نهضنا من على الأرض بعد نوبة الضحك الهيستيرية.
توجهنا إلى المطبخ الصغير لشقتنا.
الرفوف الصغيرة و الأدوات القليلة التي نستخدمها كانت عادية تماماً، كيف ولا فهو في النهاية مطبخ للشابين أعزبين.بدأ جورج بتحضير الفطور -لطالما كان جيداً في الأمور المتعلقة بتحضير الطعام- و الذي لم يكن كما خطط هو له لأني لم أجلب الحاجيات اللتي كان يريدها.
كنت واقفا خلف جورج و أنا أتابعه و هو يقطع بعض الخضار ، لطالما كنت أستمتع برؤيته و هو يفعل ذلك.
كنت سعيداً جداً بعودته لطبيعته و نشاطه المعتاد.
بعد ربع ساعة اننتهى من تحضير الفطور، ذهبت أنا و جهزت الطاولة كما أفعل دائماً، هذا العمل الوحيد الذي أستطيع أنجازه من الأعمال البيتية، التي كنت سيئا بها.
جلب الطعام و بدأنا نأكل سوياً كما جرت العادة.
إذاً، لقد ذهبت إلى المكتبة مجدداً!؟ قال مقاطعاً الصمت.
وتابع: أليس ذلك مملٌ يا رجل!!؟ أظنُّ أنَّـك قرأت جميع الكتب هناك، فأنت تذهب كل يوم إلى هناك تقريباً
.
ليس مُملّا أبداً، بالنسبة لي أنا أقرأ بمتعة، فكلّ كتاب أقرأه يفتح لي عالماً جديداً.
حتى الكتب التي قرأتها كل ما أعدتُ قراءتها أرى فيها شيئاً جديداً و مختلفاً عن المرّة السابقة.أكملتُ بسرور: القراءة هي نوع من السعادة أيضاً.
جورج متململاً: ااااه يا رجل أنّا لك الاستمتاع بهذا، أنا إن بذلت جهدي و استجمعتُ قواي العقلية و البصرية سأستطيع قراءة عشر صفحاتٍ متتالية.
انفجرت ضحكا ً: أنت حتّى كتب الجامعة بألف ويل حتى تقرأها.
ردّ بعد ضحةٍ صاخبة: أنت تعلم أني دخلت الجامعة فقط من أجل عائلتي، أريد أن أعطيهم الشهادة عندما أتخرج،
فأنا -و كما تعلم-أريد أن أصبح رساماً مشهوراً.نظرت إلى عينيه اللتان كانتا تلمعان كنجمٍ سماويٍ شديد التوهج.
نعم، إنّ جورج موهوب جداً في الرّسم، لقد أقام العديد من المعارض هنا و خارج البلاد، إلّا أنّ عائلته يعارضون فكرة أن يصبح رسّاماً، و لذلك دخل الجامعة ليدرس الهندسة المعمارية فقط تلبية لرغبة أهله.أكمل كلامه: سترى كيف سأصبح أفضل رسّامٍ في البلاد، لا.. ليس فقط في البلاد، بل في العالم كله.
ستفعلها أنا واثق تماماً من ذلك.
ردّ مبتسماً ابتسامته المشرقة قائلاً: نعم أنا أعرف ذلك تماماً، فأنا رائعٌ جداً.
أنت دائماً واثقٌ من نفسك هكذا.. كيف لك أن تكون بهذه الثقة!؟
جورج: هذا لأنني أثق تمام الثقة بموهبتي.
هذا جورج الذي أعرفه. صرّحتُ بذلك مُبتسماً.
وضّبنا المائدة و بدأنا بنقل الصحون إلى المطبخ.
سألت جورج أتعلم من وجدت في المكتبة!!؟
نظر إلي متفاجئاً و قال : منذ متى تنتبه إلى أحدٍ عندما تقرأ!!؟
حتى و أنت تقرأ الكتب المملة الخاصة بعلم النفس تكون و أنك غير موجود.
ابتسم ابتسامة بسخرية و تابع: يبدو أنه كان شخصاً مهمّاً حتى لفت أنظارك.لا، ليس الأمر كذلك، كلّ ما في الأمر أن ذاك الشخص طلب منّي كتاباً كنت أهمُّ بقراءته.
جورج بإنزعاج و هو يضع الصحون في المغسلة: الأمر هكذا إذاً، ظننت أنّي سوف أمرح قليلاً معك.
من ذاك الشخصةإذاً!؟أظنّ أنّك تعرفها جيداً .. إنها فتاة غاية في الجمال عيناها الخضر و شعرها البني المجدول و قُصر قامتها لقد كانت جميلة جداً.
تركَ الصحون في المغسلة و توجه نحوي مسرعاً بحلق في مستغرباً و وضع يده على رأسي وقال: هل تعاني من الحمّى!؟
قلتُ باستغراب: لا، و لكن لماذا تسأل!؟
جورج : لم أسمعك من قبل تصف أي فتاة إلا تلك اللواتي في الكتب و الروايات التي تقرأها.
قلتُ بإنزعاج: أيها الأحمق أنا أصفها كي تعرفها فقط.
جورج: ايييه .. سأصدقك ، لكن من هي هذه الفتاة!؟
أظنّ أنك تعرفها .. إنها سوزي طالبة السنة الثالثة هندسة ديكور.جورج: نعم ، و من لا يعرفها ، إنها فتاه الملاك كما يُطلق عليها.
فتاة الملاك!!؟ سألت مستغرباً.
جورج: نعم، أُطلق عليها هذا الاسم لأنها تساعد الكل، و تنتشل كل من غرق في بحر الهموم بابتسامتها.هكذا إذاً.
جورج: ماذا حدث معك!؟أخبرتُ جورج بكلِّ شيء حدث في المكتبة، بالطبع ليس هناك شيء مهم بالنسبة له، لكن كان شيئاً جديداً بالنسبة لي حيث أني لم أتكلم مع أي فتاة من قبل.
جورج: لم أكن أعلم أنها تحبُّ أن تقرأ. لكنها جميلة، أليس كذلك!؟
رددت مختصراً كلام كثير: نعم.
(في الحقيقة ...إنها آية من الجمال).
أنت تقرأ
حُب، سعادة، حياة
Romanceبين أيديكم قصتي.. بين حبٍّ، سعادة و حياة.. سهم حبٍّ أصاب غير مكانه .. سعادة تملأ الدنيا و تلونها... تختصر بينهما معنى الحياة..