8

1.9K 10 0
                                    


  في اجتماع مع موظفيه.. ومدراء فروعه يكاد يسقط من ارهاقه فهو عاد للتو من سفره ولم يرتاح.. تُرى ماهذا الهم الجاثم على صدره.. وضعه يزداد تعقيداً..وطبيبه ينصحه بالراحه وترك العمل ولكن من سيدير اعماله وابنه لا يكترث ومازال طائشاً يلهو؟!
سؤال لطالما ارهقه.. ابنته وان بلغت من الذكاء والحكمه هي فتاه من الصعب ان تقتحم عالم الرجال وهي وحيده ،
هو لا يرضى لها ذلك من الجميل قربها له واهتمامها بادق تفاصيل العمل.. هي بمثابة مدير حقيقي وهو فقط ينفذ، لكم تمنى لو أنها ولداً..لكن حكمة الله فوق كل شيء..

انتهى الاجتماع.. ليشير الى سكرتيره/يا حازم شوف التلفون اللي ازعجني ..لا تحول علي مكالمات اليوم، ابي اطلع.. راسي صدع

اتجه حازم لهاتف المكتب ليرد... ثم ما ان سمع ما سمعه حتى ابتلع ريق الخوف.. اغلق الهاتف وهو في حيره كيف سيخبر ابو نايف بما حدث لأبنه!!

  فرك جبينه وهو يرفع رأسه ليرى حازم يقف عنده مجدداً، واستغرب نظراته/خير يا أبني؟ ماقلت لك روح

حازم بعد تردد/طال عمرك هذا اتصال من المستشفى.. يقولون ان...

وقف وهو مرعوب/وش صااير تكلم من اللي بالمستشفى؟

قرر النطق/يقولون نايف سوا حادث وحالته خطيره.

توقف الزمن للحظه.. اي سكين انغرست في قلبه اي حرقه يشعر بها في صدره الآن؟! نايف هو الأمل الذي يرجوه.. نايف هو السند الذي يذخره لقادم الأيام هو من سيحمي اخواته ويقف بجوارهن..
آه كم كسره ذلك الخبر.. بخفة حركه لم يعهدها، خرج مسرعاً وهو يفكر بكل شيء سيء قد يحدث الا فقدان سنده فلذة كبده..

لاحظه الموظفون يخرج بسرعه واستغربوا لابد وان كارثه ستحدث أو انها حدثت!!

لحق به ابو حامد القهوجي الخاص به ولكنه لم يرد عليه، وقف خائفاً/يا رب سترك... وش خلاه يتعداني بدون يسلم الا شي كبير

رد ابنه الموظف بالشركه وهو يتذمر/يابوي هذولا الكبار ما يعطون وجه لصباب قهوه.. مادري وش محببك في هالبو نايف ذا

ألتفت الى غاضباً/حااامد! .. احمد ربك لولا ابو نايف من بيوظفك هااه . لا فالح بدراسه ولا بعسكريه نافع ولا شركه قبلت توظفك ولا بشيء بأي شي و مناشب خلق الله بأرزاقها.. احمد ربك وانقلع شوف شغلك

شعر بغضبه/يارب وش فيها لو كنت ولد راعي الشركه ليه خليتني ولد صباب القهوه

نهره والده ليذهب وجلس يستغفر/استغفر الله العظيم.. يا رب لا تغضب علي بهالولد
.
،
.
،
.

في جلسه عائليه مسائيه..
تجلس بصحبة اخويها التوأم الصغيرين وتكتب مع اميره وتساعد رواد على حل واجب الرياضيات.. هذا اجمل وقت في يومها.. الاطفال نعمه لا يقدرها الا من يفتقدهم..

اقبلت من ناحية المطبخ وخلفها الخادمه لتشير اليها ان تضع القهوه هاهنا.. ابتسمت وهي ترى شموس تنسى نفسها بين اخويها.. لاتبدو سعيده الا حينما تكون بينهما/الله يعينك انا يصدعوون راسي اذا جيت اذاكر لهم شلون تصبرين عليهم وتسايرينهم وانتي تداومين ووراك اشغال اكبر

ابتسمت الشموس وهي ترفع رأسها لها/بالعكس يازينهم.. وهذا رواد البطل صار شاطر بالرياضيات وحل واجبه لحاله.. يلا حبيبي اخذ مصحفك وروح احفظ السوره ..بعد شوي ترى بسمع لك ززين

ابتسم وهو يلتقط حقيبته/ززين.. و اميره؟

اميره/انا خلصت بعد.. و حفظت القران ماعندي شي ثاني بعد

الشموس/شااطره اجل اخذي شنطتك وروحي رتبي كتبك علشان دوام بكرا.. يلا

انطلقت تلك مع اخيها.. وجلست ام رواد لتسكب لها فنجان قهوه وتقدمه لها،تستعجب كل يوم من هذه الصابره، لطالما ظلمها والدها بعدم تزويجها، هي تستحق ان تكون أم، تستحق ان تحظى بزوج يدللها.. ابتسمت لها بصمت..

لاحظت ابتسامتها/شعندها ام رواد.. ابتسامتك هذي وراها علم

اتسعت ابتسامتها/والله اخاف اقول هالعلم و اتفشل، ابوك مسكرها بوجيهنا من كل ناحيه..

ابتسمت بصمت وهي تعرف الموضوع الذي تود الحديث عنه..

اكملت أم رواد/شموس.. انتي تعرفين فارس ولد اختي.. رجال وماعليه قاصر.. والله لولا اني عارفته ما راح امدحه، رجل عصامي و مستقل عن عايلته..

ابتسمت شموس فهي تعرف فارس جيداً لكن رأي والدها ان لا تتزوج، وان كان لم يصرح بها، هو يعنيها بتصرفاته/ونعم من فارس يام جاسر ..لكن مالي وماللزواج ..الله يرزقه بوحده تستاهله.

نزلت من الاعلى وهي تحاول تجاوز عثرتها لكن وجع حرمانها من ابنائها يكاد ينهيها/السلام عليكم

وقفت لها الشموس وهي تتجه اليها وتحتضنها/هلااا بعمتي اخيراا تنازلتي وطلعتي لنا

تنهدت/تعبت ابكي يا شموس

مسحت دموع عمتها وهي تجلسها بجانبها/ولا تبكين ولاهم يحزنون عيالك صاروا كبااار ويعرفون مصالحهم.. باذن الله يزورونك اكيد انتي ريحي بالك ياقلبي هونيها وبتهون

ام رواد/اي والله بتهون... هذا انا قدامك يا هند انفصلت عن ابو جاسر واخذ عيالي وشوفي عوض الكريم كيف اغناني عن هذاك وقرادته.. محد يدري الخير وينه، و تأكدي ان ربك ما يحملك شي فوق طاقتك.. إلا ما تنفرج بيوم ويفرح قلبك.

حاولت هند ان تبتسم، فهم يجهلون سبب طلاقها/يسعدلي قلوبكم.. ادري اني زودتها عليكم حبتين لكن صدقوني ماكان بيدي.. كنت محتاجه اقعد شوي مع نفسي.. والحمدلله على كل حال.. وين ابو نايف مب كأنه تأخر اليوم

رن هاتف الشموس لتلتفت اليه وتأخذه لترد ..هي لا تسجل ارقاماً بهاتفها، بل تحفظ المهم منها بذاكرتها/ألوه..

على الطرف الآخر، تحدث برسميه/الشموس راكان المناع؟

ردت بثقه/نعم!..

الطرف الآخر/ياليت تحضرين هاللحين بمستشفى الـ.. اخوك سوا حادث وحالته حرجه.. وابوك حضر لكن ماتحمل الصدمه وهو حالياً في غرفة الملاحظه

وقفت وقد اجتمعت حشود الدمع على اهدابها، في تأهب كامل للبكاء، إحمر انفها ويديها ترجف،هذا ماكانت تخافه وتستبعده من مخيلتها... ثم جلست وهي تشعر بتنمل باطرافها ..

اتجهت اليها عمتها هند وزوجة أبيها ليرشان عليها الماء/شموووس رردي يا بنت

صرخت هند/شموووس تكفييين تكلمي

نزلت نيفا" تركض من الاعلى و من خلفها ليال بعد سماع الصراخ الذي لم يعتادون سماعه في هذا المنزل..

تحدثت وهي تستوعب ماسمعته وتحاول الوقوف/نايف سوا حادث و ابوي عنده ..انا بروح

صرخت نيفا وهي تتجه اليها وتمسك بها/شمووس! غبيه انتي وش تقولين؟

شعرت بالعجز وهي ترى ليال تسقط مغمى عليها.. هي هكذا حينما تتوتر و تخاف التفتت لعمتها/تكفين يا عمه انا طالعه انتبهوا لها.. ادويتها بغرفتها وفيه منها بصيدلية المطبخ انا حاطتها.. سلام ودعواتكم لخوي وابوي تكفون

لحقت بها نيفادا وهي تأخذ عبائتها..
.
،
.
،
.
،
.
يقف خارج العنايه المركزه التي يوجد بها "نايف" وهو يتحدث بهاتفه، هامساً/ماظن انه بيفلت منها.. الرجال انكسر ظهره خلاص بعد شوفت ولده رايح فيها ومامنه أمل.....يمديك تقول ان مهمتنا نجحت وان البنت اللي تبيها بتنحني لك

لمح اثنتين قادمات للعنايه احداهن محتشمه والاخرى لا تغطي وجهها، تبدو صغيره وفاتنه بعينيها اللامعه وانفها المحمر..
ظل يتأملها لثواني، لم يرى بسحر اطلالة وجهها وهي هكذا باكيه، اذن كيف وهي تبتسم!!

لمحته يحدق فيها ،استغربت نظراته ووجوده هنا،
ليأخذ نفسه ويخرج بسرعه...

ألتفتت وهي تتابعه بنظراتها، من ذلك الرجل ولماذا يقف هنا.. هو ليس من رفاق اخيها يبدو يكبره سناً..اخيها لا يخفي عنها شيئاً... نظراته لم تريحها أبداً !!

سحبتها الشموس معها وهي تنهرها/قلتلك لا تطلعين الا ومتغطيه بس مادري متى بتعقلين

إلتفتت اليها/هذا مو من اصدقاء نايف بس ماهو غريب علي، مدري ليه احس اني قد شفته!!

تجاهلت حديثها وهي تمسك بيدها وتأخذها للغرفه/كم اقولك لا تظنين نفسك ولد بس مسويه فاهمه..
.
،
.
،
.
،


مرت الايام صعبه جداً..وهاهو اسبوعين يمضيان دون اي تحسن يُذكر في حالة نايف..

دخلت غرفة والدها بعد زيارة اخيها، جلست مرهقه ومثقله بهمومها، لتراه يسرح وينظر للفراغ بانكسار، يلازم الصمت طيلة الوقت...تحدثت اليه بابتسامه رسمتها بصعوبه/شلونك اليوم حبيبي

رفع نظره اليها بتساؤل/سألت الاطباء وطالبت بنقل اخوك لألمانيا يتعالج او كندا او اي مكان ..بس كل الاوراق اللي ارسلتها كان الرد فيها واحد..

غصت ببكائها/حكمة ربنا ، الحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه

تنهد وهو يشعر كأنه هرم فجأه و يحتضر قد يأس من كل شيء، الولد الذي كان سنده لم يعد كما حلم به.. هموم بناته وهذه العائله يثقل كاهله من سيكون لبناته واخواته بعد موته، هم البنات يكاد يكسر ظهره..

تذكرت ما تريد اخباره به/ترى عمتي لولوه تقول بتوصل على رحلة بكرا ان شاء الله.. انا ماقلت لها شي عن اخوي.. قلت لها انك مريض وبس.

أومئ برأسه/زين يا بنتي.. وين خواتك؟ ليه ماشفت منهم احد اليوم

ابتسمت تخفي وجعاً/طلوا عليك ولقوك نايم ماحبوا يزعجونك.. وتعرف عندهم دوامات و اختبارات

ابتلع ريقه بصعوبه، يريد اخبارها بما يفكر به ولكنه يدخل في دوامة سعال لا تهدأ. ..

شعرت بالحزن الشديد والخوف يطوق قلبها، لطالما نصحته ان يترك التدخين ولكن لم يتركه، وهاهو يصاب بازمه قلبيه كادت تودي بحياته/صحه يابوي صحه.. لا تكلم يا حبيبي..

هدأ اخيراً من نوبة السعال وهو يأمرها/اتصلي بـ صالح عبدالهادي المحامي.. خليه يجيني الليله

استغربت/وش داعيه يبه اترك عنك الشغل.. انا قدها يا حبيبي.. قول وش بغيت؟

باصرار/اتصلي به.. انا موصيه بشغله من زمان وابي اشوف وش صار عليها..

استغربت اكثر/عمي صالح كان عندك امس ليه ما سألته.. يبه قول وش تبي

بضعف وقلة حيله/الله يحفظكم يا بناتي.. انا ابي اتطمن عليك وعلى خواتك قبل اموت.. انتم صرتوا بلا سند هاللحين والناس ماترحم

عبست فهي تكره ان يقلل من شأنها لكونها ليست رجل، وهذا المرة الأولى التي يتحدث والدها لها بهذه النبره والكلمات/بس انت قد قلت لي اني اسوا رجال.. وما ينخاف علي لا يكون تراجعت عن كلامك لا يكون طحت من عينك يالغالي

تحدث بواقعيه/يا بنتي هذاك الزمان كنت بصحتي وكان اخوك موجود.. لكن هاللحين انتي لحالك ووراك بنات صغار ماراح تقدرين لحالك ترعين كل شي، يبي لك سند يرعاكم

لم يعجبها الرد. هي مكتفيه بنفسها وليست بحاجه لرجل، هي اعتادت ان تقود لا ان تقاد/انا بكون مثلما انت علمتني، لا تخاف علي.. انت بس شد حيلك واترك هالسرير يا حبيب الشموس..

ابتسم بخفوت، وهو يرى اعتزازها بنفسها،ولكن هذا لا يكفيها في مجتمع رجالي،بات يخاف كثيراً من قادم الايام، كيف سيحمي بناته وعرضه وامواله الطائله وامبراطوريته هذه من سيديرها.. ؟ ماحدث لنايف قصم ظهره تماماً !! تمنى على الله ان تصل اخته لولوه من الشرقيه وهو مازال على قيد الحياه حتى يطمئن قلبه..



.
،
.
،
.
عاد وليد متأخراً بعد شفته الليلي..اتجه الى غرفته والارهاق ينتابه،لاحظ غرفة مكتب عزام مضاءه ليتجه اليها مستغرباً ليس من عادته السهر حتى الفجر، أطل برأسه وهو يهمس ثم ابتسم وهو يراه نائماً وامامه اوراق مبعثره، ما استغربه هو وجود جوازه بين تلك الاوراق!!
اتجه اليه ليرى الصحيفه اسفل الجواز وقد قرأ الخبر الذي عليها..!
اخذ جوازه وقرأه وقارن بينهما متعجباً..!!

صدح مؤذن الفجر من المسجد المجاور للعماره فاستيقظ عزام الذي كان ينام على كرسيه، فتح عينيه قليلاً وكأن هنالك ضوءاً مسلطاً عليها ، ليرى وليد امامه/بسم الله متى جيت ووش قاعد تسوي؟!!

وليد/توني جاي وشفت الغرفه مضويه ودخلت لقيتك بسابع نومه..

فرقع اصابعه و رقبته وهو يعدل جلسته ويقف ليلملم اوراقه المبعثره بصمت وحاجبين مقطبين!

مازال وليد واقفاً ليسأل بفضول/اشوفك مطلع الجواز!!. ناوي تسافر؟

رد بضيق/لا. .انا بس... تدري كيف، خلنا نتوضا ونلحق نصلي بالمسجد احسن

اخذ الصحيفه وهو يقرأ الخبر/ "غموض حول من سيخلف راكان عبدالعزيز المناع،في الشموس القابضه!! " تعرفه؟

شعر بصداع بلف رأسه، من هؤلاء وماذا يريدون منه، ولماذا طلب راكان رؤيته الآن بالتحديد ، هو لا يعرف احداً، ولن يكون احتياطاً لشخص غائب مهما بلغ الامر/ماعلينا منهم يلا مشينا

شدد وليد قبضته وهو يمسك بمعصمه، بعد ردة فعله/عزام لا يكون هذا من اهلك؟!

ترك يده وخرج غاضباً..ومشوشاً..دخل دورة المياه ليبدأ وضوءه، وهو يفكر بما سمعه من ذلك المحامي "لماذا هو؟".. ألم يتبقى من تلك العائله سواه رجلاً ليبحثوا عنه ويستدعونه؟!! لابد وانه كان هو الخيار المرير المتبقي لهم، لن يقبل باعترافهم به الآن.. أين هم حينما كان بحاجتهم؟! هؤلاء الاغنياء لا قلوب لديهم.. ماينبض بدواخلهم "مضخات دم" لا اكثر..!!
سيريهم وسيرد الدين.. لن يلبي لهم طلباً ولتحترق امبراطوريتهم اللعينه!
.
،
.


يتبع..   

ماوراء الغيومحيث تعيش القصص. اكتشف الآن