حينما أخبره كساب أو بمعنى أصح "صدمه" برغبته في تزويج خالته من زايد
لا يعلم أي مشاعر مجهولة غزته بكل الحدة والعنفوان وحركت رتابة حياته التي اعتادها حتى تغلغلت فيه برتابتها
لم يكن مطلقا لأي من مشاعر الصبا أي حضور في عقله الظاهر.. فمشاعر الصبا دفنت مع الصباولكن مشاعر الخذلان لم تدفن أبدا!!
لذا رفض أن تكون عفراء لزايد الذي حرمه منها.. الذي خذله..الذي جرحه الجرح الأعمق وهو يفضل رجل غريب عليه.. على شقيقه الوحيد الذي لو طلب منه أن ينحر نفسه فداء له لم يكن ليتهاون
وربما كان هناك شيء غامض في داخله ينبئه أنها لن تتزوج وهو يعلم تماما أنها أغلقت حياتها بعد وفاة زوجها
ورفضت فكرة الزواج مرة أخرى.. شعر أنها محمية.. لن تعود لتصبح زوجة رجل آخر.. ستبقى مثله!!
لذا شعر بغبن شديد حين علم أن زايدا قد خطبها مسبقا.. كما لو كنت تترك أمانة عند شخص ما.. فلا يكون حريصا عليها
بل يسمح لنفسه أن يمتد تفكيره لها..
أ لم يكفه ما فعله مسبقا؟!!
تخيلَ لو أن هذه الخطبة التي لم يعلم بها قد تمت.. كان مجرد التخيل قاسيا على روحه الحرة.. وهو يبعث فيها غضبا لا حدود له..
ربما لو كان زايد حينما كان يعرضها عليه قد قال له (إذا لم تتزوجها سأتزوجها أنا..)لربما كان قد تزوجها قبل زواجه الأول حتى..
لم يستطع مطلقا استساغة أن تكون عفراء لزايد.. أن تكون زوجة لزايد
أن تكون حلالا لزايد
مستعد أن يضحي بحريته ورغبته في العزوبية من أجل ألا يتحقق هذا الأمر...
.
بعد ذلك..
حينما أقدم على الفكرة راقت له.. راقت له بالفعل ولأبعد درجة..
شعر أن هناك روحا جديدة اقتحمت حياته المختنقة بالرتابة والملل
ورفض عفراء أثار عناده ورغبته فيها أكثر وأكثر
وجودها المختلف.. صوتها الرقيق الحنون.. حواره معها.. أشياء تمنى ألا تختفي من حياته..
ثم في الختام سيجد له روحا إنسانية تتحاور معه في لياليه الطويلة الباردة التي يقضيها وحيدا دون أنيسوبعيدا عن التسرع الذي قاده لخطبتها في البداية وبعد التفكير العميق.. وجد أن عفراء تعد خيارا مثاليا..