"الـــرمــَـقّ الأخــير"

51 3 10
                                    

ماذا يفعلُ المـرء لـ يتخلص من سَـوداويتهُ المُـفرطه ؟

الظلام هنا يتوشـح المكان . واصوات قطرات الماء تدوي من مكانٍ ما في الغرفه . بجانب السرير اعلى الطاوله يوجد صوره مُغبره لطفلين مبتسمين .

كان جالساً على حافة سريره  المهترئ ؛ منتظراً ان تشرق الشمس حاملة معها آمالاً جديده .
رفع نظره للاعلى متمتماً بكلمات شبه مسموعه . ماذا لو يُعيد الكـون ترتيب
نفسه ! نبدأ من النهايه ثم نُخلق من جديد . حتى نعرف اين سنقع قبل النهايه ، نحزن ومن ثم نفرح للابد .
بعد ان انتهى من هَذيانه ؛ ارخى جسمهُ  على السرير محاولاً جذب النوم اليه . نـام وعيونه مفتوحه . ظل مستيقظاً طوال الليل .
في الصباح نهض من سريره ، نَظر للصوره التي بجانبه بنظراتِ حزينه يائسه .
قرر الخروج واللحاق بالفكره التي تراوده -هو نادراً مايخرج من المنزل- خرج من المنزل حاملاً يائسه معه .
مـــارك ! مـارك ! سمع شخصاً ما يناديه ، لكنه لم يلقِ بالاً لهُ . تابع خطواتهُ البطئيه متفادياً نظرات الناس .
هو لايثق بالعالم بأكمله ، سابقاً حاول ان يكون اجتماعياً ؛ لكنه كان يعود الى منزلهِ مخذولاً متجرعاً خيباته .
الى اين سأصل الآن ؟ انا لا اعلم حقاً ماذا يجب عليَ أن افعل ! هل اواصل السير ، ام اتوقف هنا .
قاطع حديثه هذا متابعاً سيره . مشى و مشى و مشى ، حتى بدا يتعرق وانهكه التعب .  وحرارة الشمس تزداد سطوعاً. المنظر امامه متوهج لايرى الا انعكاس الشمس على الطريق . الا يجب على الشمس ان تقف بجانبنا قليلاً . قال هذا و قرر الجلوس تحت ظل شجره . اراح ظهره على الشجره مبتعداً عن الطريق . تأمل للشجره لجذوعها لـ أوراقها وهو يقول : ياترى كيف تبكي الشجرة عندما يقطعها الفلاح ؟ لماذا تموت صامته دون رفض .
نهض من تحتها معاوداً السير . لازالت فكرتهُ تقوده الى العدم . التفت يميناً ليرى مقصدهُ هناك اعلى الجبل . حاول ان يبتسم . بدأ يصعد لـِ قمةٍ الجبل . افكاره الانتحاريه قادته الى هنا . وصل الى الاعلى موجهاً ناظريه الى الاسفل ، الى الهاويه . بدأ بالتقدم قليلاً الى حافةٍ الجبل ، لكن خطواته قررت الرجوع . جلس بالقرب من حافة الجبل . اخرج سيجارته من جيبه ، بدأ يدخن ويستمتع بسيجارته الاخيره . حين لمح الدخان امامه مبتعداً،، قال ضاحكاً :حتى دُخان سيجارتي يلوح لي بالوداع يالِسخريه . العالم بأكمله لن يهتز اذا مُت ماعدا السيجاره ستفتقد من يهلك لأجلها . انهى سِيجارته ، عاود النهوض ومزاولة رغبتهُ في السقوط والانتحار . غالباً المده غير معروفه .لا يعلم متى سيصل للقاع او على اي هيئه سيصل . بدأ بالسقوط وارتسمت امام عينيه ذكرياته القديمه ، ملامح اطفاله البريئه ، وجه زوجته البشوش ، الحادث المروع وعائلته مغموره بالدماء . . . .  بهذا السقوط قرر ان يتخلص من كل شئ . هو يعلم انه عملٌ خاطئ لكنه يعلم ايضاً انه لايوجد امل في الحياه . كان فقط يواسي نفسه بالأمل الزائف محاولاً النهوض من مأساته .

"الحياه مـرض والجحيم هو الدواء "

ارتطم بالارض بأعضائه الممزقه ، كان رمقه الاخير يلفظ انفاسه . و مات دامعاً . . .

كلمات عابرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن