المنديل الأزرق الفاتح ||٦

188 26 18
                                    


يبدأ الصباح، تنتهي الأحلام ويبدأ الواقع، لكن الحقيقة أننا نحن من يرسم الواقع بالأحلام.

كان صبحا جديدا، بداية من فجر جديد، بداية جديدة، كانت بداية للتغيير، ربما الأفكار التي زاحمت عقلي أكبر بكثير من تلك التي تبدو للعيان.

اِستيقظت و تثاءبت ببطء كمن يتحضر للواقع التعيس وبأول نظرة رمقتها على الغرفة مالت ملامحي في عبوس كزهرة أثقلت بتلاتها قطرات الندى، وجهت نظري إلى تلك الحقائب المصطفة على ناصية الغرفة وقد تثاقلت أنفاسي حالما باغتتني الذاكرة فقد عزمت على الرحيل ولن يردعي رادع.

خرجت وقد تجاهلت سكون المنزل، صبح يوم العطلة صباح بليل، كنت قد قررت أن أتجه صوب المتجر وكم كان الطريق عسيرًا فالعقل بئسا له لا ينفك يعرض الأفكار والأسرار والذكريات كأنه عزيم على أن يجعل القلب الأليم جريحا.
و

صلت إلى المتجر وقد أشرقت زهرات عباد الشمس مرحبة باليوم الجديد، ثم قد دخلت ولمحت جيمين الذي كان وحيدًا داخل المتجر دون أن أقطف أثرًا للجدة وهذا ما أثار تعجبي.

تحمحمت وألقيت السلام:
«

صباح الخير جيمين!»


وحالما نطقت حروفي توسعت ابتسامة ذاك الذي راح جل تركيزه على ما بيده يأفل وقد انتصب واقفًا خاطًا الخطى نحوي بينما يرد على تحيتي بذلك الصوت الذي يشبه الخطيئة:

«صباحك وونهي! لمَ الإبكارُ؟»

تساؤل واضح اعتلى ملامح جيمين المحتارة رغم ابتسامته التي أبت الإنجلاء.

«لا تشغل بالك، ربما بعض الملل ساورني عند صباح العطلة»

وبهمهمة لطيفة أتبع تحديقه بي بينما كنت أتجول بين صفوف الزهر أبحث لي عن مكان بينهن. مر وقت لا بأس به إلا أن تحديقه بي طال وقد شعرت بالدم يتصاعد سخينا عند وجنتيّ، كنت أفكر كل هذا الوقت بأي شيء قد يفك أزمتي التي أوقعت نفسي بها، لا أملك مأوًا الآن، لا أريد العودة إلى ذلك المنزل ولا أريد أن أنام تحت السقف نفسه الذي يحمي جيسو من قيظ الصيف وبرد الشتاء.
بشكل ما عزمت على أن أسأل جيمين إن كان بإمكانه مساعدتي لكن مجرد التفكير بهذا يجعل قلبي يخفق!


«جيمين! أريد سؤالك بأمر ما أو بالأصح مساعدتك»

بتردد بالغ أردفت لكن تعابير وجهه اللطيفة وتلك الابتسامة المشرقة أزاحت كل الأفكار الأخرى فراحت كلماتي تنسل من حلقي دون تفكير:

خفقان زهر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن