"فوبوس"

197 40 2
                                    



- -

العودة لنقطة البداية كان خطوة غير متوقعة ولم أعلم يومًا بأنها سوف تكون خطوة جديدة لي توقفت عن ذلك الأسى رغم تحطم أملي ، طرقت تلك البتلات لتيسر طريقي ولكنها مغلقة بإحكام ، وقوتي تختفي مع الوقت ، وأدركت بأن اليأس قد ألتهم عظامي وتركني لحمًا عاجز عن الحركة.

بكيت قهرًا فكل ماسعيت له واشتقت وغضبت لأجله كان مجرد ضيق وصعوبة في التنفس ، عيناي لا تكف عن البحث في تلك الأرجاء الضيقة التي تحبسني ، تفقدت يداي أناملي السوداء المتفحمة وكتبت على جدار البتلة "فوبوس" وتحسس تلك الكتابة عدة مرات حتى انمحت من ذلك الجدار تمنى لو يبقيها في عقلها للأبد.

بقي في الداخل لمدة الله وحده أعلم بها فهو نسي كيف يقاوم ويناضل للخروج بدون أي حافز يجعله خائف للخروج ، من يراه داخل تلك التبلة سوف يظن بأنه أحب موطنه ولكنه هادئ وبمعنى أصح ، مستسلم بجدارة كعادته .

بدون تلك المحفزات والخوف هو لن يتحرك انقضى الشتاء وحل الصيف ونسي بأنه كتب فوبوس على بتلته كانت الشمس عامودية على بتلته وذلك الضوء الساطع يذكرة بلحظة خروجه من ذلك المكان المبني ، وكانت تلك اللحظة محفزًا قويًا له ليستمر في الصراع .

طرق البتلة حتى سقطت برقة على أرض زرقاء سقط جسدة بقوة بعكس تلك البتلة فوزنه يفوقها بعدة .

مدد جسده وتعرض للفوبوس (الشمس) واستنشق ذلك الهواء بلا توقف شعر وكأنه محروم من الكثير من النعم فعقله يركز على تلك النقم التي تحيط به .

تفقد جلده اليابس وبدأ في قشعة بخفة وإزالته بلا توقف حتى وصل لملامحه بحث عن مايعكس له نفسه وذاته ونسي قوة حذائه في عكس كيانه .

استمر في السير بحثًا عن مايعكس لأيام وربما أسابيع بلا توقف كان مصرًا أن يرى كيانه السابقة وذاته الجديدة التي سوف تُولد قريبًا ووجد سرابًا أشبه بالماء وهمَ كالحصان يجري ويلحق بتلك البحيرة أو العين .

وفجأةً توقف وتذكر بأنه لا يهم في النهاية فهو وحيد ومن يأبه حتى ذاته سأمت هذه المطاردة السخيفة جثى على ركبتيه وكأنه يطلب المغفرة من الله وبكى بكل يأس بسبب ألم ذلك الجلد الجديد أزال ملامحه القديمة وصرخ بعد أن أنحلت عنه الجلدة الملتصقة الأخيرة .

الحياة صعبة ، وإظهار ملامح جديدة مؤلم جدًا ، انتهت ركبتيه من طلب المغفرة واستقام بصعوبة وأستدار فور سماعة لخرير الماء لقد كان في العين طيلة الوقت ولكن ذاته القديمة اعمته عن هذه الحقيقة دنى بملامحة ليحدق ويرى تلك التجاعيد التي تحاصر وتتوق عيناه وسطور لامعدودة منها على جبينه ، تفقد وجنتاه الواهنه وأسنانه التي لم يعد لها وجود فحتى لو ابتسم لن يرى أحد بريق تلك الابتسامه بدون أسنان ، ضرب الماء واستمر في تدمير أي صورة تظهر .

فلتمت تلك المياه التي تظهر الاسوء ، وخاطبته المياه بلا خجل "لقد كنت ترتاد المكان ، وتركز تلك النظرات علي وعلى فعلتي البريئة ، عشت معك من شبابك وكافأتني بالضرب بسبب مافعله الوقت لك ، فأنا كالمرآة أعكس ملامحك أبحث عمن يعكس جوهرك ياكبير السن فقد لا يعطيك الوقت زمنًا كافيًا لترى جورهك ، أهرب أيها المسن فأنا أقوم بعكس ما يقع علي وهذه الحقيقة تؤلم ولكنها صادقة وليست كذبة تخدرنا لفترة قصيرة أهرب أيها المسن"

Anemone coronaria  | شقائق النُعمان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن