البؤس يملأ قلبها و لم يأتي يومٌ إلا و كان أسوء من سابقه ، تتعثر كثيراً ولا تسقط ، لا تظهر مدى ضعفها إلا لربها و القليل منه لحبيبها ، سأخبركم عن قصتها ....
عاشا قصة حبٍ مليئة بالشدائد و مع كل شدّة كان حبهما يكبر ، فالبداية كانت بالجامعة عندما طلب منها أن تشرح له بعض الدروس لتكتشف مؤخراً أنه يقرب لها ، و ثم بدأا في الحديث حتى استحوذ كل منهما على قلب الآخر ، كانت هي قد فقدت أهلها في الحرب المشؤوم ، و لم يبق سوا أخاها و أخت لها ، كانت تتولى مسؤولية أختها الصغرى حتى كبرت ، و تعهدت على نفسها أن لا تتزوج إلا قبل أن تزوجهم و الظروف التعيسة كانت مهيّئة لكل شيء ، عندما تقدم لها حبيبها لخطبتها كان أول فرح يدق قلبها منذ سنين من العذاب و بعد عقد قرانها _في طريق العودة للمنزل_ كان الشباب يتشاجرون حتى قتل احدهم و ذهب خطيبها ليرى الموقف إذ به يُتهم بقتل المقتول ، و حكم البريء بثماني سنوات ، أما هي فقد أيقنت أنها ستبقى بائسة و تعاني من مشاق الحياة ، كل يوم من السنوات الثمان تطعن قلبها الهش ، مرت السنين و تزوج أخاها و أختها و أخ خطيبها الأصغر و هي ما زالت تنتظر خروجه ، بكت بحرقة يوم زفاف أختها فعندما كانت قد تعهدت أن تزوجهم جميعهم كانت تريد أن تفرح بهم فرحة من القلب ، و لكنْ ليس مثل تلك الفرحة التي تملأها كسرة الخاطر ، انتظرت كثيرا و لم ينفذ صبرها . بينما كانت يوما جالسة على النافذة إذ بها ترى أخت خطيبها تأتي لتأخذها في نزهة ، رتبت نفسها و خرجا سويا ، سألتها "إلى أين فطريق التنزه ليست منها " اكتفت أخت خطيبها بابتسامة غريبة لم تستطع تفسيرها ، حتى وصلتا بيت أهلها ، قالت لها "أهي نزهة حقا ! " دخلتا سويا و لكن من فتح الباب كان قد صدم قلبها ، لتذهب في أحضانه و تبك بمرارة الشوق ، تعلن عن ضعفها للمرة الأولى تخرج ما بداخلها ، لم تصدق ما رأت حبيب القلب الذي انتظرته طوال تلك السنوات اللعينة يقف امامها بابتسامته
تلك ، نامت ليلتها عند بيت عمها ، فهي لم تملأ قلبها منه ، بقيا ساهرين ليلا يتبادلا مرارة البعد و الفقد ، بكيا و ضحكا . في اليوم التالي أول ما خطر ببالهما أن يذهبا لحجز قاعة العرس فقد طال الانتظار و يريدا أن يرتويا بالفرح _أبسط حقوقهم_ بعد سنوات .
لم يكن عرسهم كباقي الأعراس كان الجميع يتطاير سعادة و فرحاً ، و قد همس ليلتها في أذنها قائلاً " كما وعدتك لم يخلق الفقد لنا ، فنحن قلب و روح واحدة" و هي قالت له " و ما بعد الضيق إلا الفرح و الفرج " ❤
سما أحمرو
19_11_2017
![](https://img.wattpad.com/cover/124379619-288-k846003.jpg)