المنديل الأصفر ||٨

199 21 19
                                    


Vote 🌟 + Cmnt 💭

EnJoy 🍀

___________________

لم تكن ليلة سعيدة مرت على وونهي ذلك اليوم فقد أمضتها بالتحسر والبكاء، وسادتها جمعت الكثير من الدموع وجدران الغرفة شهدت على ملحمة الرثاء، وضعت لنفسها قبرا وراحت تندب حظها مجددا، كأنها عادت إلى نقطة الصفر حيث لا وجود لأي أمل في نهاية الطريق أو أضواء.

تفادت الذهاب إلى الجامعة فاتجهت نحو متجر الزهور مترجية بعض الطاقة الإيجابية من تلك النباتات الرقيقة. دلفته فتجد الجدة بارك كعادتها تسقي زهورها وتغني لها الأغاني القديمة لتنعشها، كانت أغنية مليئة بالأمل والحيوية جعلت وونهي تتحسر على نفسها الذابلة.

حيّت صاحبة المحل وابتسمت ربع ابتسامة مريضة ثم اتجهت نحو المقعد مقابل أصيص زهور الأوركيد ذات اللون الأصفر الأخاذ، نفس اللون الذي يجعل جبل الذكريات ينهار فوق كاهلها يثقلها بكثير من التعب والإعياء، ليست مؤلمة، بل كانت أشد الذكريات قربًا إلى قلبها، هذا ما جعلها أشدّ وقعا على الذابل في جوفها فتخذلها الدموع مجددا عند مشارف مقلتيها، راحت الذاكرة تعرض من جديد ما حدث في الماضي وانطوى، عندما دقت أجراس القلب لحن الموت على نفسها.

كانت فتاة صغيرة وضاحة المبسم ذات جمال أخاذ، افترش الليل عينيها وسماءه شعرها البراق، وعلى مقربة من وجنتيها تلى ورد الجوري آياته، وعلى شفتيها بتلات الورد استحت فترقرقت ألوانها عليها كهدية من السماء.
عانقت كفها الصغيرة يد أمها التي تشبعت بالحنان وكانتا تتمشيان على مقربة من الحديقة التي اشتهرت بالأصفر عند كل ربيع، حديقة الأوركيد التي تزدان بالحياة عند كل سنة.

«إن الأصفر هو أحب الألوان إلى قلبي، لون الفرح والسعادة، لون التفاؤل والأمل، أول الألوان التي تصادف عينيك عند أول تقاسيم الصباح، كان والدك يقول لي أنه كلما ارتديت الأصفر صارت الشمس تبكي وتتحسر، لكنه ذهب وذهبت الكلمات وذابت أنا بين الأنات»

ترقرقت الدمعة عند مشارف العين وراحت تجري بعيدا عن هذه الهموم، والفتاة الصغيرة ظلت تراقب دمع أمها الجاري بحيرة، لم كان على الشتاء أن يكون عاصفا على زهور الأوركيد؟ لم كان على الأمل أن ينطفئ عند مشارف الصباح؟ لم كان على الابتسامات أن تخبو بينما الصبح كان أفضل خيار للإزهار؟

لم تحس وونهي سوى بطبطبة حانية استقرت على كتفها فترفع رأسها بسرعة وتجد وجه السيدة كيونغ مين المبتسم يداعب قسمات قلبها المفطور.

فجأة صارت الدمعة جيوشا تتهافت عند وجنتيها وشفتاها فشلتا وافلتتا الشهقات الباكية من جوفها فيكون حضن الجدة صدرا رحبا لآلامها فرتمي عندها متجاهلة كل ما مضى.
ربما البكاء كان بزمن ما أرقى وسائل الحديث وأقربها للقلب وأصدقها وأخفها على اللسان، لا يمكن للعين أن تكذب فهي ترى ما لا نراه نحن بأنفسنا.

خفقان زهر.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن