يتحدث فورد الذي يبدو أصغر من في الغرفة بلكنته الأمريكية العريقة:
"أعتقد هذا"
يبتسم ابتسامة جانبية بينما ينظر إلى أخيه, ويبدأ كلاهما يحادثان الخالة باتريس, وكما شيء لم يحدث, وفي هذه الأحيان تقف إيزابيلا فوق جسر صخري تحت ضفته جدول صغير, وتبقى واقفة وهي تلاحق بأعينها الخضراء نسمات الهواء المعقبة برائحة الربيع.. تلامس بيداها الملساء سطح الحاجز الحجري الذي بدأت الأشجار المتسلقة تغطي الفراغات التي أخذت بالتصدع بين يداي إيزابيلا, والأزهار المتألقة التي تكيفت مع بيئتها العتيقة تتفتح مع نغمات الماء الذي يصدح صوته كلما عانق الصخر.
قد لا تلاحظون بأن السيد لافرزندي كان يقف بعيدا يشاهد كل هذا, هبوب الرياح الملساء على خصلات إيزابيلا الداكنة و لمعان أعينها الخضراء كلما برق خاتمها الذي كان بين يديه, يبدو بأن إيزابيلا اسقطته بينما كانت في طريقها إلى الخارج...
يتقدم السيد لافرزندي ببطء, لا يعلم هل عليه إحباط تحفة فنيه كهذه؟ أم يكتفي بالوقوف إلا أن تلاحظه إيزابيلا, لكن ما كان يدور في رأس السيد لافرزندي قاطعه صوت إيزابيلا وهي قائلة:
"أنا لا أرى احتمالية مجيئك هنا معقولة, ماذا يفعل رجل مثلك سيدي على جسر كهذا؟"
"أعتقد بأنك أضعتٍ شيئا ما, أعتقد بأنك تفضلين رمي أشيائك ليلتقطها الرجال عوضا عنك؟"
تلتقط إيزابيلا خاتمها من بين يدي السيد لافرزندي, وترتديه في بنصرها كما تفعل عادة.. لكن يبتسم السيد لافرزندي ويداه كانت قد ضمت إلى الخلف:
"أعتقد بأن هذا السبب بأنه دائما يسقط"
"دائما؟.. لحظة..."
تنظر إيزابيلا إلى عينا السيد لافرزندي لأول مرة, كيف لم تلاحظ تلك الزرقة التي وكأنها خرجت من أصفى بحيرات العالم؟ كلما ترمش عينا السيد لافرزندي كانت تزداد عيناه زرقه منذ ذي قبل, كان شعره شديد السواد مسرح إلى الجانب حتى عندما تهب النسمات الهادئة كانت تهبط خصلات من شعره لتحط على وجنتيه التي ترقطت بقليل من النمش وتزيد عيناه الحقنان بريقا, فكاه كانا حادان وكأنه منحوت بدقة شديدة, لم تكن لدى السيد لافرزندي لحية ما أضفى عليه لمحة تجعله أصغر عمرا... كان قليل الابتسام كثيرا ما ترتسم الجدية في ملامحه لكن حالما يبتسم كانت الشمس تشع بشيء أقوى من الدفء... كان طويل القامة واللياقة كان يرتدي خاتما فضيا لكنه كان في إبهامه, يرتدي بذلة من ثلاث قطع تبدو شديدة الملائمة برجل مثله قد يرتدي..
شعرت إيزابيلا بشيء ما يلامس أصابعها, والسيد لافرزندي وهو ينزع الخاتم من بين اصابعها:
"أعتقد بأن عليك ارتدائه هنا أنا أرتديه دائما هكذا"
يضع الخاتم داخل إبهامها, ويسحب يديه من بين راحة يداها.. ويتحدث قائلا: