تمتمت ايليس وهي تسترخي تحت القسم المظلل من المركب الذي استأجره ميغيل لقضاء اليوم :" رائع ".
سوت هانا نظارتها الشمسية وابتسمت بينما كانت ايليس تشد طرف قبعتها نزولاً لتغطي وجهها من اشعة الشمس القوية .
كانوا فى العاشرة صباحاً قد استقلوا معاً السيارة الى "ويليامز تاون" حيث قام ميغيل بإستئجار مركب فخم مع قبطانه ليبحر بهم فى المياة المتلآلئة .. ليعودوا بعد الظهر .
أكملت ايليس برضي :" لا هاتف , لا زوار , لا مئة شيء وشيء نفعله ".
وما من مجال لامرأة فرنسية عنيدة تتطفل .. أضافت هانا بصمت . غير قادرة على منع نفسها من التساؤل عما ستكون عليه خطوة كاميل التالية .
كان ميغيل واليخاندرو جالسين فى المقدمة .. كلاهما يرتدي ملابس بسيطة , بنطلون كاكي , وقميص قطني , ويضع نظارة ويعتمر قبعة بايسبول .. زرأت هانا أنهما يشبهان رجلي اعمال يسترخيان فى يوم راحة نادر .
كل ما عليها فعله , هو النظر الى ميغيل , لتشعر بأنها تذوب من الداخل .. وأن المشاعر الجامحة , المنتشرة فى جسدها , تدفئ دمها وتوتر أعصابها لتجعلها تنبض بالحياة .
كان من المستحيل الا تحيا مجدداً الحب الجامح الذي تشاركاه منذ اقل من اثني عشر ساعة .. وبقدر ما يبدو هذا جنوناً , أقسمت أنها لا زالت تشعر بذراعيه حولها .. وأن هناك جزءاً لا زال متشوقاً للمسته .
فى تلك اللحظة , استدار ورمقها بنظرة طويلة متفحصة . ولبرهة واحدة , كادت تتصور انه يقرأ افكارها , ثم التوي فمه بإبتسامة بطيئة مثيرة , أفقدتها رباطة جأشها .
قالت ايليس مستمتعة :" قد يكون الغداء فكرة جيدة ".
منتدى ليلاس
سألت هانا بمرح :" وهل الصغير جائع ؟".
ووجدت نفسها تضحك لتعبير وجه ايليس .
-للآنسة الصغيرة افكار محددة حول متي وماذا يجب ان آكل .
ووقفت تمرر يديها على بطنها الذي بالكاد يبرز .
-الوم عندي شوق للحم والمايونيز , والخيار المخلل والاناناس .
لحسن الحظ , كانت صوفيا قد وضبت مجموعة متنوعة من الطعام فى سلة نزهات , إضافة الى الخبز الفرنسي , والسلمون , والدجاج , وتشكسلة سلطة .
دخلت هانا الى "الكابين" لتحضر السلة , ثم بمساعدة ايليس وضعت محتوياتها على الطاولة اضافة الى زجاجات المرطبات والماء , ونادت الرجلين ليأكلا .
الهواء النقي , والنسيم العليل استمرا لبضع ساعات مبهجة .. ونزلوا عن ظهر المركب , ثم سلكوا الطريق الساحلية الى "بورت فيليب" قبل العودة الى "توراك" .
حفلة شواء لثمار البحر , مع بدء حرارة شمس بعض الظهر اكمل يوم الاسترخاء مع الرفقة الجيدة .. جمعت هانا الاطباق والصحون فوق صينية , وحملتها الى الداخل .
نظفت هانا المقعد الخشبي ، ثم توقفت حين لمست ايليس ذراعها .
-هل لي ان اقول شيئاً؟
استدارت هانا معطية كل اهتمامها : ( طبعا).
-كان هناك امرأة تلاحق اليخاندرو حين كنت حاملا بابننا الأول كانت سافانا مصدر ازعاج منهك وتسببت لي بحزن كبير في ذلك الوقت .
ابتسمت قليلا للذكري : ( واذا لم اكن مخطئة ، فلديك لعنة مماثلة اسمها كاميل ).
جذبت نفسا عميقا ، ثم زفرته ييطء : ( شئ واحد تعلمته قد يساعدك . . رجال سانتاناس مخلصون لمراة واحدة ).
سالت هانا ساخرة : ( اذن ، لا داعي للقلق من كاميل ؟).
صححت لها ايليس بلطف : (لا تقلقي من ميغيل ).
صمتت وقد غامت عينيها وشحب لونها : ( ها قد عدنا مجددا).
ورفعت عينيها متأوهة قبل لحظة من خروجها السريع من المطبخ . دخل ميغيل واليخاندرو المنزل بينما كانت ايليس تعود من مهمتها البائسة . . ووضعت هانا القهوة لتصفو ، وراحت تحضر الفناجين والسكر والحليب .
طلبت ايليس : ( شاي لي ).
وحملت هانا صينية : ( لماذا لا تجلسين قرب بركة السباحة وساحضر الشاي لك بعد دقائق ؟ ).
كان مبهجا الاسترخاء في جو المساء الهادئ ، ومراقبة الشمس وهي تغيب . انوار الحديقة اضيئت بواسطة جهاز تحكم عن بعد , والانارة الاضافية حول البركة اضفت وهجا زاده تألقاً الانارة داخل الماء .
انها ارض الخيال خاصة . . معزولة ، هادئة ، وطريقة استرخاء رائعة لانهاء يوم جميل .
لفظت ايليس الكلمات . . ووافقتها هانا .
قال اليخاندرو بهدوء : ( حان وقت الذهاب كوريدا . . انت متعبة ).
لمعت عيناها مرحا : ( وهل انا متعبة ؟ اذا كنت تقول ذلك .
منذ متى وهما متزوجان ؟ عدت هانا . . ست ام سبع سنوات ظ ومع ذلك فالحب الشديد ما زال قائما ، يشتعل تحت السطح مباشرة . . . ولا بد انه سيبقي دوما حسبما تتصور هانا وان لم يكن كذلك في البداية . . وقفت مع ميغيل عند الباب الأمامي ، وراقبت انوار السيارة المستأجرة تلمع في الظلام .هذا زواج مدبر ، سار في طريق خاطئ، ولم تنج ايليس الا بعد ان تعرضت لحدث سيارة ، وعانت من فقدان الذكرة .
سألت هانا وهي تستدير عن الباب : ( المزيد من القهوة ؟).
رفض ميغيل وهو يقفل الباب ويشغل جهازالانذار .
-لا . . بل سأجهز حقيبتي ، لأن اليخاندرو سيأتي لاصطحابي في الساعة السابعة والنصف الي المطار .
سيستقلان طائرة شركة سانمار النفاثة الخاصة بهمت عبر قارة استراليا الي بيرث .
ومن دون ان تتكلم ، قطعت البهو معه وصعدت السلم الي غرفتهما حيث راقبته وهو يجلب حقيبة جلدية ويرمي فيها بضع قمصان ، وبنطلونين ، اضافة الي ضروريات اخرى .
فكرة غيابه لبضعة ايام لم ترضها ابدا ، فاخذت قميص نوم حريري ، ودخلت الحمام لتستحم .
احست انها ضعيفة حقا وهي تفكر فيه وبغيابه .
علقت انفاسها في حلقها حين امسك وجهها وراح يعانقها بلطف الي ان لم تعد قادرة على منع نفسها من البكاء .الوداع كان اصعب من قبل . . ارادت ان تطلب منه ألا يذهب إلا ان الكلمات خانتها واحتبست في فمها لكنها تمكنت من ان تستجمع ما يماثل ابتسامة دافئة وهو يعانقها بسرعة قبل ان يتحرك الي السيارة ويجلس في المقعد الامامي الي جانب اليخاندرو .
لحسن الحظ ، لم يكن هناك وقت شاغل للتفكير برحيل ميغيل فعادت الي غرفة الطعام لتنهي ما تبقي من فطورها ، وتتصفح الصحيفة قبل ان تصعد السلم لتستعد للذهاب الب العمل .
تبين ان البائعة البديلة التي ارسلتها وكالة التوظيف افضل بكثير من شانتال ، وبدأت هانا تسترخي مع تقدم فترة الصباح .
اتصلت رينيه تسأل كيف تتكيف الفتاة الجديدة مع العمل . واتصل ميغيل ليقول انهما وصلا بيرث .
حين رن جرس الهاتف مجددا بعد دقلئق ، رفعت هانا السماعة آليا وتلفظت بتحيتها المعتادة : ( صباح الخير هانا ؟).
كان الصوت في الجهة الاخرى من الخط مألوفا . . ومالوفا جدا ، صوت لا تود سماعه .
-كيف حصلت على رقم هاتفي ؟
سؤال سخيف . . ووبخت نفسها لحظة انزلقت الكلمات من شفتيها .
قال لوك متشدقا بمرح ساخر : ( عزيزتي هانا . . لمحلك اسم معروف ، وهو مسجل في دليل الهاتف ).
علاقة كاميل بهذا واضحة ز
-ماذا تريد ؟
قال معاتبا بصوت ناعم : ( آه عزيزتي . . الي الهدف راسا ).
قالت بصوت رسمي جاف :( لا وقت لدي لتبادل الحديث ).
-اذن قابليني لشرب القهوة .
-لا عتقد هذا .
- يجب ان تتوقفي عن العمل لتناول الغداء ؟
-اجل ، لكنني لا انوي ان اتناوله معك .
-خائفة حبيبتي .
هل كان دائما متعجرفا لا يطاق هكذا ؟ وكادت ان تتقزز لفكرة انها انجذبت اليه يوما .
-منك ؟ لا .
منتدى ليلاس
اعادت السماعة الي مكانها ، واستدارت نحو كمية من الفواتير تنتظر اهتمامها .
دخلت زبونة المحل وراقبت هانا إليان خلسة وهي تتحرك الي الامام بتحية متمرسة . وخلال ساعات فقط كانت الفتاة تظهر قيمتها ، واحست هانا بارتياح حذر . . فسوف تنجح . اخذت إليان فرصة الغداء منتصف النهار ولدي عودتها بعد ساعة ، قطعت هانا الشارع الي المقهي ؤالذي ترتاده عادة فالطعام هناك جيد والقهوة ممتازة .
ادركت خلال ثوان من دخولها المقهي المكتظ , انها ارتكبت غلطة كبيرة .. فأعتياد المرء على امر محدد له مساوئه .. لان اي شخص يعرف روتينها المعتاد , سيعرف ان هذا المطعم بالذات هو مقصدها المفضل لتناول الغداء .. سواء اختارت طعاماً تأخذه معها , ام قررت تناوله هناك . كان لوك دوبوا يجلس الى طاولة تطل على الشارع .. وهو يبدو ابن المدينة المحنك المسترخي كما يدعي نفسه .
إذن .. لماذا لم تدهشها رؤيته ؟ لوك , لا يفعل شيئاً من دون دوافع . وهذا ما زاد من قلقها الذي بدا واضحاً .
حياها لوك بدفء متعمد :" مرحباً عزيزتي .. كنت اعرف انني لو جلست هنا وقتاً كافياً فلن يمر وقتاً طويل حتي تصلي ".
-يجب ان اتذكر ان اغير مكان تناولي الطعام .
ومن دون كلمه اخري , استدارت على عقبيها وخرجت ثانية .
ومن دون كلمه اخري , استدارت على عقبيها وخرجت ثانية .
أنت تقرأ
صرخة قلب للكاتبة/ هليين بيانشين
Romanceلقد وقعت فى حب زوجها ! فأين الخطأ ؟ زواج هانا بميغيل سانتانا امن لها حياة آمنة , مميزة .. فقد كانت تدير اعمالها فى النهار , وتقضي الليالي مع زوجها الجذاب.. لكن هذا الزواج ( الكامل ) كان مجرد عقد اجتماعي يوحد بين عائلتين قويتين ولم يكن للحب فيه يد و...