها ستوبخ الا انها يئست من كل شئ ولا تود التحدث او فعل شئ ، سوى البقاء في هذا المكان الفارغ ،

من البشر ، من تلك الشقراء ، ومن بيتر !

_____

خفق قلبه بقلق و نظر الى الهاتف الذي انقطع اتصاله فجأة ، اعاد الاتصال الا ان الهاتف مغلق ،

بدأ الرعب يدب في قلبه وعاود الاتصال ثالثة ورابعة ، ولم يزده ذلك الا قلقا ،

كان سيكرر الاتصال مجددا الا انه شعر بيد تتشبث بيده ،

التفت نحو رفيقته فوجد البؤس طاغيا على وجهها وعلامات الرجاء تناديه ،

انعقد لسانه ولم يعلم ما يقول ، صمت لثانيتين ثم قال بصوت خفيض :

- آسف إيما ، لقد انقطع الاتصال .

رأى الذعر في عينيها وقد نال نصيبه منهما ، انهمرت دموعها اكثر وقالت مستنجدة :

- اتقصد ، انك فقدتها !

اومأ لها ببطء وانزل رأسه مفكرا ، شدت على يده فالتفت نحوها فقالت :

رفات ذاكرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن