الفصل الثاني

27.6K 1K 9
                                    


جاءت فدوي لزيارة شقيقتها روفيدا، في اليوم التالي بناء علي طلبها
فدوي في الثالثة و العشرون متخرجة من كلية حقوق ، تزوجت في السنة النهائية من صلاح أستاذها في الجامعة، و أخ زوج شقيقتها..
و لكنها أنفصلت عنه منذ ثلاثة أشهر ، لوجود مشاكل بينهم بعد فترة زواج دامت عام واحد فقط...
صلاح الدين ، لطالما أحبته منذ أكثر من خمس سنوات ، عندما جاء شقيقه، خاطبا لشقيقتها ظنت أنها مشاعر مراهقة ، ستزول مع الوقت
و لكنها كانت تنمو و لا تخبوا ، كما ظنت كانا يتقابلا في محيط الأسرة فقط ،إلى أن وجدته معيدا في جامعتها ، في البداية لم تقترب منه و تعمدت تجاهلةو گأنها لم تعرفه من قبل ،كانت نظراتهم تتقابل عند مرورهم صدفة ، فكانت تنحي وجهها جانباً إلى أن أتي يوم جاء فيه سامح و هو طالب معها في الجامعة ،كان في العام النهائي ... معروف عنه أنه شاب مستهتر ،و يقوم بمضايقة كل فتاة جديدة.. تعترض طريقه كانت تجلس في إنتظار موعد محاضراتها ،أن تبدأ فتقدم منها سامح قائلاً..

"انتي جديده هنا أنا أول مرة أشوفك"؟
قالت فدوي بسخرية :
"و هو أنت بقي لازم تعرف كل بنات الجامعة "؟
سامح و قد تضايق من سخريتها منه، فهو كان شاب وسيم و من عائلة ثرية يعتقد أنه حلم كل فتاة ..أجابها بنبرة جادة ..
"اه لازم أعرف كل بنت هنا، و أنتي مش إستثناء من القاعدة " ،ثم أقترب منها يحاول أمساك يدها قائلاً .. " و أنتي بقي يا حلوة إسمك أيه"؟
نظرت إليه فدوى  بدهشة من جرائته و هي تبعد يدها عنه بغضب ..
"أنت أتجننت عايز تمسك أيدي أنا هشتكيك لأدارة الجامعة ،عشان يوقفوا إلي زيك عند حده, و عن التعليم لو أمكن عشان واضح أن تعليمك السنين إلي فاتت محسنش مستوي أخلاقك.."
قال سامح بغضب ..
"انتي شكلك عبيطة و متعرفيش أنا مين "
إغتاظت فدوي و هي تقترب منه تهم بضربه علي وجهه
"أنا عبيطة يا إبن ال...... "
كل ذلك و قد التف حولهم مذيد من الطلبة الراغبين.. بتمرير يومهم في الجامعة بالفرجة عليهم بدون فض الشجار ،و التدخل لخلق مشهد ليظلوا فيما بعد بالتحدث عنه فيما بينهم:
"فدوي"
جاءها صوته من وسط الجمع، مثبتا يدها التي كانت تهم بضربه ،في الهواء..
" نزلي أيدك فورا "
أرتبكت فدوي و هي تقول ؛
"يا أستاذ صلاح ده شتمني ,و قالي يا عبيطة، كان عايز يمسك أيدي..!
"أتفضلي دلوقت أستنيني في المكتب "
عندما وجدها مسمرة مكانها قال بحدة ..
" يالا أتحركي مستنية ايه"
نظرت إليه فدوي و هي تلتمع عيونها بالدمع, ثم تحركت لتذهب لمكتبه تنتظره ليصب جام غضبه، الذي رأته في عينيه عليها..
غادرت فدوى فنظر صلاح لسامح قائلاً ..
"أنت بقي يا حيوان بتتجرء و تحاول تمسك أيدها، أنا شوفت كل حاجة، من شباك مكتبي فوق، أنا مش عارف أزاي إدارة الجامعة، صابره علي الشباب المستهتر إلي زيك، إلي آخر همه التعليم، أتفضل أدامي علي العميد  أنا هجبلك رفد أسبوع ،و هتخرج بشهادة زفت من هنا دا أذا نجحت أصلاً .."
قال سامح بسخرية ...
" و أنت محموق أوي كده ليه عشانها هي كانت أختك و لا مراتك "
شعر صلاح   بالغضب منه فهو يريد أن يبين أن دفاعه عنها أمام الطلبة لغرض في نفسه  تجاهها... قال بسخرية
"لا يا فالح دي خطيبتي و أنا. مش هسكت غير لما أجبلك رفد من الجامعة أتفضل أمشي أدامي على العميد "
ثم أخذه علي حجرة العميد ، ناظرا للطلبة، المتجمعين للفرجة
"يلا كل واحد علي محضرته ،الفيلم الهندي خلص و ابقوا قابلوني أن نجحتم ولا جبتم حتي تقدير محترم"
كل هذا قد علمته من صديقتها التي أتت للتو، و لم تعرف عن ماذا يتحدث كانت تنتظر في مكتبه، قلقة مما سيحدث ، عندما دفع الباب بغضب و دلف للداخل ينظر إليها بحدة..
" أقدر أعرف أيه الي حصل تحت ده "
قالت فدوى و هي تنظر إليه بإرتباك قائلة
"مانا قولت لحضرتك ده كان عايز يمسك....."
قاطعها صلاح بحدة ..
"مانا عارف أنه كان عايز يمسك زفت أيدك أنني أيه خلاكي تفضلي قاعدة تسمعيله لحد ميوصل لكده "
اجابته فدوى و هي تبرر لنفسها" أنا مكنتش بسمع أنا ..."
قال صلاح و هو يقاطعها مرة أخرى  ..
"متكذبيش أنا شوفتك من شباكي ده يا آنسة"
قالت فدوى بغضب.." أنا بمبكذبش و لو سمحت متكلمنيش بالطريقة دي تاني "
قال صلاح و هو ينظر نظرات ذات معني و هو يلوح بيده مشيراً عليها ..
"بوصي لنفسك كده و إنتي تعرفي الولد ده تطاول عليكي ليه..
ده لبس تيجي بيه الجامعة بنطلون ضيق و تيشرت قصير من غير كم و شعرك ده إلي فردهولي علي ضهرك يا هانم ده لبس تروحي بيه الديسكو مش الجامعة و بعدين تزعلوا لما حد يتحرش بيكم في الشارع تعرفي أن مظهرك ده نقطة ضدك مش في صالحك لو الولد ده أدعي أنك أنتي إلي أتعديتي عليه و كله هيشهد ضدك انك كنتي هتضربيه"
قالت فدوى بدهشة .!
"نعم أتعديت عليه دا أيه أنا كنت باخد حقي ده شتمني وكان عايز ..."
صلاح بنفاذ صبر قائلاً ."أخرسي بقي كل ده ملوش لازمة دلوقت يا هانم أنا أضطريت أقول أنك خطيبتي عشان الزفت ده كان بيلمح أدام الطلبة على حاجات مش كويسة بينا يبقي من هنا ورايح أنتي أدمهم إحنا مخطوبين لحد منشوف أخرة الورطة دي ايه"
فدوى و قد تذكرت مشاعرها في ذلك الوقت تجاه الأمر ؛
فهى رغم شعور بالفرح يتسلل لقلبها إلا أنها غضبت بشدة لقوله علي أرتباطه منها ورطة ثم رفع إصبعه في وجهها محذرا
"و حسك عينك تيجي الجامعة بالمسخرة دي تاني ولا أشوفك واقفة مع شباب هنا إنتي سمعة و إياك يا فدوى تقولي لحد من صحباتك أننا مش مخطوبين يلا أتفضلي على محضرتك و أنا جاي النهاردة عشان أكلم والدك في الموضوع "
قالت فدوي بعدم فهم تسأله :
" موضوع أيه؟؟
صلاح الذي بدأ صبره ينفذ منها ..
"إلي حصل النهاردة ولا عايزاني أقول للناس أننا مخطوبين و بعدين أطلع كداب "
قالت فدوي بتساؤل..
"ليه هو أنت هتخطبني بجد"؟
صلاح و هو ينظر إليها بعداء..
"أيوه هخطوبك أمال بعد مالكلية كلها عرفت أنك خطيبتي نقولهم بعدين كنا بنهزر و ساعتها الواد ده هيطلع عليكي إشاعات في الكلية هتقدري تكملي السنين إلي فاضلةو أنتي كله بيتكلم عليكي لو إنتي عادي فأنا لاء أنا ليا سمعتي هنا ولازم أحافظ عليها "
قالت فدوى بضيق ..
"و هو حصل أيه لده كله أنا مغلطتش في حاجة"
"لاء غلطتي يا هانم لما سمحتي لواحد زي ده يتكلم معاكي و أدتيله فرصة للحوار المفروض تسبيه و تمشي"
نظرت إليه بيأس قائلة..
"طيب و العمل  هنتصرف ازاي عشان نحل المشكلة  دي"
أجاب صلاح بهدوء ..
"ولا حاجه أحنا هنتخطب فترة لحد ما  الأمور تهدى و بعدين نتصرف "
قالت فدوى بعند ..
"نتصرف إزاي يعني نسيب بعض و تتحسب عليا خطوبة و لما حد يتقدملي أقوله معلش كنت مخطوبة قبل كده بس كانت خطوبة هزار كده و كده"
اجاب صلاح  بغيظ ..
"و أنتي أيه الي يخليكي تقولي لحد أنها هزار   مانا قولتلك أني هكلم والدك و أخويا يبقي أزاي كده و كده "
أنا مش فاهمة منك حاجة  هو أنت هتخطبني بجد و لا كده و كده 
قال صلاح بغضب
" أيه كده و كده دي يلا أتفضلي علي محضرتك حديثنا طال هنا و ده مش كويس عشانك  و بلغي عمي أني جاي مع أحمد و روفيدا النهارده عشان أتقدملك  يلا أمشي و لينا كلام تاني بعدين "
خرجت و هي لا تفقه شئ مما حدث   هل هو يقول أنه سيخطبها أم يخبر أباها بما حدث و قال في الجامعة
عادت فدوي من ذكرياتها  على صوت فتح باب شقيقتها
التي رحبت بها و هي تقبلها ..
"أهلاً وسهلاً يا فوفو يا حبيبتي أدخلي مستنية ايه "
دخلت فدوى و هي تنظر لشقيقتها بتعجب لترحيبها  شاعرة بوجود شئ غريب في الأمر ..!
"دا ايه الرضى إلي عليا ده ربنا يستر و ميكونش فيه مصيبة مستنياني"
ضحكت روفيدا قائلة ..”   لا يا حبيبتي لا مصيبة ولا حاجة دأنتي وحشاني بس تعالي أقعدي  عقبال مجبلك كوباية عصير "
خرج في ذلك الوقت ركضا من غرفتهم  توءما شقيقتها هيثم و إنچي  مرحبين بها  محتضنين إياها ..
"أهلا يا حبايبي  عملين أيه بوسة كبيرة يلا ل طنط فوفو عشان أنا جيبلكم حاجة حلوة معايا  هيثم و هو يلُف حولها ليبحث عن ما أحضرته لهم " هو فين ده يا طنط فتوه "
فدوى ضاحكة "فتوه فتوه مقبولة منك يا ثيمو "
ثم أخرجت للولدين لعبتان  أعطت لهيثم  مجموعة سيارات سباق صغيرة ملونة  و لإنچي  عروسة بشعر أشقر و عينين زرقاء    تبكي و تضحك  ..فرحا بهما كثيرا
أتت روفيدا و هي تري الولدين فرحين مع شقيقتها فطمأنت قليلاً عليهم  و  أستعدت لتبلغها ما طلب منها أحمد  همت بالحديث معها عندما  سمعا طرق علي الباب ..قامت روفيدا لفتح الباب قائلة
"ده أحمد أصله مبيحبش يرن الجرس  عشان لو الولاد نايمين ميصحهمش "
فتحت روفيدا الباب باسمه مرحبة بزوجها
"أهلاً يا حبيبي"
أحمد" أزيك يا رورو  صلاح معايا  تعال يا صلاح  أدخل"
"ايه ده صلاح هنا  أتفضل يا صلاح "
دخل صلاح  لمنزل شقيقه بعد أن مر به قائلا أنه يحتاج للتكلم معه في أمر هام قائلاً  " تعال معيا البيت نتكلم شويه "  ..
دخل لغرفة الجلوس فوجدها هناك تلاعب الصغيرين و تضحك هى زوجته التي تزوجها بعد حب  طويل لها دام خمس سنوات منذ رأها بضفيرتها البنية الطويلة و هي تتدلي علي كتفها إلي دخولها الجامعة و تركها لشعرها المجنون هذا تداعبه الرياح  و تشعثه لتصبح بعدها أشبه بأميرة الغجر
فدوى ببشرتها السمراء الناعمة لها عينين خضراء و أسنان بيضاء لامعة تزين فمها  ذو الشفاه الوردية و أنفها الصغير   كانت ترتدي فستان طويل يليق بها فهو بأكمام طويلة ضيقة   يحتضن خصرها بنعومة و يترك لها الحرية على الحركة فهو واسع من الأسفل كان يحتضنها كالأم التي تحتضن صغيرها ..
ظل ينظر إليها متذكرا يوم ذهب لخطبتها المزعومة ،التي أراد بها ربطها به و هى مازالت تدرس خشية أن يأتي آخر و يخطفها منه، قبل أن يعلم خاصة أن روفيدا  زوجة شقيقه و شقيقتها دوما تتحدث عن خاطبين شقيقتها الصغرى ،و التي كانت ترفضهم  ..و بعد دخولها الجامعة حتما سيراها الكثيرون بعد..
لقد أحبها و أحب شقاوتها و عفويتها و رعونتها أيضاً
تقدم لخطبتها مع شقيقه و رحب أبيها بذلك فقد كان يتمني أن يطمئن عليها هى الأخري ولن. يجد من هو أفضل من شقيق زوج إبنته الأصغر  أستمرت خطبتهم المزعومة كما تقول لعامين  كان تعاملهم في حدود القريب البعيد في المنزل و الأستاذ  في الجامعة  إلي أن وجد زميل لها يحاول التقرب منها يجده حولها في كل مكان في المحاضرة يجلس خلفها.. في  إستراحة الجامعة يجده قريب منها ..  رغم عدم إنتباهها له  لكنه لن ينتظر إلي أن يجده يجلس معها و يتحاور ..  و رغم أنها عدلت من لباسها و قامت بعقد شعرها و لم تعد تتركه منسدلا  لكنها مازالت جميلة و تلفت الأنظار إليها ماذا يفعل هل يخفيها تحت الأرض أم ماذا  هى تعتقد أن خطبتهما  مؤقته و لكنه سيفاجئها بأمر طلبه من والدها أن يتمم الزواج و هى بالسنة النهائية  و حين أخبرها والدها أتت إليه غاضبه تنفث نارا ..
"ايه ده بقي أن شاء الله جواز أيه حضرتك الي أنت عايز تتممه هو أحنا مش أتفقنا أنها خطوبة مؤقته فترة الجامعة و بعدين هتحل الموضوع "
قال صلاح بسخرية ..
"مين قال كده أنا قولتلك أنها خطوبةحقيقية يوم متقدمتلك  لو أنتي بقي حطة في دماغك غير كده فمش ذمبي "
أجابت فدوي باستنكار ..
"انا لسه فضلي سنة كمان قبل مخلص "
رد صلاح بهدوء ..
"مش مشكلة هسيبك تذاكري و أحنا متجوزين "
قالت فدوي بغيظ..
"مين قالك أني عايزه أتجوز أساساً"
أجاب صلاح بلامبالاه  جعلها تثور غضبا..
"خلاص يبقي روحي قولي لأبوكي  إننا بقلنا سنتين مخطوبين و دي التالتة كده و كده "
عاد من ذكرياته علي صوت روفيدا و هي تحدثه
"متدخل يا صلاح  واقف ليه عندك مفيش حد غريب"
ما أن سمعت بوجوده حتي تغيرت ملامح وجهها و ظهر عليها الألم   و شحبت و هي تنظر إليه بصدمة  فقامت تمسك بحقيبتها قائلة ..
"طيب أنا همشي بقي يا روفيدا و أبقي أجيلك وقت تاني "
روفيدا و أحمد  ردا بسرعة..
"لا يا فوفو  أعدي أحنا عوزينكم أنتم الإتنين في موضوع مهم"

زوجتي فوضوية/ صابرين شعبانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن