الفصل الثامن

295 13 3
                                    

فاطمة ...، رضوان ...تطلقت انا و محمد
- ماذا ... صرخ كل من الزوجين لهول ما سمعاه
- نعم
- ومتى كان هذا . سالت فاطمة بقلق
- قبل ثلاث ايّام فقط
- ولكن ليلى لم فعلتما هذا ؟ سالها رضوان منتظرا جوابا مقنعا
- "أنتما تعلمان ان هذا الزواج حدث بالقوة محمد يكرهني يا جماعة و انا لا أستطيع معاملته على أساس زوج لي ، تسألوني و كأنكم. نسيتم الحادثة ، حقا مرت ثلاث سنوات أو اكثر لكني لم أنسى ما جرى اعلم ان محمد غير مذنب لكني جررته معي في دوامتي انا لم أسامح نفسي و لن اسامحها و لكني على الأقل بافتراقي عنه أعدت له حريته " صرخت ليلى بكل هذا الكلام دفعة واحدة و كأنها بالون مسته إبرة فخرقته ، لقد قالت كل شيء لدرجة ان رضوان و فاطمة لم ينطقا ببنت شفة ظلا يراقبانها و هي تصرخ ، يراقباني أعينها التي كادت تدمع .
حاوطت يدا فاطمة جسد ليلى المرتجف و ظمته الى صدرها .
- نحن أسفان يا عزيزتي لم نقصد تسبيب الاذى لك كل ما في الامر اننا اندهشنا . الان دعينا نطوي صفحات الماضي فأنت الان في عطلة .هيا سأريك غرفتك لترتاحي فيها قليلا .
أومات ليلى برأسها و ساقتها فاطمة الى الطابق الثاني . اما رضوان فقد بقي يمرر أصابع يده اليسرى بين خصلات شعره ، علامة تدل على توتره الشديد ، بعدها اتجه الى الحديقة يراقب ملائكته الصغار و هي تلعب ، و لكن الماضي لم يتركه و شانه لانه مرر شريطه بين ناظريه .
هم ستة أصدقاء يملكون السيناريو نفسه و لكن كل لعب دوره في ذلك الفيلم الذي مر عليه ثلاث سنوات .

-"صدقا لو كان للوسادة فاه لشتمتني بأسوإ العبارات " ظلت ليلى تهمس لنفسها و هي تلاحظ وسادتها المبللة بالدموع ،استغفرت الله و اتجهت لتاخد حماما منعشا ، فجاة قطرات الماء الباردة جعلتها تفكر بزوجها السابق ماذا يفعل يا ترى لعله نائم الان ، لعله يقيم حفلة لافتراقهما أو لعله يواعد فتاة جميلة ، افترضت هذه الاخيرة رغم انها تدرك ان محمد شخص محافظ ثم و كأنها اشتاقت له ، رمت الفكرة الاخيرة الى مؤخرة رأسها . أنهت حمامها ، فتحت حقيبة سفرها التي وضعتها لها فاطمة قرب السرير ، اخدت منها تنورة وردية طويلة ،قميصا ابيض و حجابا ابيض ذي ورود وردية ارتدت التنورة و القميص ، عدلت الحجاب، لبست حذائها الرمادي ذي الكعب المتوسط ،وضعت الساعة الفضية ،و بعضا من الماسكارا و احمر شفاه احمر قاتم ثم تناولت قرصا مهدئا " صديقي العزيز " أطلقت صيحة ارتياح و هي تضعهه في فمها ، لتنزل الدرج و تجد رضوان و فاطمة يحتسيان أكواب الشاي و يتناقشان ، احست بانقباض قلبها ، و كانك دخيلة يا ليلى و كانك لعنة هبطت من السماء لتعكر حياة هذين الزوجين ، لوهلة احست نفسها كذلك ،لوهلة ارادت العدول عن فكرة افزاعهما و فكرة التجوال في شوارع باريس بعد ذلك . ارادت العدول حتى عن الفكرة الام أيضا ، ارادت العودة لوطنها بصمت و البقاء فيه بصمت و اول خطوة قامت بها كانت صعود الدرج و لكن صوتا حنونا منعها و من غير فاطمة صاحبة ذلك الصوت
- ليلى لقد استيقظت يا عزيزتي
التفتت ليلى ببطئ كمن سمع صوت شبح يناديه ، لم تستطع المراوغة او التملص لذلك استسلمت لسؤال صديقتها و أجابت عنه
- اه ، نعم منذ قليل
- بالمناسبة تبدين جميلة
-شكرًا حبيبتي
- و الان أنزلي لشرب الشاي
لم تسال فاطمة ليلى عن السبب الذي جعلها تصعد الدرج للعودة و كأن تلك الصديقة كانت تعرف الإجابة ، فهي تراقب ملامح ليلى ، تدرسها تحللها لتخرج بنتيجة صحيحة و لكن الغريب في ذلك انها لا تستغرق في بحثها ذاك اكثر من دقيقة . قوة جبارة تمتلكها هذه الفاطمة قوة تدعى ربما بالصداقة الحقيقية .
نزلت ليلى بخطى متوازنة ، جلست تحسي كوبا من الشاي الفرنسي ، رفعت رأسها ببطئ لتلاحظ ملامح فاطمة و رضوان ، ابتسامة ممزوجة بقطرات من الشفقة ترتسم على وجهيهما احست ليلى بالضعف لكنها تجاهلت الامر .
عند فراغ الأكواب اقترح رضوان اخد ليلى لاستكشاف شوارع باريس لقد وافقت على ذلك بفرح كبير أنساها العدول عن افكارها .
انتظرت ليلى و رضوان فاطمة لترتدي ملابسها وتجهز الولدان ، استعد الكل لمباشرة التجوال
ليلى كانت تطير فرحا عزمت في تلك اللحظة انها ستباشر حياة جديدة في باريس ستطوي صفحات من الماضي الكئيب ، ستنسى شخصا كان زوجها يوما ، ستنسى محمد ......
في بلاد اخرى
لم يجد راحته في العمل و لم يجد ما يلهي به نفسه ، مدير شركة " نقل العمال التابعين لشركة البترول " لا يقوم باي شيء الان و لم يستطع فعل شيء فلقد احتلت ليلى عقله و ملكت أفكاره ، أين هي يا ترى ،ظل يسال و لكنه لم يجد من يجيب . أراد الاتصال بابيه مجددا رغم انه يعرف ان محاولاته ستبوء بالفشل فعجوز صعب الميراس لن يسامح احدا بسهولة و خاصة ابنه الذي كاد يسبب له الموت
-"قسم تافه " قال محمد بسخط لعله كان يقصد القسم الذي تم بين اب ليلى و والده
- "ولكن كيف أمكنني إلقاء اللوم برمته على ليلى كيف جعلت نفسي ذلك الرجل السليط السيء انا لست كذلك و لكنهم هم من اجبروني على معاملتها هكذا "
- " توقف لا تلقي اللوم على الآخرين كان بإمكانك معاملتها بشكل جيد ربما تتحسن الأوضاع بينكما وتبنيان علاقة زوجية أفضل مع من كنت تحب "
- " غير معقول لم يكن ليحدث هذا ، اعترف أني اسأت اليها لذلك اريد الاعتذار و لكن أين ذهبت بحق السماء "
-" اتصل بوالدك مِن جديد "
- "معك حق سأفعل "
ظل محمد في حوار مع عقله كالمجنون ، رفع هاتفه الى أذنه بعدما ضغط على زر الاتصال امام اسم "ابي"
الاتصال الاول ، الثاني ،الخامس ،الثامن
اللعنة ، اللعنة ، لوهلة نسي محمد اداب الكلام ،واداب طاعة الوالدين فهو الان مجنون ليلى لربما ليس حبا و إنما سعي الى هدف نبيل ، الاعتذار من شخص اساء إليك . فجاة رن هاتف المكتب بصوت مدو جعل محمد يظن فجاة ان المتصل ليلى او لعله والده أراد ان يخبره عن مكانها ، رفع السماعة بحذر
- نعم
- سيدي المدير هناك امرأة تريد رؤيتك
لوهلة قفز قلب محمد انتظم تنفسه ظن انها هي ، نعم جاءت لتكفر عن ذهابها الغير لائق .
- نعم ، دعيها تدخل
- ا ولن تسألني عنها سيدي
- لا داعي فلقد كنت في انتظارها
- حسنا ستكون في مكتبك بعد دقيقة
- حسنا السلام عليكم
وضع السماعة فصل الخط ، شمت السكرتيرة الثرثارة في قريرة نفسه . لاحظ جبينه يتعرق ، انه متوتر مسحه بمنديل ورقي ، عدل ربطة العنق ، أقام الكرسي الذي يقابله ، توتر اكثر ثم جلس يترقب .
طرق الباب ، لم يجب في المرة الاولى ، ذهنه شارد الان لعله ينتقي الكلمات التي سيقولها ، المرة الثانية لم يجب ، لم يجهز بعد . طرق الباب للمرة الثالثة اخيراً استفاق من شروده
- " تفضل "
فتح الباب لتظهر منه ...
حياة

 غدر فما بعد...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن