2| من سيشفِي قلب هذا الفتَى؟

5.7K 418 496
                                    

الشّيطان بداخِلِه؛ المجدُ أمِ الخلود.

(كورّيا الجنوبِيّة، عام 2021) يُصيبُك العجّز فجأة، أمام هذِه الحياة التِي مهّما غادرتها لا تنكفّ تزداد ضخامة في داخِلِك؛ ويُصيبُك تعافيكَ منها

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.


(كورّيا الجنوبِيّة، عام 2021)
 
يُصيبُك العجّز فجأة، أمام هذِه الحياة التِي مهّما غادرتها لا تنكفّ تزداد ضخامة في داخِلِك؛ ويُصيبُك تعافيكَ منها.. وتشخيصك بشاكِلة أخرى منها.. !
 لكِنّها هذِه المرّة أبشع وأسوء مِن التِي قبلها، ولسوءِ حظّك هذِه المرّة أيضاً، هِي أشدّ تعلّقاً بِك وتشبّطاً..

إبانَ آن غفّلة، يُصبِح لكلّ آلامِك منها اسمٌ واحِد ليّس إلّا، ولكلّ فواجِع عمرِك صِفة ثابِتة تُفقِدك اللّهفة حتّى لتتألّم على ذِكرها، بعّد أنّ عِشت عمرك كلّه تتآلف مع الألم حتّى نسيت ما سِواه من عواطِف أخرى.. ويموتُ في عينيّكَ الرّبيع رُغم أنّه لم يأتِي، ويختنِق الهواء وتنضُب السماء وما فِيها من مآقِي، ويحتضِر الحاضِر بيّنما الماضِي يعيد قراءة ما مرّ عليّكَ فيهِ من مآسِي.. فهو وحّده منّ لم ينقضِ مهّما انقضَى حقاً، يظلّ يذكّرك أنّه لنّ ينسَى، وأنّ كلّ ما فيكَ مات حتّى ألمُك الذِي لازمك وأنتَ بيّن أصّقاعِ الخيبة.. وحتّى هذا مازال على سبيلِ السّخرية سيُثير حزنك وتأسّيكَ علَى ما كلّفتك الحياة رُغم أنّك لمّ تبتع منها شيئاً!

ربّما لأنّ الألم نِهاية كان وحده من يصّنع المفارقة أمام الحُبور الذِي تعايِشُه مذّ ما جِئت إلى هذِه الدّنيا.. هذا الألمُ الذِي حتّى لجمالِيّتِه ومرارته لم يبّقى!
 إنّها مأساتُك الأكبر، فكلّ ما تُحِبّه بمُفارِق، كلّ من تعلّقت بِه كان محكوماً عليّك أنّ تخسره للدّنيا، وأنّ يغشاك البُعد قبّل اللّقاءِ حقّاً..
 
كانت مأساته دوّماً أنّه لا يُدرِك كيف هو التخلّي قبل أنّ تُدرِكه الفاجِعة بوبالِها.. كان أكثر النّاسِ تعلّقاً، وأكثرهم لذلِك تألّماً.
 لمّ يمضِي في عمرِه يوّماً لم تعلّمه الحياةُ فِيهِ أنّ لهُ فيها قضِيّة خاسِرة، وأنّه سيُراهِن عليّها بعمرِه كلّه ورُغم ذلِك سيخسرُها.. ربّما عزاءه الوحيد كان أنّه سيُحِبّ أوّلاً ثمّ سيُؤجّل السّقوط المُحتّم للنهاية.
 
زفَر والزّفرة تغادِره ثقيلة مِن على شِفاهه التِي تعلّقت بِها.. كيّ لا تُدرِك الحياة أنّها نجحت في نشرِ غِمام الكدر على ملامِح عمرِه كلّها!
 عيّناه تقتفِيان البعيد كأنّه يُسبّر أصقاعه علّه ربّما فيهِ يجِدها، علّه على استِحالة بلوغِه يُثنيه عنّ تمسّكِه بِها حتّى وهِي اليوم بعيدة، أوّ ربّما علّ حبّه يُصيبه الهزال ويولّي إلى حيثُ مقبرة الذّكرى..

الشّيطان بداخِله | المجدُ أمِ الخلودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن