بقلب شغوف و يكبت مشاعره قسرياً..
نظرت اليه من النافذه وهو يخرج بصحبة أخيها قاسي.. بعدما منعتها والدتها من وداعه.. تم شهر ونص وهي تقابله سراً بعدما ينام الجميع.. لم تتقبل فكرة ان تحتجب عنه، وان ارغموها ستقابله سراً، كيف يمنعونها الآن بعد كل ذلك التعلّق؟!
بكت وهي تراه يغيب عن ناظريها، سيذهب ليعيش في مدينة أخرى سيستقل بعيداً عنهم.. ترعبها فكرة انه قد ينساها في معمعة هذه الحياه..!
،
.
،
.
،
.
الرياض..
وصل تلك المدينه الكبيره.. يالتلك المباني العاليه وتلك الصناديق الاسمنتيه.. اعداد البشر المتزايده الذين يسكنون هذه المدينه. سمع ان سكانها يفوقون السبعه مليون نسمه، تُرى كيف سيعيش هنا؟ كيف سيجد له موطئ قدم بين ملايين الاقدام.. كيف سيجد نفسه ويصنع ذاته هنا..
الناس في هذه المدينه في سباق مع الزمن التطور سريع وعجلة التنميه لا تتوقف.. من يريد اثبات نفسه عليه ان يكون صابراً وان يستغل الفرص جيداً فهو ليس الوحيد الباحث عن فرصه.. الجميع هنا ينتظرون انصاف الفرص لبداية حياتهم..
بعد مشوار مُرهق وصل العماره المنشوده.. ثم اتجه للمصعد ليجده معطل ..ليتركه ويتجه للسُلَّم ليصعد حتى وصل الدور الرابع وهو المطلوب.. اخرج المفتاح من جيبه ثم فتح الباب و دخل شقة العزاب التي قرر السكن بها مع ابناء حارته ناصر الذي يكبرهم فالعمر ووليد النصف سعودي فهو من أم سعوديه وأب ذو جنسيه عربيه،.
..اصابته صدمه ولف شماغه ليغطي به انفه بسبب الرائحه الكريهه، تباً ماهذه المزبله التي يعيشان بها.. يبدو ان المكان لم يتم ترتيبه وتنظيفه منذ سكناه..
كل شيء في هذه الشقه البائسه يبعث للإكتئاب..
تباً لا يستطيع العيش بهكذا مكان.. لكن لابد له من ان يصبر..
سيفعل ما بوسعه لجعل هدا المكان قابلاً للحياه فيه..
وضع حقائبه جانباً..ثم شَمَّر عن ساعديه لتنظيفها، يجب ان يكون المكان قابلاً للسكن.. لن يعيش على اسلوب غيره فهو يدفع الإيجار كما يدفعون وعليهم الإلتزام..
بحث عن ادوات تنظيف ولم يجد!! سحقاً اي الكائنات تعيش هنا.. ؟!
قرر الذهاب للمتجر الذي يقع اسفل العماره واخذ ما يلزمه في عملية التنظيف..
عاد ووجد وليد أمامه متكأً/زيين اللي جيت يلا قووم
استغرب وليد وضحك/شفيك متلطم ..فيه ريحه؟
مازال عاقداً لحاجبه/لا سلامتك مافيه الا مسك وعنبر يا اخ وليد..نعنبوكم وش ذالمزبله اللي انتم فيها.. قووم خلنا ننظف الشقه يالمخنز
اشار بيده بالنفي/اعذرني مانظفت ببيت اهلي علشان انظف...
قاطعه عزام بصرامه ورمى عليه كيس المهملات الفارغ/ببيت اهلك امك وخواتك ينطفون ماهم محتاجينك يالمخنز.. يلا قووم خلنا ننظف هالمزبله.
وقف وليد مستغرباً ما يأمره به/انت من جدك تبيني انظف؟!! لا تأمر علي تراني اكبر منك
رفع حاجبه بغضب/اكبر مني والا اصغر بتكد العافيه وبتنظف.. والا قسم بالله لا توطى في بطنك علشان تعرف من الاكبر
ابتسم وليد انصاع لأوامره فهو صاحب الطفوله وابن الحاره و من ثم ناصر صاحب الشقه الذي استأجرها أولاً..واجبره عزام على التنظيف/من وين تبيني ابدأ؟
ابتسم بسخريه/ايه خلك سنع.. ابدأ بتنظيف الغرف والحمام واترك غرفة ناصر له اذا جاء يرتبها.. وانا علي المطبخ والصاله
ذهب وليد وهو يتمتم بغضب.. لم ينظف في حياته/اخر عمري انظف واكنس وانا طالب طب! هزلت
رد وهو يضحك/طالب طب وشايف نفسك اجل لو تصير طبيب رسمي شبتسوي؟ نظف نظف بس
اخذ مكنسته بيد وادوات التنظيف بيده الآخرى واتجه هو للمطبخ. وبدأ بالتنظيف ..
.
.
،
في جلسة العائله مابعد صلاة المغرب..
تسائلت بفضول وهي تسكب فنجان قهوه لأبيها/يبه صدق عزام انتقل للرياض نهائياً..معاد راح يرجع يسكن هنا
ابتسم للهفتها/هذا بيته طال الزمان والا قصر.. عزام من هالبيت متى ما خلص دراسته بخليه يرجع هنا ان شاء الله
ابتسمت وهي تشعر بنشوة الأمل/ان شاء الله..
لم تعلّق على هذا الموضوع فهو يستفزها. وهي تخاف ان تكون مطلقه بعد كل تلك السنوات.. ماذا سيُقال بحقها وهي مطلقه في هذا السن؟!!
لكنها تتوعد ان تكون حجر عثره لعودته هنا وهي تتمتم (باللي ما يحفظه) ..
.
،
.
،
.
،
.
الساعه التاسعه ..
دخل فراشه المُلقى على الأرض بعد تعب يوم كامل قضاه في تنظف الشقه..اطال النظر في سقف الغرفه المظلمه والتي تتخللها إضاءة الشارع التي تتسلل من النافذه، سحقاً لا توجد ستائر أيضاً..!!
ظن انه سينام بعد اجهاد السفر والتنظيف.. غداً سيذهب للجامعه..يجب ان يعتمد على نفسه ويستقل مادياً لن يعتمد بعد ذلك على خاله..مكافأ الدراسه مع عمله بعد الدوام الجامعي سيجعله مرتاحاً مادياً.. رحلت به الاحلام وخطط المستقبل..
شيئاً فشيئاً تسلل النعاس اليه فاستسلم للنوم..
،
.
،
،
.