جلست امام البحر ناشدة الغوث منه ، تلفظ همومها وكل ما يعكر صفو نفسها وتنفثه بعيدا مع الهواء الذي تتنفسه ،
كانت المياء تعبث بقدميها الحافيتين ، وبعض الرمال المبللة التصقت بها ،
حدقت في قرص الشمس قبل مغيبه وهي تحكي قصتها لآخر خيوط اشعته التي لا زلت تتشبث بالسماء ،
اخرجت تنهيدة طويلة ثم حشرت رأسها بين ركبتيها واغمضت عينيها طالبة بعض الراحة ،
الا ان صوت هاتفها وهو يرن قطع سكينتها ، كانت هذه المرة البليون التي تسمع رناته هذا اليوم وتتجاهلها ،
ملت من ذلك فاخرجت هاتفها من الحقيبة ، نظرت له نظرة ميتة وحدقت بالاسم الذي ظل يتصل عليها طول اليوم ، إيما .
ضغطت على القبول ووضعت الهاتف على اذنها فسمعت صوت صراخ ممزوج ببكاء وآهات ،
نحيب خالطه تأنيب والكثير من الانين ، وفي الواقع هي لم تع شيئا ، حتى سمعت صوت أخيها يتحدث :
- آنجل ، اين انت الان ، صديقتك منهارة هنا !
حدقت بالفراغ لثوان ثم تنهدت واغلقت الخط ، اخرجت بطارية الهاتف ورمتها بعيدا ثم اتبعتها الهاتف وعادت لغرس وجهها بين ركبتيها ،
علمت انها ستوبخ الا انها يئست من كل شئ ولا تود التحدث او فعل شئ ، سوى البقاء في هذا المكان الفارغ ،
من البشر ، من تلك الشقراء ، ومن بيتر !
_____
خفق قلبه بقلق و نظر الى الهاتف الذي انقطع اتصاله فجأة ، اعاد الاتصال الا ان الهاتف مغلق ،
بدأ الرعب يدب في قلبه وعاود الاتصال ثالثة ورابعة ، ولم يزده ذلك الا قلقا ،
كان سيكرر الاتصال مجددا الا انه شعر بيد تتشبث بيده ،
التفت نحو رفيقته فوجد البؤس طاغيا على وجهها وعلامات الرجاء تناديه ،
انعقد لسانه ولم يعلم ما يقول ، صمت لثانيتين ثم قال بصوت خفيض :
- آسف إيما ، لقد انقطع الاتصال .
رأى الذعر في عينيها وقد نال نصيبه منهما ، انهمرت دموعها اكثر وقالت مستنجدة :
- اتقصد ، انك فقدتها !
اومأ لها ببطء وانزل رأسه مفكرا ، شدت على يده فالتفت نحوها فقالت :
أنت تقرأ
رفات ذاكرة
Romanceكثيـرآ ما يجبرنـا النسيان علـى اشياء فوق طاقاتنـا ، الـا اننا تجاوز محطـة الـآلام لنسـرع بالولـج في قطار الحياة ، لكي لـا نسمح للحياة بان تدهسنـا ، ونمضي مع القاطنيـن فيه تشحننـا العزيمة ويدفعنـا التفاؤل للتقدم ، نظـن بان القطار سينتظرنـا حتى نلملم...