!WHAT A PARTY! WHAT A PLACE

27 5 0
                                    

تمضي إيزابيلا ما بعد الظهيرة وهي مستلقية في غرفتها, وبالها لم يكن قد خلد بعد. يبدو وكأن الأمر لا يتوقف لما الأمر لا يتوقف؟ تبدأ إيزابيلا بالتمتمة بداخلها:

"في كل لحظة تمر.. وفي كل دقيقة تمضي.. كلما يدق عقرب الساعة.. هذا الضغط يزداد وهذه الروح تتعذب"

تستطرد إيزابيلا:

"إلا يهدأ؟ إلا يسكن؟ إلا يمهد؟ قد يمتد إلى نهاية اليوم.. لكن ماذا عن الغد؟, هل سيطاردانني حينها؟"

تغلق إيزابيلا عينها بقسوة بمحاولة يائسة بأن تطرد ذلك الشيء من رأسها.. لكنها بدأت بالخمول والتعب حتى استغرقت في نوم عميق, لتتشتت خصلات شعرها على وسادتها التي طوقت وجنتاها ويداها الشاحبة التي استلقت بمقربة منها..

-

تهوى نسمات الفجر على الشموع المضاءة على منضدة المطبخ.. حيث كانت إيزابيلا تشرب الماء تبدو مرهقة للغاية ربما بسبب الليلة الماضية؟ ترتدي معطفها ثقيل القماش وتأخذ كتاب ما من المائدة وتخرج إلى الباحة الأمامية.. تتأخذ مقعدا هناك من أحدى الكراسي القديمة وجلست بهدوء تقلب بين طيات الكتاب حتى تنزل منه ظرف صغير.. أنه لإيزابيلا من إيما, انها رسالة كانت قد وصلت إلى إيزابيلا قبل انتقالها إلى ليفربول من أختها الكبرى إيما تتسأل إيزابيلا ماذا تفعل إيما في مثل هذا الوقت؟ ربما مشغولة بكونها ربة منزل؟... إيزابيلا تبدو طربة قد لا يشغل بالها الكثير من الأمور لكن ما الذي يجعلها لا تلقي التحية على إيما؟.

تدخل إلى المنزل وتقلب بين أدراج والدتها عن حبر وقطعة ورق, وتقعد على كرسي أمام المنضدة الخشبية وتبد الكتابة بحروف متصلة وكلمات معتقة بجود إيزابيلا, تتساءل وتفكر هل لا تزال إيما بخير في سوري؟ ألا يضايقها الناس هنا؟, تبدأ بالقلق تدريجيا لكن تحاول بأن تتناسى الأمر قائلة:

"قد تكون بخير"

-

تهبط أستار الظلام في الخارج وتبدأ السيدة جدفيشزي بالتهيئة للخروج, تدنو إيزابيلا نحو النافذة وترى أمها مغادرة نحو العربة الصغيرة التي توسطت الباحة الأمامية.. تبدأ العربة بالمسير ويتلاشى سرابها في كل ثانية لتختفي في الأفق..

تتنقل العربة ما بين الأحراش والشجيرات حينها تلعو نبرات الاستغراب على ملامح السيدة جدفيشزي قائلة لصاحب العربة:

"عذرا.. لكن لماذا بين الأحراش سيدي؟"

يلوح السيد بالسوط الموضوع حول يديه ويتحدث بصوت عالي نتيجة صفع الرياح الخاطفة أذناها:

"هنا يقع منزل السيد لافرزندي"

"لكنني ظننته بجانب منزل السيدة باتريس؟"

"منزل الإخوان شيرين يقع في منطقة الخالة باتريس, لكن السيد لافرزندي يفضل البقاء في الظلال دائما"

تومئ السيدة جدفيشزي وتلتزم الصمت حتى تصل إلى منزل السيد لافرزندي الذي كان يقع بجانب جدول صغير وجسر ما.. لم يبدوا حتما كالمنزل كما أن السيدة جدفيشزي لم ترى مثل هذه الضخامة من قبل كأنه بني في الأمس!, كان نور الثريا المضاءة بالشموع يبزغ من كل شرفة ونافذة.. وهل هذه الباحة الخلفية؟! أنها اشبه بحديقة صغيرة للشجيرات المقلمة بعناية تنبثق الإضاءة الشديدة إلى داخل العربة لتمنع السيدة جدفيشزي من رؤية البوابة الرئيسة لهذا المبنى القادم من القصص الخيالية...

تترجل السيدة جدفيشزي إلى الخارج بعد توقف العربة أمام الساحة الشاسعة للسيد لافرزندي.. وتلاحظ تهامس الخدم وتلامزهم تبدأ بالتوتر بعض الشيء لعدم معرفتها كيف عليها الدخول وهي لاتزال محاولة معرفة من سيدخلها إلى هنا؟ تلتفت خلفها وأمامها لترى أن كان احد يعلم الطريق للدخول, فجأة تشعر بنقرات خلفها تعود لخادم ما بدأ بالتحدث بصرامة وكأنه أملى عليه أن يقول التالي:

"السيد لافرزندي ينتظرك عند الباب سيدتي"

تتعجب السيدة جدفيشزي, السيد لافرزندي بنفسه يأتي لاستقطابها إلى الداخل؟ يبدأ الخادم بالمسير نحو السيد لافرزندي وسرعان ما لحقته السيدة جدفيشزي بخطى سريعة ومتشتتة وهي تفكر ما الذي خطر على بال السيد لافرزندي من غير المألوف بأن يتقدم المضيف لاستقبال الضيوف عند البوابة ألا اذا كانوا من الطبقة فاحشة الثراء؟ وحينها تبدأ أقدامها فجأة بالاختلال في التوازن عندما صعدت السلم المؤدي للبوابة ومن غير حسبان قاطعت سقطتها المنية ذرعا السيد لافرزندي التي حاطت خصر السيدة جدفيشزي بعد سحبها بحيطة إلى بر الأمان.. تضحك السيدة جدفيشزي ساخرة وملامحها تدل على الأحراج الشديد:

"لم أعهد أن يتم سحبي حرفيا إلى الحفلة"

يبدأ السيد لافرزندي الضحك برزانة ويبدأ المسير جنبا إلى جنب السيدة جدفيشزي.. عندها يلاحظ غياب إيزابيلا وينظف حلقه ويقول مستفسرا:

"أنا لم ألحظ قدوم الأنسة جدفيشزي معك, هل ستتأخر أم شيء من هذا القبيل؟"

تنظر السيدة جدفيشزي في الأفق وتقول بندم لكذبها على السيد لافرزندي:

"لا لن تتأخر سيد لافرزندي أنها تشعر بوعكة طفيفة.. وتقدم اعتذارها لتخلفها عن أمسية الليلة"

ينتصب ظهر السيد لافرزندي وبهز رأسه متظاهرا بالتفهم

"أوهـ, أتمنى لها الشفاء العاجل.. هل هي بحال أفضل؟"

"أوه نعم أنها أفضل من ليلة أمس بكثير.. لكنني أعلم بأن توعكها ليس بشيء جدي"

"كيف ذلك؟"

تتوقف السيدة جدفيشزي برصانة وتقول:

"المرض يأتي بما تحمله الروح من معضلات.. وأنا أعتقد إيزابيلا تحمل ما يكفيها من مشاكل"

"أنت محقة.. هل هذا شعارك في الحياة؟"

"أنه مجرد مقولة كان يقولها زوجي"

ENORMOUS WINGSحيث تعيش القصص. اكتشف الآن