"أنت محقة.. هل هذا شعارك في الحياة؟"
"أنه مجرد مقولة كان يقولها زوجي"
تبتسم السيدة جدفيشزي قبل دخولها قاعة الضيوف التي كانت على يسارهما طوال الوقت, ويقف السيد لافرزندي بعد دخولها أمام الباب الذي وقف بجانبيه خادمان وبدأ يراقب الحشد الصغير من الناس الذين جمعهم الليلة ويتحدث إليهم وهو يحمل كأس ما من منضدة كانت بجانبه ليلتفت إليه الحضور قائلا إليهم بصوت عال:
"فليحظ الجميع بأمسية هانئة... إلى الأمسيات الجميلة مثل هذه"
يرفع السيد لافرزندي نخبه وقلده البقية وشربوا من كؤوسهم.. بينما أرجع هو كأسه كما كان.. وأعتذر لعدة أناس أتوا لمحادثته بحجة أنه سيخرج لبعض الهواء النقي.. يسير هو تاركا حشد الناس وراءه وعندما لم يعد هناك أحد بالجوار بدأ يعدو بجانب التماثيل البيضاء لمجسمات أجنحة بيضاء.. ولوحاته الفنية التي التمعت في الردهة التي كان يتحرك بمنظورها بسرعة خاطفة .. إلى أن توقف عند باب جانبي كان مخبأ بين أظلال الأرفة حيث تناول شيء أشبه بالظرف من مكتبته الضخمة التي حجبت الباب الذي خرج منه كليا.
يهمس تحت أنفاسه اللاهثة بعجلة تمتمه ما ليخرج حصان السيد لافرزندي من باحته الخلفية حيث كان يرتعي قبل قليل, ليمتطيه السيد لافرزندي ويتسابقان على وقع الرياح الخاطفة.. حيث تضرب صحوة الحصان على التربة الرطبة ويبدأ الضباب يحوم حول الأحراش التي يركض خلفها السيد لافرزندي.. أنه لا يعلم ماذا يسير في عقله يا ترى, إلى أين سيذهب؟ يتساءل السيد لافرزندي بما بقي في خلده من منطق؟ فلا يجد شيء..
يبدأ يتعالى صدى قطرات الأمطار على سرج الحصان الذي كان السيد لافرزندي متمسكا به بللت الامطار السيد لافرزندي بالكامل حتى قبعته العالية لم تسلم.. يتوغل السيد لافرزندي خارجا من وحشة الاشجار وما بينها من وحدة, لا يستطيع رؤية الأضواء.. يصدح هدير الرعد وهو يقترب من أشراف المنزل.. ولايزال لا يرى أي أحد في الداخل لكن وميض البرق الذي رفع نظر السيد لافرزندي لأعلى المنزل إلى شرفة إيزابيلا.. حيث برقت عيناها الخضراوان كما سنا ضوء البرق.. كما لو كان الأمر كله خطأ, لم دعوتها سيد لافرزندي؟ مع علمك بأنها لم تكن ستأتي على أيه حال. يصهل الحصان عاليا ويضرب بحوافره الارض ينتظر نزول سيده المبلل بالأمطار أرضا..
لكن عينا السيد لافرزندي لم تكن على مسعى من النزول.. لما إيزابيلا لما لم تأتي؟..
إيزابيلا التي قفزت من شرفتها عندما تصاعد صات الفرس كلما أقترب من الباب.. كانت قد اختفت بين أظلال ستائرها الملساء متعجبة بالفارس وفرسه, ماذا يفعل السيد لافرزندي عند عتبات منزلها في وقت متأخر في هذه الساعة؟ أين هي حفلته؟ التزاماته؟ وأخيرا أخلاقه؟
تهمس إيزابيلا لنفسها بتعجب:
"أليس الأمر مبالغ به الأن؟.. ماذا يفعل السيد لافرزندي أمام الباحة الأمامية؟ هل ينتظرني لأسمح له بالدخول؟ هل لا يزال فيه منطق؟"
تتسأل إيزابيلا وهي تسرع بين ظلال السلالم ويدها تسير حول حواف اللوحات بسرعة خاطفة.. لما أتى السيد لافرزندي؟ حتى توقفت أمام باب منزلها الأبيض.. نقش عليه عدة أشكال من الخشب. ينبعث صوت طرق خفيف للباب ثم مسحة سريعة على سطح الباب لا تسمع.. يقف كلاهما على الجهة المقابلة للباب لا يعلم السيد لافرزندي كانت هناك خطة لكن إلى أين تلاشت؟ كانت هناك أسئلة تدور في خلد إيزابيلا لكن إين تبددت؟.. يجمع السيد لافرزندي قبضته لعله يطرق هذه المرة بصوت مسموع يستجمع رابطة جأشه لسبب ما, يهمس لنفسه:
"لما سأخبرها؟"