.
البدايه..
كان يوماً قاتماً والغيوم السوداء تحجب النور..
وكأنها تعلن الحداد على ايامي القادمه ...!
في احد احياء مدينة الخرج بالتحديد ..
عند باب المقبره؛
يقف ذلك الطفل ذو التسعة اعوام باكياً بصمت كمن اخرسته الصدمه أو لم يستوعبها بعد! ، كيف فقد ذلك الحضن الدافئ بهذه السرعه؟ كيف انتزع المرض منه أمانه؟.. هل حقاً بات بدون أم؟ هل ما يحدث له الآن حقيقه؟ام كابوس!
خفقان قلبه المتوتر يُخبره بأنه فقد الأمان.بأنه لن يراها ثانيه.. لم يعد له حضن ولا ملجأ،
يقف بجانبه خاله وهو يرى جموع الناس تأتي تعزي في وفاة والدته والكل يمسح على رأسه قبل ان يذهب..
سمع همساتهم وكلماتهم التي تصفه بالضعف(مسكين تيتم صح لا ام ولا اب)..(الله يعينه على هالدنيا) (لاعته الدنيا وهو توه صغير!)
من تلك الكلمات التي لم تكن مواسيه له ابداً، سحقاً لقلوبهم هل ظنوه أصماً ليقولوا ذلك أمامه بلا مبالاه..
صرخ حتى باح صوته بقدر ما بكى ونادى بأسمها ولكن هذه المره لم تجيبه كالعاده..هذه المره نامت للأبد.تلك الحنونه ذهبت بلا عوده.. طفلٌ لم يذق سوى حضن الأم وهاهو يفقده..لم يعرف والده الذي توفي قبل ولادته بأشهر..!!
،
انتهى المعزون واخذه خاله معه وهو يواسيه بكلماته الحانيه/خلاص يا عزز يا ولدي ترى بكاك يوجع قلبي،
وقف عزام بإنهيار امام باب المقبره الذي يغلقونه دون أمه وهو يتشبث بالباب خوفاً ان يغلق دونها/لا يقفلون على امي يا خالي اامي دااخل يا خاالي.
حاول خاله إبعاده بصعوبه حتى نجح ليجلس عزام باكياً و جلس خاله مقابلاً له ثم احتضنه وبكى في مشهد ابكى الموجودين الذين حاولوا مواساته. قد كانت الفقيده الاخت الوحيده لأخيها والمقربه له، هي صاحبة الافضال والوقفات التي لن ينساها لها اخيها خالد...قد باعت ذهبها الذي يساوي 100الف لتساعده في بناء منزله و باعت عماره كانت باسمها ورثتها من زوجها المتوفي لتخرجه من ازمته الماليه، لم تكن يوماً عالة على اخيها بل السند الذي انتشله من ازماته، وعد نفسه ان لا يتخلى عن عزام وان يكون معه خطوه بخطوه حتى يكبر و يعتمد على نفسه..
ركب السياره وهو باكي.. رقبته تلتفت للخلف وعينيه على تلك المقبره.. ذلك الثرى يضم اجمل وأحن وجه.. رآى طيفها يقف بعيداً ومودعاً له بابتسامه شاحبه.. تنهد و غرق وجهه وسط دموعه.. لماذا رحلت باكراً وتركته؟ وهي التي كانت تقول له دائماً أنها تحبه.. وهي التي لا تغمض اجفانها الا وهو بجانبها..!!
في حضن من سينام الليله؟ وهي من سيؤنس وحدتها؟ كيف دفنها خاله وهو الذي يقول بأنه يحبها و بكى حُزناً لوفاتها؟ اسئله كثيره لم يحتملها قلبه ولم يستوعبها عقله بعد..!!
غصّة ألم غصّة وجع ..غصّة فقد لم يحتملها قلبه الذي غلّفه الحزن باكراً..لا شيء اكثر وجعاً من الوداع الاخير.. بين طفل وأمه..
.
،
.
،
.
،
لم يستطيع الدخول للمنزل وهو يعرف أنها ليست هنا.. كيف سينام وهو شاهدهم يدفنونها امام عينيه؟!!
وقف في باحة المنزل وهو يرفض الدخول مع خاله ويرى ابناء خاله امامه.. ساره و قاسي ومدى الصغيره التي اتجهت اليه وهو يجلس لتمسح دموعه وتبكي لبكائه ..كانت تحاول ان ترى وجهه الذي يغطيه بيديه وتنادي بعبث/عذاام لا تبكي خللاث...
ليأتي قاسي ويجلس حزيناً بجانبه،..
تحدث خالد بعد تنهيده/يلا يا عزام ابوي روح داخل..اسمع كلامي يا ولدي
حاولت ساره وهي اكبرهم سناً ان تمسك بيده وتوقفه وهي تشده/عزام انا وقاسي ومدى ماتعشينا.. ننتظرك تعال نتعشا.
نفض يده منها وهو يتركهم ويتجه لغرفة والدته ويغلقها علئ نفسه..
شعر بالعجز وهو يرى هذا الطفل يواجه صدمته مبكراً، دعى الله كثيراً ان يتجاوز ازمته..
مرت ايام العزاء حزينه على خالد وابن اخته..ومرت الايام هادئه ينقصها صوت عزام الذي انطفئ في بدايته..!
.
،
.
،
.
،
.
،
.بعد تلك الاحداث بفتره...
في الليل نام الاطفال ودخل هو غرفته يريد النوم والراحه لم يهنئ بنومه منذ زمن،.سمع صوتها تدخل وهي تتحدث بغضب/اخيرا جييت..
تنهد وهو يضع رأسه على الوساده/قصري صوتك بناام
وقفت عند رأسه وهي تتكتف بيديها/انت ماتعلمني متى عاد بفتك من ولد اختك هذا..
استغرب بل استنكر ما نطقت به وجلس متسائلاً/علامه عزام
زمت شفتيها بغضب/ياخي ملييت عااد متى بأخذ راحتي ببيتي.. شف لك صرفه وابعد هالولد عني، بالاول يالله تحملت امه المريضه وهاللحين هو..كلّم عمه راكان فالرياض قله ترى لك ولد اخو هايت عندنا تعال اخذه
عقد حاجبيه وهو يرد عليها بغضب،بعدما ذكرت عم عزام، يستحيل ان يرسل ابن اخته لأهله ولو قبلوا السماء ولن يرضي هذه الحمقاء بإهمال ابن اخته اليتيم/بتنقلعين انتي مع السلامه..ترى عزام هو الداخل وانتي الطالعه، فهمتي؟ يلا انقلعي
خرجت من الغرفه وهي تتوعده، ان تتخلص من هذا الولد الذي نغص صفاء منزلها هو وأمه..!!
..