11

4.7K 96 9
                                    



ربما كانت ردة فعلها غريبة، اختيارها الابتعاد عن ياسر بعد أن عرفت الحقيقة، لكن هذه كانت الطريقة الوحيدة التي خطرت على بالها.. حتى تستطيع التفكير، استيعاب الأحداث كما رآها ياسر..

لم تعد بيان تدري ما الذي يجب عليها الشعور به.

السعادة والرضا، لأنه بحق كان يحبها؟ لأنه أحبها رغما عنه كما كان حالها؟

الغضب والغيظ، لأنه ظن أنها لا تكترث لأمره؟ ما الذي كان يتوقع حدوثه عندما عرفت بأسباب زواجه بها، الخنوع؟ السخط؟ أربما كان حالهما ليتغير لو أظهرت مرارة ما كانت تشعر به في البداية؟

الحسرة، لأن كلاهما كان يحمل حبا للآخر، لكن كبرياءهما منعهما من الاعتراف؟ لأنهما ضيعا شهورا وسنين بسبب كتمانهما؟

ربما يجب عليها الشعور بتركيبة من كل تلك الأحاسيس..؟

قالت أمها، تقطع عليها تأملاتها النفسية: لك يومين عندي هنا..

اغتصبت الابتسامة وهي تلتفت لها: أفا، قاعدة تعدين الأيام؟ لهدرجة مستثقلتني؟

لم يبد على أمها تصديق قناعها هذا، وتكلمت بنفس نبرة الجدية: قلتيلي إنك مو زعلانة من رجلك.. وعلى حسب ما سمعته هو موب مسافر. قعدتك هنا مو حلوة بحقه.

تنهدت: أدري، يمه، أدري.. بس أبغى أفكر..

سألتها وعدم الرضا باد في وجهها: تفكرين بأيش وإنتي هنا؟ ما تقدري تسويها عنده؟/ أردفت تقاطعها قبل أن ترد: كل مرة تقعدين عندي تكونين بنفس الحالة هذي.. ورى تعذبين نفسك ببعده وإنتي مشتاقتله؟ وعلى حسب اللي شفته ذي، هو بعد مشتاق لك.

ابتسامة أمها الشبه متسلية أثارت فضولها: وش قصدك..؟

لتقول: تدرين إن رجلك يوقف بسيارته في الشارع المقابل كل مرة تقعدين عندي..؟ يتم كذا من نص ساعة لأكثر ويرجع من وين جا.. شكله حتى بعد ما نسى سنين من عمره، لسى العادة ما راحت منه..

على الفور اتجهت إلى غرفتها المطلة على الشارع المقابل، لترى سيارة ياسر متوقفة عنده. تمنت لو ترى شيئا منه، لكن بعد المسافة وكون نافذة سيارته مغلقة منعها من ذلك. التقطت هاتفها تريد الاتصال به، لكن على ما يبدو وقت وقوفه كان في نهاياته، وأتى صوت تشغيل المحرك وانطلاق العجلات بعيدا ليصيبها بالخيبة.

تكره هذا التأثير الذي يملكه عليها، كيف يجعلها تنسى كل تحفظاتها وأفكارها بحركة منه..

هذا كان ما جعلها تريد الابتعاد للحظة، حتى يمكنها تشكيل ردها بتركيز.

لكن معرفتها بعادته هذه بعثرت أفكارها من جديد، والغريب.. الغريب أنها لم تكن سخطة من ذلك، بل كل العكس تماما.

مشكلتي مع كلمة  ...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن