2-الاتصال المريب

1.1K 14 8
                                    

الحرية ! .. هكذا صرخ أوستين، الفتى الذي ذهب والداه ذات مساء شتوي ممطر لإنهاء أعمال مهمة في بلدة مجاورة وأخبراه أنهما سيعودان في صباح اليوم التالي.. بدأ أوستين الاحتفال بأمسيته السعيدة وأخذ يأكل كل ما يحلو له ولم يتوقف عن لعب ألعاب الفيديو حتى غروب الشمس، كانت قطته السوداء جالسة على الأرض وهي تغط في نوم عميق. مضت 4 ساعات على رحيل الوالدين والساعة تشير إلى السابعة مساء، ما إن شعر أوستين بالملل من ألعاب الفيديو وهمّ بإغلاق الجهاز حتى رن هاتف المنزل.. ظنا منه أن الإتصال من والديه، رفع الفتى السماعة.. وكان هذا ما سمعه :" أهلاً أوستين كيف حالك، سأكون هنا في دقائق معدودة.. هذا كل شيء، أراك لاحقاً." إنه صوت العم أنثوني، فهم الفتى أن والداه طلبا من العم أنثوني قريبهم الذي يعيش وحيدا بأن يأتي ويمضي الليلة مع أوستين.

امتعض الفتى وشعر بالسخط، كان متضايقاً من أمه التي ظن أنها لا تثق به ، خاصةً أنها لم تخبره بالأمر.. تبخرت سعادته بليلة الحرية وجلس بهدوء ينتظر العم انثوني، أما قطته فقد كانت تتسلق قدميه وتلاطفه.. مرت 15 دقيقة ولم يصل العم انثوني، يبدو أنه تعطل بسبب الأمطار والثلوج ، رن الهاتف مجدداً ، إتجه اوستين نحوه ورفع السماعة : أهلاً اوستين كيف حالك، سأكون هنا في دقائق معدودة.. هذا كل شيء، أراك لاحقاً .

حاول اوستين أن يتكلم لكن الخط انغلق مجدداً ، استغرب كثيراً واتصل بالعم انثوني عن طريق الهاتف الخلوي لكنه لم يجب ، لم يفكر الفتى كثيراً في الأمر وذهب للمطبخ ليتناول العشاء الذي تركته له أمه ، أنهى طعامه ونظر للساعة ليجدها تشير للثامنة مساءً ، بدأ اوستين يقلق على العم انثوني وكان يفكر في الاتصال بوالديه ليخبرهما بالأمر .

فتح التلفاز بصوت منخفض وجلس يتناول بعض الحلوى ويداعب فرو قطته ، بعد دقائق قليلة رن الجرس، بالتأكيد إنه العم أنثوني ! مشى نحو الباب لكن العم انثوني دق الجرس مرة ثانية وثالثة مما أثار استغراب الفتى.. وهنا رن الهاتف الذي في الممر المؤدي للباب، فرفع اوستين السماعة وسمع ما يلي : أهلا اوستين كيف حالك، سأكون هنا في دقائق معدودة.. هذا كل شيء، أراك لاحقاً .

نفس الصوت ونفس الكلام.. صعق أوستين.. شعر وكأن قلبه سيخرج من مكانه، نظر لباب المنزل بعينيه المفتوحتين على أقصاهما وكان الطرق يقوى ويقوى.. لم يشعر بنفسه إلا يصعد الدرج متعثراً ويجري نحو غرفته و قطته تتبعه.. أمسك هاتفه الخلوي واتصل بالعم انثوني لكن لم يتلقَّ أي إجابة.. والداه مشغولان وهواتفهما مغلقة، وكان الطرق على الباب لم يتوقف ، لم يجد اوستين حلاً آخر أمامه إلا اللجوء للشرطة.. رفع هاتفه بيدين مرتعشتين واتصل بقسم الطوارئ وشرح لهم الوضعية لكنهم أخبروه أن وصولهم سيستغرق مدة بسبب سوء الأوضاع الجوية، طلبوا منه الاختباء وحاولوا إبقاءه على الخط لكنه الولد المذعور أنهى المكالمة واختبأ وراء سريره وقطته معه.
توقف الطرق وكان السكوت يعم المكان، كان المنزل مظلماً باستثناء غرفة الجلوس ولا صوت إلا صوت التلفاز المنخفض مع أنفاس أوستين السريعة، و قطته السوداء في حضنه تتثائب وتتمدد غير مدركة لمدى خطورة الوضع.. فجأة، أخذت القطة تحملق في وجه أوستين بطريقة مريبة وحدقاتها تتوسع في الظلام، كانت تنظر إلى وجهه بثبات وتموء بصوت ضعيف ورقيق مما دفعه لمحاولة إسكاتها بكل الطرق الممكنة حتى عادت لوضعيتها الطبيعية بعد ثواني.

مرت 30 دقيقة وكأنها دهر، سمع أوستين صوت سيارات الشرطة وهي تقترب من المكان فشعر براحة شديدة.. بعد لحظات اقتحم أربعة من رجال الشرطة المنزل وصعدوا لكل الغرف حتى وصلوا لغرفة أوستين، كان الشرطي يتكلم بصوت عالي وكأن شيئاً خطيرا قد حدث، كان ينادي الفتى بارتباك وقلق، صرخ أوستين من مكانه حتى سمعه شرطيان ودخلا الغرفة ، سأله الشرطي إن كان بخير ثم أمره بالخروج من المنزل حتى يقوموا بتفتيش المكان وطلب تعزيزات، فأعطاه أحد الشرطيين معطفاً واقياً من البرد ثم اصطحبه للخارج.

بعد ساعة، وصلت سيارة إسعاف للمنزل وتم إخراج رجل مغمي عليه وجدوه بين الشجيرات في الحديقة.. إنه العم انثوني، كان رأسه ملطخاً بالدم ويتحرك بصعوبة.

مصدوماً، دخل اوستين المنزل ليجد الشرطي يبتسم ويقول له : "اوستين أنت محظوظ."

ثم أخبره الحقيقة التي جعلته يرفض البقاء وحيداً في المنزل طيلة عمره، لقد قام شخص ما باقتحام المنزل وأكل الطعام وسرقة بعض الأغراض كما تجول في معظم الغرف، كما قام بمهاجمة العم انثوني لاستخدام هاتفه لخداع أوستين.

المقتحم المجهول كان يعلم بزيارة العم انثوني لاوستين كما يعرف تفاصيل عن المنزل مكّنته من الدخول بطريقة مجهولة دون ترك أي أثر ورائه إلا آثار أقدام، وقد سأل الشرطي أوستين إن كان إختبأ تحت سريره أو في الخزانة.. لأن آثار الأقدام تمتد حتى السرير. كان الفتى ينظر أمامه في دهشة، رأى قطته ممددة على الأريكة المقابلة، كانت تنظر إليه ببراءة وتلعق يدها، تأمل عيناها اللتان تحملقان فيه وتذكر تلك اللحظة عندما كان مختبئاً وراء سريره وكانت قطته تنظر في عينيه. أدرك الحقيقة.. قطته السوداء لم تكن تنظر إلى عينيه.. لا أبدا.. بل كانت تتأمل الوجه الذي ورائه !

عالم الرعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن