—الشّيطان بداخِلِه؛ المجدُ أمِ الخلود.
. . .
—إيطاليا، عام 2021.
(الحاضِر)
تمتلِئ شوارِع السّمعِ بصمتٍ مريبٍ كأنّها داخِل دوّامة مفرّغة، دوّامة توقّف الزّمن عن التدفّق فِيها، وكلّ ما تشعُر بِه داخِلِها أنّها فوّتت أياماً طِوالاً من عمرِها، ذاكِرتها تعجز عنّ تحديدِ متَى تماماً توقّفت عنّ تدوِين التّواريخ والأحداثِ التِي انحدرت إليّها حياتها بعّد أنّ عايشَت مطبّاً عنيفاً لم تكُن لتنجو منه يوما..عيناها لا تكفّان ترسِلان إشاراتٍ عاجِزة عنّ أنّها غير قادِرة بعّد على مواجهة النّور أوّ الظّلمة، كلّ شيءٍ فيها يبدو متوقّفاً ومتكدّراً بصورة مُرعِبة.
رفَعت كفّي يديّها لتغطّي بِهِما جفنيّها المنغلقِين حدّ الساعة، تكاد تُقسِم أنّها سمِعت أثناء الصّعودِ طرقعةً فِيهما كأنّ زمن وظائِف جسدِها قدّ قضَى نحبه مذّ مدّة طويلة، أ هذا ما ستشعُر بِه لو أنّها ماتت لفترة ما ثمّ استعادت جسدها بالقوّة؟
-كيّف أنتِ؟
يأتِي صوته إليّها محمّلاً بآهة ثقيلة، عيناه تتفحصّانِ ملامِحها، ملامِحها التِي اشتاقها ولو أنّها كانت أمامه طِيلة السّنواتِ الثّلاثِ الفارِطة، أنامِلهُ تمسح على خُصلاتِها المنحلّة بحنانٍ علّ الدّفئ على أطرافِها يُخبِرها أنّها أخيرا بلغت برّ الأمان بعّد أنّ طافت بعيداً عنه ولو بمحضِ إرادتِها..
-صوتُك يبكِي..
لكأنّها قالَت، لمّ يكُ أمينا بعّد أنّها أخيراً بدأت تبدو كنفسِها، أنّ صوتها بدأ يُشبِهها، وما عاد غريباً على آذانِه ولا مؤذِياً.. تنام خُصلاتها الغرابِيّة إلى جانِبِها على الوِسادة الواسِعة أبعادها، تسقُط حِمالُ يديها عن وجهِها وتبدأ أقفال جفنيّها عِندها ترتفِعان ببطئٍ ثمّ تُفصِحان عنّ أجمل عينيّين بقِيتا على وجهِ هذِه الدّنيا، عينان بحِلكة الليالِي الطّويلة، سوداوتان لكِنّ على غرابة ذلِك تلمعانِ كأنّهما مجرّة.. ذاتُ العينان اللتان تُشبِهان عينا أخرى.. لكِنّها اليوم أقفلتهما للأبد ولنّ يستطيع لفظاعة ذلِك بعّد اليومِ مِنَ التفتّن بزرقتِهما الآسِرة.
أنت تقرأ
الشّيطان بداخِله | المجدُ أمِ الخلود
Fanfiction« لم أستطِع أن أتيقّن منكِ أبداً، كلّ الأمور كانت تحرص على أن أظلّ على غفلتِي بكِ.. أنتِ، تلكَ التي ما عدتُ أدرِك السّبيل لتفكيكِ ابتسامتِها هذِه، أقوِيّة كنتِ؟ أم أنّ ما تعاضد عليكِ من غرورٍ أنهاكِ! أنتِ التي كنتِ لا تُجابهين في شيء، ولا تكادِيّ...