|نعم ، لا زِلنا في اليومِ الثالث|
الخَميس - 6/2/1986 م
الساعةُ الثامنةُ مساءًلَستُ متأكدةً مما يجبُ عليَّ فعلهُ حقاً ، تقفُ الملكةُ إيفيلين أمامَنا مباشرةً وتحدقُ بنا بأكثرِ ابتسامةٍ شريرةٍ على سطحِ الأرض ، وبدا على وجهِها ملامحُ الانتِصار .
" يا لكُم من حفنةٍ من الصغارِ الأشقِياء ، تقتَحِمونَ غابَتي الجَميلةَ بلا إذن ، وترفضونَ العِقابَ وتهربونَ من السجن ، ثمَّ تأتونَ إلى هُنا وتخادعونَ ملكةَ الحوريّاتِ وتزعمونَ بأنني أنا التي أرسلتُكم إلى هنا ! لقَد تجاوزتُم حدودكم كثيراً "
قالَت الملكةُ إيفيلين وهي تضمُّ يديها معاً وتدورُ حولَنا في دوائِرَ ." هل تسمينَ هذهِ غابةً جميلة ؟ لقَد كانَت كذلكَ قبلَ أن تدمريها بأفعالِك ، لقَد ائتمنَتكِ هيلجا عليها ولكنكِ خُنتِ الأمانة ! "
قلتُها بغضبٍ لتنظرَ إليَّ الملكةُ بصدمة ." وكيفَ علمتِ بأمرِ هيلجا ! "
قالَتها بصوتٍ عالٍ ، لكنَّني لَم أُجبها .. إنني أعلمُ أكثرَ مِما تظنينَ يا عزيزتي .استئنفت إيفيلين كلامَها بعدَ أن لاحظَت صمتي
" هه هيلجا ، دائِما كلُّ شيءٍ يدورُ حولَ هيلجا ، تلكَ الفتاةُ المشوهةُ التي كانَت تبقيني دائِما في ظلِّها ، مع أنني أنا السببُ في ما كانَت عليهِ من إتقانٍ للسحر ، أنا من علَّمتُها كلَّ شيء ! لولايَ لما كانَت هذهِ الغابةُ موجودة ! لكنَّها بالطبعِ كانَت لا تزالُ تظنني طفلة ، مع أنني كنتُ الملكة ، ألا أنها لَم تكن تملُّ أو تكلُّ من إسدائي نصائِحها السخيفةِ وأوامرها التافهة ، 'لا تفعلي ذلك' 'لا تقتلي هذا' 'لا تدمري بيوتهم' ، أنا هي الملكة ، أنا ، أنا و ليسَت هيَ ! "كنتُ على وشكِ أن أجيبها ، لكنني شعرتُ بدوارٍ قاتلٍ فجأة ، وسقطتُ على الأرض ، وهلالُ القلادةِ أخذَ يتوهجُ بنورٍ يعمي الأبصار .
" كلاريسا ! "
صرخَ إيفان واقتربَ مني ، وكذلكَ فعلَ آدرِيان و جلوريا و وودلبثتُ للحظاتٍ أرتجفُ على الأرضِ حتى شعرتُ وكأنني حُبستُ في جسدي ، أي أنني وقفتُ فجأة وأخذتُ أنظرُ بغضب ، ولكنني لستُ من فعلَ ذلك ، لقَد فقدتُ التحكمَ بجسدي !
" لَم أكن أعلمُ بأنَّكِ حقودةٌ لهذهِ الدرجةِ يا إيفي "
قلتُها بصوتٍ يختلفُ عن صوتي تماماً ، كانَ صوتاً منخفضاً ذو بحة ." لماذا اختلفَ صوتكِ ؟ ولونُ عيناكِ ؟ أنتِ تشعين ضوءً .. من أنتِ ؟ ".
قالَت إيفيلين بخوف ، وأخذَ الأربعةُ يتراجعونَ عني بقلق .كنتُ سوفَ أجيبهم بأنَّني كلاريسا ، ولكنَّ الصوتَ سبقَني .
" أنا تلكَ الفتاةُ المشوهةُ التي كانَت على درجةٍ من الغباءِ والثقةِ العمياء لأُهديكِ أغلى ما صنعته والشيءُ الجيدُ الوحيدُ الذي تركتهُ على هذا الكوكبِ التافِه ، قَد تكونينَ ملكةَ هذهِ الغابة ، لكنني أملِكها ، وأملككِ أيضاً ، كلُّ شيءٍ هنا لي ، من أصغرِ نملةٍ تمشي على ترابِ الغابةِ حتى غيومُ السماء ، كلُّ شيءٍ لي ، لذا لا تظني لوهلةٍ واحدةٍ أنني لَم أستطِع إزالتكِ عنِ العرشِ قبلَ مائةٍ وثمانونَ عاماً ، لقَد كانَ كلُّ ذلكَ بإرادتي الحرة "
قالَت هيلجا ، التي على ما يبدو خرجَت من هلالِ القلادةِ وسكَنت بِداخلي .
أنت تقرأ
قلادة القمر
Fantasy"قلادةٌ قمرية، يضيءُ بدرُها في الخير، فَيُظهر لها روحُ الطفلِ طريقَ النور وسطَ الظّلام.. وتُضيء روحُ المشعِوذة الدّاكنةِِ هلالُها لِيختِم على قَلبها بالسّواد". كلاريسا دنجريد ، تلكَ الفتاةُ الصغيرةُ التي تعيشُ مع جدّتِها وشقيقَيها بهدوء ، تُهدى لَها...