السادسة والأربعون

17.7K 303 8
                                    

حبيبتي الگاذبة

الحلقة السادسة والأربعون : ( ماهيتاب بشكل جديد )

تبادلون المزاح والضحكات وساد المكان بهجة غابت عنهم جميعا لسنوات عديدة وها قد عادت من جديد ...
أردفت سهيلة في مرح : بابا أنت كده هتابع الحمل مع أروي صح ؟
إرتفعا حاجبي مصطفي في دهشة وتابع : أنتي حامل يا أروي .. ما شاء الله
أومأت أروي برأسهـا وهي تقول بإبتسامة : في الشهر التالت ..
ضحك قائلًا : كده لازم تيجي معايا القاهرة عشان أتابع معاكي عندي في العيادة !
قالت أروي بخجل : أنا بتابع مع دكتورة هنا كويسه ، بروح مع عمتو نجاة كل فترة ..
مصطفي بمزاح : يعني أبوكي دكتور وأنتي تتابعي مع غيره دي حتي عيبه في حقي ولا إيه يا أمير ؟
ضحك أمير قائلًا : بس القاهرة بعيدة جدا ومش معقولة هتروح تتابع مع حضرتك وترجع
قال مصطفي بجدية : ومين قال ترجع تعالوا قضوا فترة الحمل هناك البيت واسع جدا ويساع من الحبايب ألف ..
أمير ضاحكا : ياه فترة الحمل مرة واحدة ، مينفعش طبعا أنا حياتي وشغلي كله في اسكندرية مقدرش !
مصطفي بتذمر : خلاص سيبلي أروي تقعد معايا كام شهر وإبقي تعالي شوفها كل فترة ..
حرك رأسه بنفي : مقدرش أستغني عنها ساعة مش كام شهر حتة واحدة !
رد مصطفي بمراوغة : خلاص نسأل أروي وأنا متأكد إنها هتوافق .. ها إيه رأيك يابنتي .. ؟
رمشت أروي بعينيها عدة مرات ، ثم تنحنحت بحرج وقالت متلعثمة : إحم .. آآ أنا بس .. مش هينفع أسيب أمير لوحده !
ضحك مصطفي عاليا ثم قال مازحا : بقي كده ، طيب ربنا يسعدكم ويهنيكم ببعض يابنتي ، بس بجد لازم تعملولنا زيارة قد إسبوع كده ولا حاجه ، إحنا عندنا مزرعة كبيرة فيها خيل والهوا فيها جميل لازم تيجوا مش هتنازل أبدا ، تاخد أجازة بقي تعمل أي حاجه مليش دعوة
أومأ أمير برأسه وقال متنهدا بإبتسامة : خلاص بأمر الله لما أفضي هنيجي ..
مصطفي بجدية : وعد .. !؟
أمير بتأكيد : وعد ..
إنتهوا بعد ذلك من تناول الطعام وجلسوا جميعا يتحدثون في أمور عديدة إلي أن إنتهت الجلسة وإنصرفوا إلي شقة سليم ...
............

في المساء .

دلفت سهيلة إلي شرفة المنزل المطلة علي مياه البحر ، إستنشقت أكبر قدر من الهواء وزفرته دفعة واحدة علها تخرج جزء من حزنها معه ..
تقوس فمها بإبتسامة حزينة وهي تتذكر شريط حياتها .. كم كانت مؤلمة .. محزنة ! .. كم عانت ليال وهي مجبرة علي فعل المحرمات ، ليتها لم تفعل ليتها لم تتيح نفسها للجميع حتي وإن عفت جزءا منها وحافظت علي عذريتها ولكنها أبدا لم تنسي الأيادي التي نهشت في جسدها .. كم بغضت حالها وحياتها .. وكم هي الآن نادمة تتمني لو أن يعود الزمن لكانت هربت حتي وإن تاهت في الحياة وضواحيها ! ليتها لم تفعل !
هكذا راحت تُفكر وعينيها تتلألأن بالعبرات ، إلي أن إنفجرت باكية بمرارة ، فـ علي حجم سعادتها بوجود أبيها علي حجم حزنها بماضيها الذي يتردد أمام عينيها ...
شعرت به يقف خلفها وصوته القلق تسرب إلي مسامعها ..
- سهيلة ! .. مالك ؟
إلتفتت له بشهقة أفلتت منها وهي تمسح دموعها بتوتر وتردد بخفوت : مـ مفيش حاجه ..
قطب سليم ما بين حاجباه وتابع بجدية : مفيش إزاي ، إومال إيه الدموع دي .. ؟!
إزدردت ريقها وإلتفتت مرة ثانية لتعود تنظر إلي مياه البحر الهائجة ، فتقدم سليم ووقف إلي جوارها ، ثم قال بعد أن أطلق تنهيدة طويلة :
- ينفع أقف معاكي ؟
أومأت بصمت .. فإستكمل مازحا : لو إتضايقتي هدخل أنام ، أصلي مبحبش أكون تقيل علي حد !
إبتسمت إبتسامة صغيرة وفضلت الصمت ..
ساد الصمت بينهما لعدة دقائق ، إلي أن قال سليم هادئا : كنت فاكر إنك هتفرحي إن أبوكي معاكي وبقي ليكي عيله ، بس أنا شايف العكس ، شايفك حزينة وبتبكي !
إبتسمت متهكمة وتابعت : حزينه علي عمري الي راح هباء ..
أطلق سليم ضحكة خفيفة ، فتعجبت سهيلة وسألته بجدية : بتضحك علي إيه ؟
أجابها بهدوء : أصلك بتقولي عمري الي راح ، أنتي لسه صغيرة و بإيدكي تعيشي حياتك من أول وجديد ، إتعرضتي لمحنة وربنا نجدك يبقي متفكريش في الماضي ..
ردت عليه بحزن : الكلام سهل ، ما هو أنت محستش بالي أنا حسيته مجربتش القهر الي حصلي وانت مجبور تعمل الغلط عشان تعيش ، وبعدين تتدرك خطورة الغلط الي إنت بتعمله.. وتعرف بعد كده أن الغلط ملوش مبرر حتي لو هتموت .. يعني تبقي إتعذبت وأذنبت في نفس الوقت .. بتغضب ربنا وأنت أصلا مش مرتاح يعني خسران دنيتك وأخرتك !! فترجع تتمني إنك تخسر الدنيا في سبيل الآخرة... لكن فات الآوان وأنا فوقت متأخر ومتأخر أوي ..
رد عليها بجدية تامة : المهم إنك فوقتي  ومخسرتيش أخرتك .. طالما توبتي يبقي ربنا غغرلك الي فات ، زائد إن ظروفك أنتي غير.. أنتي إتجبرتي علي الحياة دي وما إخترتهاش بإيدك ، برأيي تنسي الي فات وتعيشي من أول وجديد يا سهيلة !
حركت رأسها بنفي وإنهمرت دموعها مجددا ، فقال سليم متنهدا بضيق : أنتي كده الي بتيأسي من الحياة ، إنتي ضعيفة .. وأنا مبحبش الضعفاء .. مبحبش الي يقعد يبكي علي الكبيرة والصغيرة .. فوقي بقي من الدراما دي !
صُدمت من كلامه العنيف بعض الشئ وإتهامه لها بالضعف ، فهتفت بعصبية : إنت بتحكم عليا إني ضعيفة ليه ، أنا لو ضعيفة كان زماني إتكسرت ! إتكسرت بعد كل الي شوفته بس أنا عشان قوية لسه واقفة وبتكلم .. لسه عايشه !
رد عليها بإستغراب لعصبيتها المفاجئة : إهدي !
زفرت بحنق وهي تمسح علي رأسها : ما أنت مش حاسس بحاجة عمال تتكلم بس وخلاص ، ما أنت متحرمش من أهلك ولا إتمرمط زيي !
ضحك عاليا بتهكم ، وهو يردد كلامها : بتكلم وخلاص !!!!!
تعجبت له بشدة فظلت تتعابه بعينيها إلي أن هدأ وقال متنهدا بعمق :
_ هو أنتي فاكرة إنك إنتي بس الي عشتي أيام صعبة ؟؟ ياريت متحكميش علي حد وأنتي متعرفيش حاجة ! .. أنا كمان مريت بتجربة كانت صعبة ، بس بقيت أقوي وأقوي .. مقعدش أعيط عمري كله أينعم زعلت بس الضربة الي متموتش بتقوي !
صمتت تنظر له بفضول ، فنظر هو إليها ليردف بإبتسامة : هحكيلك !
أنا كنت متجوز علي فكرة .. !
قالت بدهشة : كنت متجوز ؟
أومأ برأسه وتابع في ثبات : اه .. لما إتخرجت من كلية الشرطة قابلت بنت وإتعرفت عليها ومع الوقت حبيتها ، إتقدمتلها رسمي وإتخطبنا وبعد فترة إتجوزتها ، عشنا اول شهرين سمن علي عسل ، بس بعد كده لقيتها بتتغير وعيوبها كلها بتظهر ، مبقتش مرتاح لأنها مكانتش قايمة بدورها كـ زوجة نهائيا ، كانت بتحب تخرج عمال علي بطال وكل تصرفاتها غلط في غلط ، وفي مرة كنت في الشغل وجاتلي إخبارية إن في بيت مشبوه في منطقة معينة في القاهرة ، وتخيلي إني أروح أنا والحملة وتكون مراتي واحدة من ضمنهم !! لاء وفي وضع مخل !
إتسعت عيني سهيلة بعدم تصديق ، ليضحك سليم ساخرا : مبقتش عارف أعمل إيه إتصدمت صدمة عمري رغم إني كنت عارف إن أخلاقها مش تمام بس متخيلتش إنها تبقي بالقذارة دي أبدا !!
سألته بحذر : وإتصرفت إزاي ؟
أجابها بثبات : سجنتها بإيدي وطلقتها فورا طبعا ! .. ساعتها كرهت الجواز والستات والدنيا كلها بس فوقت بعد فترة وقولت إنها متستاهلش وكملت حياتي ، ولما رجعت الشغل مسلمتش طبعا من الكلام والهمسات والي شمت فيا والي قال بس أنا مهمنيش وكملت وإجتهدت لحد ما تفوقت عليهم كلهم وبقيت الرائد سليم كارم في سن صغير ..
ظلت سهيلة صامتة ، فقال سليم متنهدا : عرفتي بقي إني مش بتكلم وخلاص وإنك مش لوحدك كنتي بتعاني !
أومأت رأسها وهي تقول مبتسمة : ربنا يعوضك !
بادلها الإبتسامة ثم إلتفت ينظر مرة ثانية إلي مياه البحر : هيعوضني .. أكيد هيعوضني هو ده ظني في ربنا .. ثم صمت لبرهه وتابع مردفا : وأنا عندي إستعداد أحب وأتجوز من أول وجديد !
أنهي جملته ثم تحرك قائلا : تصبحي علي خير .. ثم خرج من الشرفه ، تاركا إياها تفكر في كلامه ، هل كلامه موجه إليها تحديدا .. ؟ هل هو يقصدها هي ، أم أنها تتوهم !!!!
......................

حبيبتي الكاذبة بقلم / فاطمة حمدي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن