مرت خمس ساعات ولا تزال صاحبة الشعر البندقي ممدة على أرض غرفتها الخشبية...
تسهب ببصرها في الفراغ بشرود تام...
وجهها الجميل مغطى بكدمات زرقاء بنفسجيه.
جلدها شديد البياض غارق بدماءها شديدة الحمرة ، كما في كل مره.
أصبحت تشعر بأن تعذيبها هو عبارة عن عادة يومية لا تستطيع التخلي عنها...
ستشعر بنقص في يومها إن لم يتم ضربها بهذه الوحشية!
كان من الأفضل لها أن لاتعلم بأنها ليست من لحمهم ونسلهم...
كان من الأفضل أن تعيش كما كانت متوهمة حتى تتمكن من بناء مستقبلها وتحقيق ماترغب.
تسأل نفسها دائما :
"لماذا لم أعلم بالأمر بعد أن أكون نفسي وأترك الاعتماد عليهم كليا؟ ألن أصبح حينها بحال أفضل؟"ربما لو أنها علمت بالأمر بعد خروجها من المنزل وبدء العيش وحدها معتمدة على ذاتها لما تلقت كل هذا العنف و عذبت لأكثر من أربع سنوات متتاليه!
كانت في السابعة عشر عندما بدأ كل هذا...
رأت مالا يجب أن تراه مبكرا.استجمعت قواها وحاولت النهوض فور سماعها لصوت نباحه...
اتكأت على تلك النافذة الكبيرة لتفتحها ببطء...
حالما سقطت عيناها عليه ابتسمت باتساع تلوح له.
لم يكن هناك من يواسيها سوى كلب جيرانهم الأبيض!
لاتعلم سبب تعلقها به رغم أنها لا تراه سوى من نافذتها أو شرفتها...
لم تلعب معه يوما أو حتى تلمسه!
هو أيضا بدوره كان متعلقا بها كثيرا ، فعند كل منتصف ليل يخرج إلى حديقة منزله ليقابل شرفتها ، ثم ينبح نداءا لها فتسرع إليه...
تبقى تحدق به مبتسمة ويفعل المثل ، ومن ثم تودعه بارسال قبلة طائرة فينبح مودعا...أغلقت نافذتها متوجهة إلى الحمام بعد أخذ منشفة وقميص نومها...
دخلت بين المياه شبه الساخنة بصعوبة طفيفة بعد أن غسلت شعرها...
أصبحت تفرك جسدها تنظفه من الدماء برفق...
هذه المرة اكتفوا بجرح معصمها الأيمن وكتفيها ، وما تبقى من جسدها فكانت الكدمات تزينه.عند تمام الثالثة فجرا ، انتهت من الاستحمام وتعقيم جروحها ؛فاستلقت على سريرها ونامت بعمق.
وفي التاسعة صباحا استيقظت إثر قدوم ذلك الفتى الصغير ، والذي من المفترض أن يكون شقيقها ولكنه ليس كذلك.
تحسس وجهها بأنامله وعيناه تكاد تخرجان من مكانها...
ابتسمت له تمسح على شعره برفق عندما رأت دموعه التي بدأت في التساقط رافضة التوقف.
هي تحبه كثيرا كما يحبها هو الآخر...
لن تنسى محاولاته في الدفاع عنها رغم أنه مازال طفلا ولم يتجاوز السابعة بعد.نهضت بعد أن أخبرها بأن والدته تريدها...
نزلت في اتجاه المطبخ بعد أن سرحت شعرها وبدلت ملابسها.
استقبلتها ابتسامة الوالدين لكنها بالتأكيد لم ترسم نصف ابتسامة حتى...خاطبتها الجالسة وهي تشير إلى كوب قهوة :
"اجلس وتناولي إفطارك ، لقد أعددت لك القهوة التي تحبينها بيدي".استكمل الآخر بجانبها :
"نحن نعتذر عما بدر منا ليلة البارحة ، آسفون حقا على تشويه وجهك الجميل يا ابنتي"ابتسمت تنظر إليهما بسخرية ، ثم جلست على المائدة وبدأت بشرب قهوتها دون النطق بأي حرف.
إنها تجهل فعلا سبب انفصامهما الغريب في كل يوم...
إنها متيقنة بأنهما ليسا طبيعيان مطلقا ، وأنهما مريضان ويحتاجان للذهاب إلى المصحة العقلية لتلقي العلاج...
يضربانها بوحشية في الليل ، ويعتذران ويعاملانها أفضل معاملة في الصباح!
الأمر مضحك بالنسبة لها ، وماكان يضحكها أكثر هو أن ذلك الرجل يخاطبها بابنتي...
هما يعلمان أنها ليست ابنتهما وهي تعلم بأنها ليست كذلك!
إذا لماذا كل هذا؟
انها تتلقى التعذيب بسبب أنها ليست ابنتهما وهذا تماما مايقولانه لها في كل مرة يكسران باب غرفتها ويدخلان ليبدأ في ضربها بلا رحمة.
لماذا لايطردانها فقط من المنزل بدلا من هذه المعاملة الغريبة؟
هي لاتنكر كونهما يوفران لها كل ماتريد وأنها لاتقتني سوى الباهض ، وأنها اعتادت على العيش بسخاء...
لكنها تجهل سبب فعلتهما هذه ولم تتمكن من تفسير مايحدث.
هي لاتريد هذا الثراء لأنه بالنسبة لها مزيف كليا.أصبح كل مايدور في ذهنها هو...
لماذا؟
ولماذا؟
وألف لماذا؟
_______________________________________
يتبع...التعليق وطرح الرأي يهمني كثيرا ♡♥