البارت الثاني

1.3K 41 5
                                    

فلنرى كيف سيتحدى القدر مَن ليس له شيء يخسره.!

عادة تقضي ريان أوقات فراغها بمكتبة سالِفة يديرها رجل مُسن, في الواقع أن تلك المكتبة لا يتردد عليها إلا عدد قليل من الناس, لا أعرف لمَ الأماكن الغنية مهجورة في حين أن بُقع العُهر حول العالم تعج بالفوضى!
اقْتَنِ كتاباً ما, الأفضل أن يكون رواية, والأفضل من ذلك أن تكون رواية عاطفية, أو بوليسية, أو حتى خيال, إقرأه وترنح بين ثناياه, ستجد بعد إنهائك القراءة أن هذا العالم الذي تعيش فيه تافه جداً لا يمت للحياة بصلة, ستجد الحياة بين طيات الكتب.

هكذا وجدت ريان حياتها, تجلس بوسط الكتب لشغفها بالقراءة, تُطالع الكتب وتحلم, الأكثر أنها تهتم بروايات الحب والهوى رغم أنها لم تقتنع بفكرة الأرتباط. لكنها تحلم! تحلم بعد ما سلبت حياتها منها الحياة, أم أن الحلم حرام؟ دعوها تحلم فقد خذلها الواقع أيما خذلان.
تحلم بفارسها يمتطي حصانه الأبيض ليسرقها من هذه الدُنيا لدُنياً أخرى, من هذا الواقع الأليم والمجتمع المزيف الذي قلما تجده يطالع الكتب ويغذي عقله بشيء منها, فالكتب كما هو معروف هي غذاء للعقل ودواء للروح, لا أستطِع تخيل مدى جهل مجتمع لا يمت لمطالعة الكتب بصلة, حقاً أن الكتب هي أغنى ثروة تتركها لأحفادك بعد رحيلك عنهم.

تُبحر ريان بخيالها وأمانيها حتى تأخذ موضوع الفارس على محمل الجد, تحلم بأن يأتيها فارسها بملامحه الحادة التي رسمتها بمخيلتها وأمانيها, بجسده المفتول بالعضلات, بكلامه الذي تُشّبهه بالعسل,بعينيه الكبيرتان ذات اللون الأسود, وتبقى على هذه الحالة, تحلم وتحلم, وتحلم. تتشبث بالكتاب وتحضنه بعدما تنتهي من الرواية كأنها تحضن فارسها, تمطر عيونها دمعاً ثم تُعيد الكتاب وتخرج.
في يوم ميلادها وتحديداً بعد الظهيرة حيث قضت صباحها في العمل, ذهبت ريان للمكتبة لتتمتع بالقراءة قليلاً عسى أن يغادرها خوفها عند القراءة, كانت جمعة مشئومة, كانت ترتدي معطفاً جميلاً وكعبٍ عالٍ يزيد تألقها ألقً وترنحاً في تمشيها, تدخل تلك المكتبة ببابها الخشبي الشبه المخلوع, حتى أنها لا تستطيع طرق ذلك الباب, لا أعرف السبب بالضبط, لا أدري أن كانت مترددة أم أن السبب يكمن بضعف سمع صاحب المكتبة, نعم هذا هو السبب الأكثر منطقية, يبدوا أن سمعه ضعيف بعض الشيء.
• السلام عليكم, مرحبا عم تيسير
o عليكم السلام, أهلاً وسهلاً أيتها المتميزة
• واضح انك بأحسن حال اليوم, أهناك جديد؟
o كيف لا واليوم ميلادكِ؟ ستجدين الجديد متراكم هناك بآخر المكتبة لم أرتبه بعد
أسرعت متلهفة لآخر المكتبة جلست على أرضيتها البالية, وجدت الكثير والكثير من الكتب غريبة العناوين, تيقنت أنها ثمينة ونادرة فهي لن تجدها على الإنترنت, على أية حال بقت تبحث وتبحث بين الكتب عن الروايات التي تستلهمها, وجدت كُتل متراكمة منها فأتبعتها الحيرة إثر الحيرة وتساؤلات عديدة تكبدت برأسها عن أي كتاب ستقرأ من بين تلك الزحمة.
لمح نظرها رواية عنونها "أنتِ لي", أعادت النظر للكتاب بتمعن, يبدوا أن الرواية التي وجدتها قديمة للغاية بالكاد تستطيع أن تمسك ورقة ولا تتمزق, حتى إنها لم تستطِع التعرف على أسم الكاتب
• يا للغرابة! يبدوا واضحاً أن هذا الكتاب ليس ذاته كتاب "أنتَ لي" لكاتبته "منى المرشود! حتى غلاف هذا يختلف عن ذاك..!
ثم صاحت
• يا عم, يا عم, ما فكرة هذه الرواية؟؟
وأشارت بالكتاب نحو العم تيسير ليراه. بدا أنه لم يلتفت ليرى الكتاب فأجابها
o أي رواية تقصدين
• أنظر هنا للحظة من فضلك
فالتفت العم وأجابها بارتباك واضح:
o أأأ كلا يا أبنتي, كلا, لا فكرة لدي عن الرواية, اقرئيه ثم أخبريني برأيك عنها
• حسناً
أخذت الكتاب بلهفة واتكأت على رف المكتبة, أقسم أن الرف كاد يسقط فقد كان بالياً, على أية حال, راحت ريان تُقلّب صفحات الرواية, يبدو أنها ركزت بمقدمتها...
"هذا الكتاب مخصص للجنس الرقيق, إن كنت رجلاً أرجوك أن تُعيد الكتاب إلى حيث جئت به, وإن نقيض ذلك فأرجوا أن تركزي بكلماتي يا آنسة, أود بادئ ذي بدء أن أحذركِ من اقتناء هذا الكتاب فبالإضافة للعواقب الوخيمة التي ستسببينها لنفسكِ جراء قراءته فهو ممل, وممل جداً إن أردتِ الحق, أنا يا عزيزتي لن أنقش هذه الكلمات لأنني كاتب, ولا لأحصل على الشهرة الزائفة, قد أحصل على بعض النقود لكن ليس هذا الهدف الأساسي من الكتاب, آنستي, هذه الرواية مقسمة لستة أجزاء, ستكونين أنتِ بطلة الجزء السابع, بالطبع لن تصبحي كذلك إن لم تُنهي صفحات هذه الرواية. إذاً؟ أترغبين لعب دور البطلة؟, أود أخباركِ أيضاً إنكِ بعد إنهائكِ هذا الكتاب ستُحبينني, وسأكون بجانبكِ كل الوقت, سيحوم طيفي بغرفتكِ وبكل أرجاء المنزل, سأرافقكِ بالعمل حتى, لن أدعكِ وحيدة ولو للحظة, رائحة عطري ستترنح بأنفك ولن تغادرك أبداً, أرجوكِ, قبل أن تبدئي القراءة, إن كُنتِ متزوجة أعيدي الرواية لمكانها فالخيانة أمر شنيع"

#يتبع

أنتِ ليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن